بداية لن أتطرق إلى يوم الأم ،من حيث المشروعية من الجانب الديني أو العدم ،ولست بصدد الجواز أو التحريم ،ولا أتكلم هنا عن فضل الأم، ودورنا تجاهها... فهناك الكثير من المجلدات التي تطرقت إلى ذاك الأمر ،ولكني أحبائي يامن ترشفون من كأس الكلمة الحرة ،والكلمة المعبرة عما يجول في حنايا الآخرين ، أرى أن تحديد يوما كهذا من كل عام ،هو من الجانب الأخر، وبرؤيتي الضيقة ،وبعيدا عن جو البهجة والسرور وسط الأهازيج ، والأغاني ، والزيارات والهدايا في مثل ذلك اليوم ...أقول أن الاحتفال بيوم الأم ،هو فتح بوابة جديدة أو نافذة كانت قد أغلقت لقلوب ٍ عشقت بكل صفاء حروف كلمة الأم ،تلك القلوب الجرحى ، بعدما داهمتها الهموم والأحزان والأسى ...وذاك هو الشعور لكل الذين فقدوا أمهاتهم ، وغابت عنهم ، أرق وأرقى المشاعر الإنسانية التي كانت تحتضنهم، بكل صمت ووفاء وحب ... وعلينا احترام وتقدير مشاعرهم ، فالذين فقدوا أمهاتهم ،لا يسعني سوى أن أقول لهم لاتنسوا الدعاء ،فرحم الله جميع أمهات المسلمين ، وجعلهن الله من سيدات أهل الجنة ،اللهم اجعل الحوض موردا لهن والرسول شافعا لهن يا أرحم الأرحمين ...وأود أن أشير كذلك لمن هم أمهاتهم على قيد الحياة ... أن تسألوا أنفسكم بالله عليكم كيف هي علاقتكم بأمهاتكم...؟! فإن قصرتم فتراجعوا بسرعة ،واكسبوا رضاهن ، قبل أن تندموا في يوم ٍ لا ينفع فيه الندم ...سارعوا قبل أن تنطفئ الشمعة التي تضيء الكون بهجة ووئاما ،... فتصبح مجرد بقايا ،لا تتصوروا أنكم بتقديكم الهدايا لأمهاتكم ، تكونوا قد نلتم الرضا ،بل عليكم الاعتراف بما أسأتم ، وطلب السماح بكل ود وحب وحنان ،وتراجعوا عما أسأتم وعجبا للذين يحتفون بأمهاتهم بكل وقاحة ،بأحد دور رعايا المسنين ...! وعلينا أن نعلم جميعا أن ، الهدية الراقية المحمودة التي يفوح عبيرها ، ويبقى أثرها شاهدا علينا ، بكل روعة وجمال هو إتباع قول الحق سبحانه من قوله تعالى : "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" .
بقلم/ حامد أبوعمرة