لن نسهب كثيرا في مدلولات اغتيال احد القادة الميدانيين للقسام ولحماس بالقدر الذي يعطينا هذا المؤشر وهذا المدلول الى ترجمة مبنية على استقراءات تتعلق بالماضي وبالتجربة من سلسلة تصفيات اصابت القيادات والرموز الوطنية سواء في الصف الاول او الثاني او الثالث ملحوقا بنشطاء ميدانيين ، وما هو جديد من استهدافات لاسرى محررين سواء في الضفة والتي لحقت بها غزة ، والوجه العام المباشر الذي يتم به استهداف النشطاء في المخيمات الفلسطينية في الضفة ، واما خارج الوطن والذي بدأ بتصفية اكبر مخيم في سوريا وما يمثله مخيم اليرموك الى الاحداث العنيفة الدائرة في اكبر مخيمات اللاجئين في لبنان "" عين الحلوة ".
لابد من الرجوع لهذا التاريخ من الاغتيالات والتصفيات منذ عملية الفردان في 10 ابريل عام 1973 التي استهدفت رأس المقاومة والحركة الوطنية ابو يوسف النجار والكمالين وان سبقها عدة اغتيالات لقادة ميدانيين ومرورا بعمليات الموساد في اوروبا وقبرص التي استهدفت كوادر من كافة اتجاهات الحركة الوطنية الى تونس واغتيال رأس المقاومة ايضا ابو جهاد الوزير وتلاها العقل المفكر لحركة فتح صلاح خلف ابو اياد وابو الهول والعمري ، والقائمة تطول وصولا الى الشيخ احمد ياسين المؤسس لحركة حماس والرنتيسي العقل المفكر والمقاوم لحماس ايضا وعياش وقادة ميدانيين سواء في غزة والضفة ومن قبلها اغتيال الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الاسلامي في الثمانينات والى الجعبري والان الاسير المحرر مازن فقهاء وهو من قادة الصنع المقاوم والمبتكر ميدانيا حاملا ملف الضفة الغربية والعمليات النوعية والى مهندس الطيران التونسي الجنسية الزواري والى ملاحقة ابطال عملية ميونخ واغتيالهم . والقائمة تطول في صراع الشعب الفلسطيني مع الحركة الصهيونية واحتلالها للارض الفلسطينية .
تلك العمليات المتعدة والكثيرة التي نفذها الموساد او عملاء الموساد بالتنفيذ المباشر او بالدعم اللوجستي لتنفيذها لا تختلف كثيرا عن بعضها وان كانت صفة الزمان والمكان قد يستجد فيها بعض الاليات وطريقة التنفيذ ولكن جوهرها واحد ... ولا عملية امنية بدون ثغرات واهمال امني يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني من خيرة قادته وابنائه .
قد تكون حالة الاسترخاء والهدوء والتهدئة وبعض المغازلات الدبلوماسية سواء مباشرة او غير مباشرة هي الارض الخصبة التي ينفذ فيها العدو عملياته مضافا اليها الان التنسيق الامني بموجب التزام القيادة الفلسطينية بعملية السلام كخيار استراتيجي وهو من افرازات اتفاقية اوسلو والتزاماتها وبما يسمى اكذوبة سلام الشجعان والتي دفع ثمنها ياسر عرفات نفسه .
العبرة والدراسة الجدية لم تتوفر للان في الجانب الفلسطيني والدراسة جديدة لمنهجية الموساد الامنية وان كانت في بعض المراحل ان كانت اجهزة الامن الفلسطينية تمثل خطورة على اجهزة الموساد في الساحات الخارجية بل كانت تتم ملاحقتهم الى ان تدخلت المانيا وفرنسا بميثاق شرف مع الفلسطينيين والاسرائيليين بان لا تكون هناك على اراضيهم عمليات دموية ورحم الله الشهيد "" عاطف بسيسو ".
ولكن المؤشر الهام ولأي عمل امني فهو في خدمة توجه سياسي ومرحلة فلقد دفع الفلسطينيين القادة وقادة ميدانيين شهداء كتبويب لمرحلة جديدة ولتنازل جديد وهذا المفهوم من عمق التجربة الفلسطينية بدأ من الشهداء الثلاث في عملية الفردان والذي اتى من بعدهم الحل المرحلي والنقاط العشر الى اغتيال ابو اياد وابو جهاد وعاطف بسيسو للدخول في اوسلو وملفاتها الامنية ومرورا باغتيال الشيخ احمد ياسين والرنتيسي وابو عمار للدخول في الانقسام المميت للشعب الفلسطيني بادوات الفصائل والاختلاف في المنهج والبرنامج لتطلق اسرائيل مشاريعها السياسية والامنية المختلفة وصولا للحل الاقتصادي الامني وروابط المدن وإجهاض الحد الادنى لما تطالب به قيادة التنازلات الفلسطينية وهو حل الدولتين بدويلة في بقايا الوطن .
قد ياخذنا حال عملية الاغتيال التي نفذت وبالاقرب من عملاء للموساد ومن خلايا نائمة تم تدريبها باتقان شديد بان هناك خللا امنيا وان لم تستطيع اسرائيل بدفع مجموعات اغتيالاتها عبر البحر او الحدود ... ومنهم من يقول اسرائيل بعملية الاغتيال غيرت قواعد اللعبة وارى ان اسرائيل لم تغير قواعد اللعبة منذ عملياتها التي نفذتها في الداخل والخارج عبر مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ولكن الفلسطينيون لم يستطيعوا تغيير قواعد اللعبة للعبة دائمة تستخدمها اسرائيل .
وقد نترجم ما رشح من معلومات صرح بها قادة حماس عن طبيعة هذه العملية بالاتي :
1- المنفذ عملاء الموساد
2- استخدام كواتم الصوت
3- الدقة المباشرة في التصويب وهو احتراف
4- دعم لوجستي ورصد دقيق
5- عمليات تمويه بطيران بدون طيار وعمليات قصف مدفعي في بعض مناطق الحدود
6- مكان تنفيذ العملية وزمانه وهو مدخل العمارة
7- تغطية تنشر اسرائيل من خلالها قائمة لاسماء المستهدفين
8- رسالة لقادة حماس الجدد بعدم الخروج سياسيا وامنيا عن المنوال السائد
اما ما هو مؤشر اهم وبناء على الاطروحات السياسية القادمة ونظرة ترامب ونتنياهو وباعتبار ان غزة هي احد المعوقات الكبرى لتنفيذ تلك الاطروحات وما هو معروض سياسيا على مؤتمر القمة وقناعات الرئيس الفلسطيني لكثير من اطروحات ترامب فانا نخشى من حالة فوضى امنية متدرجة قد تستهدف نشطاء لخلخلة الطمأنينة والامن في غزة وتمهيدا لتصفية مطلوبة تفرضها المرحلة كما كان في التجربة الفلسطينية عبر مسيرتها تستهدف رؤوس قادة الفصائل وعلى راسهم حماس والجهاد وبعض من فتح والشعبية .... ولذلك الحذر مطلوب والاستفادة من حالة الالتفاف الشعبي الغاضب من تلك التصفيات ، والابتعاد عن ردات الفعل وخندق استدارجي يصبه العدو وبعض القوى لتنفيذ سيناريو قد يكون اكثر ايلاما على الشعب الفلسطيني والقضية وقادة المقاومة .
بقلم/ سميح خلف