الى وزارة الداخلية، مع التحية: ما الأمر يا ولي الأمر إن كنت أنت ولي الأمر؟!

بقلم: أيوب عثمان

راعني كثيراً – كما بالتأكيد راع كثيرين كثيرين غيري - تصريح وزارة الداخلية والأمن الوطني الذي جاء فيه أن الوزارة تعلن عن عزمها اتخاذ إجراءات مشددة ضد عملاء الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة خلال الساعات والأيام القادمة بما يحفظ أمن مجتمعنا الفلسطيني!!! راعني حقاً أن وزارة الداخلية والأمن الوطني ما تزال في طور إصدار تصريحات من هذا النوع، وراعني أنها ما تزال في مرحلة النية والعزم على تشديد إجراءاتها – خلال ساعات وأيام قادمات – ضد عملاء الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة الذي من ألصق صفاته إليه وإلى أهله أنه مقاوم ومنكوب ومحاصر في آن!!!

التصريح الصادر عن وزارة الداخلية والأمن الوطني هو في الحقيقة تصريح غريب وعجيب ومريب، ذلك أن مرد الغرابة والريبة والعجب فيه هو حالة الغرابة وعدم التوقع التي تلبست الجميع بدءًا من وزارة الداخلية والأمن الوطني في صاعقة اغتيال الشهيد مازن فقها! فحالة الغرابة والاندهاش وعدم التوقع لم تكن إلَّا نتاجًا لحالة استرخاء أمني ما كان لها في أي حال أن تكون، ذلك أنها لو لم تكن لما كانت الغرابة والدهشة وعدم التوقع، إذ كيف نرى – وداخليتنا هي الأسبق والأعمق كما ينبغي لها أن تكون – أي غرابة ونحن في قطاع غزة المقاوم والمحاصر في آن؟!

إن من الأهمية التي لا مجال لإنكارها أن نمارس التفكير في طرح أسئلة كثيرة تقترب كثيرًا أو تبتعد قليلًا عن بعضها: أكان اغتيال الشهيد فقها ضرورة كي تعلن وزارة الداخلية والأمن الوطني عن عزمها تشديد إجراءاتها ضد العملاء خلال ساعات قادمات؟! ما الذي كان يمنع وزارة الداخلية والأمن الوطني من أن تتخذ ما تشاء من إجراءات ضد العملاء قبل صاعقة اغتيال الشهيد مازن فقها؟! ما الذي كان على وزارة الداخلية والأمن الوطني أن تفعله لو لم تحدث تلك الصاعقة المزلزلة؟! هل ترى وزارة الداخلية والأمن الوطني أن درجة التحوط واليقظة  لديها كانت أقل مما يجب فكان الاسترخاء بديلًا عنها؟! هل نفهم من تصريح وزارة الداخلية  والأمن الوطني الذي أعلنت فيه عزمها على تشديد إجراءاتها ضد العملاء خلال الساعات والأيام القادمات أنها كانت تعيش حالة معاكسة لحالة التشديد التي أعلنت عن عزمها اتخاذها خلال ساعات؟ هل نفهم أن وزارة الداخلية والأمن الوطني كانت تعلم أن هناك عملاء يسرحون ويمرحون كما يشاءون وأنهم ظلوا كذلك إلى أن دكت أركان غزة وداخليتها وأمنها وأهلها وكل فلسطين صاعقة استشهاد فقها؟! أم نفهم أن وزارة الداخلية والأمن الوطني – التي كنا نشعر بمزيد من الأمن والأمان ونحن نرى العشرات من حواجزها في الليل وفي النهار- كانت تدير الأمور الأمنية على نحو مفاده أن قطاع غزة المقاوم والمنكوب والمحاصر في آن هو مكان طاهر مطهر لا عملاء فيه؟!

 

أما آخر الكلام، فصاعقة اغتيال الشهيد مازن فقهاء جعلتني أترحم – كما دائماً -  على أبي الذي علمني أن "اللي يتملس (يتوضاً) بدري بيصلي حاضر!!!"

 

                                                          بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

                                                          كاتب وأكاديمي فلسطيني

                                                         جامعة الأزهر بغزة

                                                       رئيس "جمعية أساتذة الجامعات- فلسطين"