قام عشرات الفلسطينيين، ظهر اليوم الأربعاء، بزراعة أشجار الزيتون، على بُعد مئات الأمتار من الشريط الحدودي، الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، شرقي محافظة رفح، جنوبي القطاع؛ إحياءً لذكرى يوم الأرض الـ 41 التي تصادف غد الخميس 30 مارس/آذار من كل عام.
يوم الأرض الفلسطيني، هو يوم يُحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كلِ سنة؛ تَعود أحداثه لآذار 1976، بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة؛ على أثر ذلك عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت على أثرها مواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وأُصيب واعتقل المئات.
ويُعتبر يوم الأرض حدثًا محوريًا في الصراع على الأرض، وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الإسرائيلي، كون هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين، منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.
وأنطلق المشاركون في زراعة أشجار الزيتون، من وسط رفح على متن حافلات، تجاه الحدود الشرقية لبلدة الشوكة، القريبة من الشريط الحدودي الفاصل مع الأراضي الفلسطينية المُحتلة عام 48، وسط هتافات مناوئة للاحتلال، وأخرى تُطالب بالوحدة وإنهاء الانقسام لمجابهة كافة مخططاته.
وحمل المشاركون بدعوة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أعلام فلسطينية، وحملوا لافتات كُتب على بعضها "ذكرى يوم الأرض الخالد، كل الدعم للمزارعين ولصمود مناطق التماس، لمواجهة سياسة الحزام الأمني، والمناطق العازلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مسؤول مكتب الجبهة الديمقراطية برفح إبراهيم أبو حميد، لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، : "جئنا اليوم لنرسل رسالة من المنطقة الحدودية الفاصلة مع الأراضي المُحتلة، لنؤكد أحقيتنا بأرضنا، ورفضنا المُطلق لسياسة استهداف مزارعي الحدود من قبل الاحتلال، وفرض المنطقة العازلة على بعد أكثر من 300متر عن الحدود".
وأضاف أبو حميد "كما جئنا لنؤكد التمسك بالحقوق الوطنية المشروعة في ذكرى يوم الأرض، الذي هبت فيه الجماهير الفلسطينية العربية في الداخل المُحتل، مُعلنة صرخةً احتجاجيةً في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد التي انتهجتها إسرائيل ضد الفلسطينيين".
وشدد على أن الفلسطينيون يؤكدون في هذه الذكرى على التمسك والتشبُث في الأرض، والعزم والقسم للعودة إلى أرضنا، وترسيخ مفهوم التمسك بالأرض والهوية؛ مؤكدًا أن الفلسطيني في هذه الذكرى يؤكد مُجددًا على علاقته الوطيدة والمتميزة مع أرضه.
ولفت أبو حميد إلى أن يوم الأرض شكل معلمًا بارزًا في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني عن حقوقه، خاصة نضاله للحفاظ على أرض أجداده وآبائه، وتشبُثه بهويتهم الوطنية، وحقه في الدفاع عن وجوده، رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي كانت وما تزال تمارسها إسرائيل بحقه، بُغية إبعاده عن أرضه.
ووجه التحية لأصحاب الأراضي والمزارعين والكادحين، الذين يتعرضون بشكل يومي إلى عنصرية وانتهاكات الاحتلال، من استهداف أراضيهم ورش المبيدات التي تضر بالمحاصيل الزراعية، رغم تلك الاعتداءات وغيرها ما زالوا متمسكين بأرضهم، ويواصلون فلاحتها.
ودعا أبو حميد لمساندة المزارعين وسكان المناطق الحدودية الشرقية والشمالية من قطاع غزة، وتقديم كامل الدعم لهم، لتعزيز صمودهم، وتمكينهم من مُجابهة المحاولات الإسرائيلية المُختلفة لقلعهم من أرضهم وتهجيرهم منها، وإجبارهم لتركه قحط، لتتحول مسرح سهل للاحتياجات الإسرائيلية.
ووجه التحية للشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل وقف سياسات الاحتلال، من تهجير وقمع واقتلاع واستيلاء وتهويد.الأرض..، لفرض وقائع ديموغرافية وجغرافية تخدم سياسة الاحتلال والاستيطان؛ مُشيدًا في الوقت ذاته بصمود أهالي الضفة الغربية والقدس والداخل المُحتل في وجه المخططات الإسرائيلية.
بدورها، قالت مسئولة لجان العمل النسائي في الجبهة برفح نسرين أبو عمرة، لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : إنّ "المرأة تحرص على المشاركة بجانب الرجل في هذه الفعاليات، لتؤكد أنها شريكة النضال والكفاح الفلسطيني، وأنها قادرة على صناعة القرار".
ولفتت أبو عمرة إلى أن الفلسطينيين بقوا وما زالوا متمسكين بحقوقهم، وبشكل مستمر يقفون بجانب سكان الحدود، والمزارعين، ويعملون على تعزيز صمودهم، ليس فقط من خلال فعاليات موسمية، وإن كانت تلك الفعاليات جزءًا من عوامل الصمود ووجه من أوجه الدعم المعنوي لهؤلاء الناس، ولسكان الضفة والقدس والداخل.
أما، محمد الحسنات أحد المشاركين في زراعة أشجار الزيتون، يُشدد لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، على أنه يحرص باستمرار المشاركة في أي فعاليات تهدف لتعزيز صمود المزارعين وسكان الحدود الشرقية، خاصة فعالية يوم الأرض، ويشارك بنفسه بزراعة الأشجار.
وأكد الحسنات أن زراعة أشجار الزيتون وإن بدت في ظاهرها معنوية، لكن في جوهرها تعمل معاني كثيرة، أبرزها "أننا متمسكون بأرضنا، ولن نتخلى عنها، ولن يتمكن الاحتلال من خلال التوغلات عمليات القصف من تحويلها لأرض جرداء، وتهجير أهلها، وثنيهم على مواصلة زراعتها".
ونوه إلى أن لأشجار الزيتون دلالات كثيرة، ورسائل موجهة لسكان الداخل المحتل على وجه الخصوص، أننا معهم ما بقي الزعتر والزيتون، وندعم صمودهم، ونقف خلفهم، ونشاركهم المعاناة التي يعانونها، بفعل الاستيلاء المتواصل على ملكياتهم من أراضي ومنازل.
