ما زالت مدينة طوباس شمال الضفة الغربية تتذكر وتتحدث عن الشهيد مازن فقهاء الذي اغتيل في قطاع غزة، فهو ابن المدينة وولد فيها في 1979 وعاش فيها حتى اعتقاله في 2002. ودرس الفقهاء في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس في تخصص إدارة الأعمال وتخرج في 2001.
لكن دور الشهيد فقهاء برز منذ دخوله الجامعة في صفوف الكتلة الإسلامية فيها، وهناك بدأ مشواره مع مجموعة من قادة العمل العسكري لـ"كتائب القسام" (الجناح العسكري لحركة حماس) أمثال سليم حجة وقيس عدوان ومهند الطاهر وأبو هنود والسركجي وغيرهم.
وعقب حصوله على شهادة البكالوريوس من جامعة النجاح اعتقل من قبل جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني بعد إدراج اسمه على قوائم المخابرات الأمريكية ( سي آي أي)، لكن الضغط الشعبي على السلطة وأجهزتها الأمنية أدى إلى إطلاق سراحه ليصبح مطلوباً لدى الاحتلال وأجهزته الأمنية.
وقد أعادت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقاله مرة أخرى في العام نفسه، ثم أُفرج عنه من جديد بعد ضغط الأهالي، ليعود إلى العمل المقاوم وإعداد المجموعات القسامية، حيث أشرف على عدد من العمليات في منطقة الأغوار، أبرزها عملية معسكر تياسير المجاور لطوباس، والتي راح ضحيتها قائد المعسكر في مارس/ آذار 2002، فضلا عن هجمات أخرى على المستوطنات القريبة من طوباس.
وعقب الضربات التي تلقتها كتائب القسام في جنين وطوباس باغتيال واعتقال عدد كبير من قادتها، عمد الشهيد فقهاء وبعض القادة إلى تشكيل لجان المقاومة الشعبية، بهدف توسيع قاعدة المقاومين والقيام بمهمات ملاحقة العملاء المتورطين في تصفية المقاومين على أرض طوباس.
بعد اغتيال الشهيد صلاح شحادة في قطاع غزة، والذي يعد أحد أبرز قادة حركة حماس وكتائب القسام، شارك الشهيد فقهاء في الرد على عملية الاغتيال واتهمه الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء تخطيط عملية حافلة صفد الاستشهادية التي قتل فيها تسعة مستوطنين يهود وأصيب أكثر من أربعين آخرين.
وذكر المدون الفلسطيني محمد أبو علان من طوباس لصحيفة "القدس العربي" اللندنية فقد تمكن أفراد وحدة دوفدوفان التابعة لجيش الاحتلال من اعتقال فقهاء وعدد من رفاقه بعد العملية الفدائية في أحد المنازل في مدينة طوباس وتحديداً في الخامس من شهر آب/ أغسطس من 2002، ليحكم عليه بالمؤبد تسع مرات و50 عاماً.
وبعد أن أمضى الشهيد فقهاء 10 سنوات متنقلا بين سجون الاحتلال، أٌفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار أو "صفقة شاليط" كما عرفت عام 2011 وأبعد إلى قطاع غزة مع عدد من الأسرى المحررين. ورغم الإبعاد إلا أن المخابرات الإسرائيلية اقتحمت منزل عائلته في طوباس عدة مرات، وهددت عائلته باغتياله ان لم يتوقف عن العمل في المقاومة حتى أن أحد ضباط المخابرات هاتفه من بيت عائلته في طوباس مهدداً بعد أن طلب من والد مازن الاتصال به.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2013 زعمت صحيفة "هآرتس" العبرية أن حركة حماس أقامت من جديد قيادة الجناح العسكري في الضفة الغربية المحتلة، ولكنها تُدار من قطاع غزة عبر أسرى محررين بصفقة "وفاء الأحرار" من بينهم الشهيد مازن فقهاء.
وتزوج الشهيد فقهاء بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال بفلسطينية من قرية تل القريبة من نابلس، بعد أن سافرت إليه في غزة عبر مصر إلى معبر رفح برفقة والديه، وله منها طفلان هما سما ومحمد، وهم ما زالوا يقيمون في قطاع غزة.