ثمة ما يشير إلى الخروج عن السياق العام المعمول به في السياسة الأمريكية وأن هناك إرهاصات ومقدمات لعقد صفقة بين محمود عباس ونتنياهو برعاية ترامب أو بفرضياته للعملية السلمية لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتي عبر عنها عباس في إحدى تصريحاته" بانه يتفق مع ترامب " أي يعني على جوهر المرتكزات الامريكية الجديدة القديمة لعملية التفاوض وربما أخذ عباس بعض التطمينات بخصوص نقل السفارة الأمريكية للقدس بأن لا تتم إلا من خلال إحدى النتائج لتسوية فلسطينية إسرائيلية ، والكتل الاستيطانية القديمة التي تم الاتفاق عليها مسبقا بين أولمرت وصائب عريقات وتأييد كيري لها فيما بعد بين الطرفين تحت مبدأ تبادلية الأراضي .
سياسة ترامب قد تختلف عن سياسة الإدارة الأمريكية وسياسة أوباما وإن كانت المرتكزات الأساسية بخصوص مباديء حل الأزمة والصراع في جوهرها واحد ... فترامب يريد عقد صفقة كإحدى الصفقات التجارية لشركة أمن امريكية جوهرها اقتصادي في المنطقة وعقد الصفقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تبويب لعقد صفقات أخرى في سوريا وليبيا واليمن ، ترامب العقلية التجارية والاقتصادية التي جعلت منه مليرديرا ومكنته من قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبرغم خصوماته القوية في المؤسسات الامريكية العميقة .
بالتأكيد إن هناك ما يحدث تحت الطاولة وبالتحديد في التحرك المكوكي لمبعوث الرئيس الامريكي غرينبلات وحضورة مؤتمر القمة على البحر الميت ولقاءاته من نتنياهو وعباس وزعماء وملوك دول الطوق وقد نستقريء التحرك الامريكي الجديد وموقفه من النفوذ الإقليمي العامل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو تحجيم الدور القطري التركي والنيراني لتعود مسارات القضية الفلسطينية إلى الدول التاريخية فيه وهي مصر والأردن وهي القادرة مع عباس لفرض تسوية بمنظور صفقة ترامب نتنياهو والتي يتلقفها عباس للخروج من أزماته المتعددة .
اتضح من الموقف الامريكي وهو كما الرئيس الامريكي ترامب بأنه" يمكن عقد صفقة مع عباس الآن " وقد يكون تقدير الموقف للرئيس الأمريكي يقترب من معرفة جيدة لتفاصيل الملف الفلسطيني..فالشعب الفلسطيني وما يعانيه من انقسام وتشتت ثقافي وبطالة وفقر واهتماماته الآن بتوفير لقمة العيش لأبنائه هي أجواء خصبة لعقد تلك الصفقة على حساب شعب منهك ضعيف ومستضعف فالديموقراطية الامريكية وريادتها للعالم تستثني الشعب الفلسطيني من تلك المستوجبات والحقوق الإنسانية والوطنية..فنظرية الأمن الإسرائيلي أولا وثانيا وثالثا.. فلقد سمحت إسرائيل في الأيام الماضية بدخول معدات عسكرية وعربات لقوى ا
الأمن للسلطة وتوسيع صلاحياتها الأمنية في المنطقة "ج" فالشرعيات لقوى الأمن ومهاما في المرحلة المقبلة ، فامريكا لا تريد شرعيات الآن في الساحة الفلسطينية وهي تعرف أن عباس فاقد للشرعية بحكم اللوائح والقوانيين والنظام الاساسي وكذلك اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ووفدها المفاوض فلا شرعيات في الساحة الفلسطينية ، أمريكا تريد عقد صفقة مع عباس والاجهزة الأمنية ولأن أي صفقة تتطلب ذراع أمنية قوية لتفرضها على الشعب .
من هنا لا نتتظر عقد مجلس وطني أو انتخابات تشريعية ورئاسية بل أمريكا ودول إقليمية التي منحت الشرعية لعباس ولوفده المفاوض تريد أن تعقد صفقتها مع تلك القيادة بصرف النظر عن شرعيتها ومدى قبولها في الشارع الفلسطيني..
غزة لن تكون عثرة أمام عقد تلك الصفقة فالضفة أولا بدويلة شبه الدولة..أما غزة كالحاق أو سيناريوهات أخرى قد يكون بعضا منها قاسيا للجم تمردها .
عباس مستعد كما قال ترامب لنتنياهو والأردن ومصر مستعدتين لأن تلعبا دورا مهما في ذلك وبلقائهما المنتظر مع ترامب..وقد يكون لقاء عباس مع ترامب هو بداية ما هو مطلوب تنفيذه مباديء ترامب التسعة القاتلة ، وإن كانت مصر والأردن وبموقف استباقي للمنظر عملت بمبادرات لإنهاء الخلاف الفتحاوي والانقسام الفلسطيني الذي لم يتجاوب معه عباس فلقد أدركت الدولتان خطورة أن تمرر تلك الصفقة..والانقسام الفتحاوي قائم والانقسام الفلسطيني الفلسطيني بين الضفة وغزة قائم والشرعيات والمؤسسات الفلسطينية معطلة..مما يساعد على الاقتناص والابتزاز من قبل امريكا وإسرائيل لحالة الضعف القائمة .
المبادرة العربية المرنة قد تكون العمود الفقري للصفقة ولكن قد لا يتم تنفيذ كل بنودها وخاصة أن مجلس الوزراء الإسرائيلي ونتنياهو قد أعطيا موافقتهما على بناء مستوطنة جديد..وقبل لقائه بالرئيس الامريكي والآلاف الوحدات السكنية .
هل يفهم الجميع ما يدور أنها صفقة لآنهاء القضية بمنظور امني بحت وبقيادة ليست لها شرعية في الساحة الفلسطينية
(سميح خلف)