من ينظر بعين فاحصة الى الجرائم التي ترتكبها العصابات التكفيرية على الارض السورية وآخرها جريمة التفجير المزدوج التي اودت بحياة اكثر من 59 مواطنا عراقيا من المسلمين الشيعة واوقعت اكثر من 120 جريحا يلاحظ بدون عناء يذكر ان من يحرك اولئك المجرمين هي قوى دولية واقليمية تعمل لمصلحة اسرائيل في المقام الاول .
فليس مصادفة على الاطلاق ان هذه الجريمة المروعة قد ارتكبت بعد يوم واحد فقط من التصريح الذي ادلى به زعيم حركة "النجباء" العراقية معلنا أن حركته اعدت جيشا قوامه مائة الف مقاتل للمساهمة في تحرير هضبة الجولان السورية من الاحتلال الاسرائيلي واعادتها الى احضان الدولة السورية .
وهذا ينسجم مع ما قلناه منذ بداية المؤامرة على سوريا ان الهدف منها لم يكن مصلحة الشعب السوري وحقه المشروع في والديمقراطيةوالحرية وانما تحطيم الدولة السورية بكل مكوناتها وتحديدا جيشها وتجزئتها واخراجها من خندق المواجهة مع اسرائيل الى حظيرة التحالف معها اسوة بالنظام الرسمي العربي .
ولذالك لم يكن غريبا على الاطلاق ان تسارع اسرائيل الى تقديم الدعم العسكري والسياسي واللوجستي لتلك العصابات التكفيرية التي تحارب الدولة السورية وتقديم العلاج لجرحاها في المشافي الاسرائيلية ونجدتها من خلال قصف القوات السورية حينما يشتد طوق الخناق حولها او تخسر مواقعها .
واذا كان الضالعون في تلك المؤامرة واعون ومدركون لكل ما يفعلون بحكم ارتباطهم مصلحيا بكل القوى المعادية للشعوب العربية على المستوى الدولي والاقليمي ، اي انهم جزء من معسكر الاعداء ، فان ما يهمنا في هذا السياق اليوم هو تحرير الناس البسطاء ، تحديدا من المسلمين السنة من هذا الفكر الظلامي، واقناعهم بان المسلمين الشيعة هم اخوة لهم بالدين بصرف النظر عن المذهب وبان كل من هو وطني بصرف النظر عن دينه او طائفته او مذهبه على مستوى الاقليم او مستوى العالم هم اخوتهم وحلفاؤهم في معركة واحدة ضد الظلم والاستكبار والاحتلال مهما كان دين هؤلاء او طائفتهم او مذهبهم ,
ويكفي ان نذكر كل من التبس عليهم الامر ، ان الازهر الشريف في عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر كان قد اعتبر المذهب الشيعي الجعفري ،المذهب الخامس في الاسلام ،وبان ايران التي يعتنق غالبية سكانها المذهب الشيعي كانت عدوة لنا ايام كان يحكمها النظام الشاهنشاهي العميل لامريكا واسرائيل والغرب بينما اصبحت حليفة وداعمة لنا منذ انتصار ثورتها الاسلامية بقيادة الامام "الخميني "الذي اغلق سفارة اسرائيل في طهران وسلم مفاتيحها الى الزعيم الشهيد ياسر عرفات .
فهذا الامر في غاية الاهمية لان حرف البوصلة وتصوير كل من يدعمنا وعلى راسهم ايران بانهم اعداء لنا ، رغم ان رسولنا الكريم محمد "صلعم " انه لا فرق بين عربي وعجمي الا بالتقوى هو خدمة مجانية لمعسكر الاعداء ومساهمة سواء شاؤوا ام ابوا في الجهد الرامي الى تصفية القضية الفلسطينية واشغال الجماهير العربية عنها باعتبارها قضية العرب والمسلمين الاولى باعداء وهميين بدل انشغالها في مواجهة عدوها الرئيسي وانظمتها المستبدة ومشاكلها الحقيقية .
على ضوء ما تقدم فان المطلوب اليوم هو خوض صراع فكري لا هوادة فيه ضد كل الاتجاهات التي حرفت الدين الاسلامي الحنيف وشوهته امام امم الارض من خلال تكفير الناس وقتلهم بدل دعوتهم للاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، خدمة لمصالحها الطبقية الضيقة ، ليس لاعادتها جادة الصواب فهذا امر محال بطبيعة الحال وانما لتحرير الناس البسطاء من اسر افكارهم الهدامة .
فهذه المعركة هي صراع بين من يريد للدين الاسلامي ان يكون "أفيونا للشعوب " اي اداة للظلام والغيبية والتخلف والجهل وبين من له ان يكون اداة للتنوير والتحرير والتطور ، وشتان بين الطرفين .
بقلم : محمد النوباني
