في إسرائيل تطال العنصرية الفلسطينيين حتى لو كانوا "عربا صالحين" ورجالا في شرطتها أو جيشها، كما يستدل من حادثة كشفت عنها إذاعة جيش الاحتلال أمس. ووفق تقرير الإذاعة نظمت الشرطة الإسرائيلية قبل نحو عشرة أيام احتفالية خاصة بمناسبة "عيد المساخر" اليهودي شارك فيها العشرات من أفرادها في منطقة تل أبيب، من بينهم عدد قليل من العرب. وتمت دعوة دودو أهارون، المغني الإسرائيلي، وسادت أجواء فرح احتفالية، وقبيل نهايتها بادر شرطي عربي لغناء أغنية شعبية بالعبرية حول المطر انتشرت في الآونة الأخيرة في الشبكة العنكبوتية ورقصوا سوية على وقعها. بيد أن اثنين من شرطة حرس الحدود ممن كانوا ينتحون جانبا لم تعجبهما المبادرة فقاما برشق كؤوس زجاجية نحو الشرطي العربي فتهشمت وتطايرت شظاياها بجواره هو وزملائه وبأعجوبة لم يصب أحد منهم. وتتابع الإذاعة "عندها تقدم الشرطي العربي نحوهما وسأل عن الدافع لمهاجمتهما له فانقضا عليه ودفعاه طالبين منه الانصراف فورا لكنه عاد وسأل محاولا فهم ما يجري فقام أحدهما بصفعه بقوة وسارع بقية رجال الشرطة للفصل بين المعتدين وبين المعتدى عليه دون جدوى، حيث انضم عدد من رجال الشرطة اليهود للشرطيين المعتدين وأخذوا يشتمون الشرطي العربي وزملاءه العرب بشتائم عنصرية ومهينة". وفي حديث للإذاعة أعرب عدد من هؤلاء عن قلقهم من الحادثة وكشفوا أن قائد المنطقة التي يخدمون فيها لم يستنكر بعد السلوك العنصري، وتساءلوا هل كانت ستكون هذه النتيجة لو تعرض رجال شرطة يهود لمعاملة مهينة؟
وقالت الإذاعة إن الجهة الوحيدة التي أدهشها الموقف هم أصحاب صالة الأفراح ممن استغربوا تصرف رجال الشرطة اليهود. وعقبت الشرطة الإسرائيلية على الحادثة بالقول إنها تنظر بخطورة بالغة وإنها قيد العلاج في لواء تل أبيب.
وفي سياق متصل يواصل ناشطون إسرائيليون التحريض على متجندين عرب لجيش الاحتلال من الدروز والبدو ويصفونهم في صفحة على الفيسبوك بالطابور الخامس. وإذا كانت هذه هي حال ممن يختارون الخدمة في الأجهزة الأمنية الخاصة بالاحتلال فما بالك بالتعامل مع الفلسطينيين في أراضي 48 والفلسطينيين عامة؟
تقرير رصد العنصرية الذي تم طرحه في البرلمان الإسرائيلي من قبل نواب عرب أمس يقدم الجواب، وهو متوقع جدا إذ يظهر أن العنصرية في إسرائيل تتغذى من السياسات والتصريحات الرسمية وهي تطال مختلف مناحي الحياة. وانتقد المحامي رئيس الإئتلاف لمناهضة العنصرية المحامي نضال عثمان مؤسسات تطبيق القانون بدءا من المحاكم التي تحوّلت إلى "أداة" بيد الشرطة التي تتعامل بعدائية مع اليهود من أصل اثيوبي والعرب. وقال في السياق: يجب العمل على تثقيف الطلاب وأبناء الشبيبة لحقوقهم، وفي المقابل مطالبة وإجبار الشرطة بتحديد معايير الاعتقال من خلال سن قانون عادي او ضمن تعديلات على الأنظمة تضمن عدم تجاوز الشرطة واعتدائها على أبناء الشبيبة ان كان خلال الاعتقالات او في التحقيقات ووقف سياسة التصنيف العرقي، فليس كل عربي متهمًا حتى يثبت العكس.
وتؤكد عضو الكنيست عن المشتركة عايدة توما أن حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو تقود مسيرة تحريض وتجريم ضد جميع الفئات التي تختلف عنها حتى في أصغر الاختلافات.
ويوضح النائب يوسف جبارين، رئيس "اللوبي البرلماني للعيش المشترك" أن جهاز التربية والتعليم في إسرائيل يرسب بكل امتحان في مجال حقوق الإنسان والمساواة، مشيرا لوجود سياسة قمع ممنهجة لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة المشتركة في مناهج التعليم. وأضاف" جهاز التربية والتعليم في إسرائيل يرسخ أسس الفوقية اليهودية في المناهج، وهذا ما نجده بوضوح في كتاب المدنيات الجديد الذي يخدم أجندة وأيديولوجية وزير التعليم نفتالي بينت وحزبه الاستيطاني، ويتنكر للهوية الفلسطينية والثقافية الجامعة للأقلية العربية في البلاد".
وأكد أن "الجيل الشاب في المجتمع اليهودي يتأثر بالأجواء السياسية المليئة بالتحريض العنصري، وخاصة تحريض رئيس الحكومة، الذي قال مثلًا إن النواب العرب يتحدثون وأعلام داعش من ورائهم، وتحريض وزير الأمن افيغدور ليبرمان الذي دعا إلى ترانسفير للعرب".
وبالأمس اضطر وزير شرطة الاحتلال للإعلان عن إبعاد فوري لشرطي ضبطته الكاميرا وهو يوقف سائق شاحنة فلسطينيا والاعتداء عليه بالضرب. وطالب النواب العرب وزير الشرطة باعتقال المعتدي وعدم الاكتفاء بإبعاده وتشكيل لجنة للتحقيق.
