العدوان الأمريكي على سوريا تغيير في قواعد اللعبه وضرب للتفاهمات الأمريكية الروسية

بقلم: علي ابوحبله

الرئيس الأمريكي ترامب اخل بكافة الاتفاقات والتفاهمات مع روسيا ، ضمن عنجهية امريكيه هدف من ورائها ترامب لإعادة الاعتبار لموقع الرئاسة الامريكيه ومحاولا إعادة طمأنة حلفاء أمريكا وممهد الطريق أمام الحلف الجديد لدول الإقليم الذي يضم دولا عربيه وإسرائيل وتركيا ، ضمن المسعى الأمريكي لتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية الذي أرست دعائمه في العراق بعد تقسيم العراق الى فدراليات قسمت على أساس مذهبي وطائفي والمسعى نفسه يسعى لترسيخه في سوريا .

هي الحرب الصليبية التي أعلنها جورج بوش الابن حين أطلق شرارة الحرب على العراق وأفغانستان حين أعلن حربه المزعومة على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر

جنون العظمة هي التي باتت تحكم سياسة ترامب ولسان حاله حين هدف بتوجيه الضربة العسكرية بإطلاق الصواريخ توما هوك من البوارج الامريكيه المتواجدة في شواطئ البحر المتوسط بالتنسيق مع إسرائيل واستهداف قاعدة الشعيرات هدف منه توجيه تحذر لسوريا بعدم استهداف الطائرات الاسرائيليه أو تشكيل أي تهديد لإسرائيل

ولسان حال الرئيس الأمريكي ترامب أنا اللاعب الأكبر في سوريا وفي الشرق الأوسط وفي العالم. روسيا لا شيء إيران لا شيء. وهنا لا بد من التذكير في تعليق الرئيس الصيني شي جين بينغ على مائدة العشاء في منتجع مارالاغو الفاخر في فلوريدا؟ الخنجر في الصدر لا في الظهر..

ونعود للتذكير بجنون عظمة رؤساء أمريكا من الجمهوريين المنتمين لمدرسة الإنجيليين المتصهينيين ويحكمهم في تصرفاتهم وأفعالهم كتاب العدل الإلهي المسيحي .

أطلق الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان برنامج «حرب النجوم» وخلال مؤتمر صحافي مازح وزير الدفاع كاسبار واينبرغر احد الصحافيين بالقول «عليك أن تكتب الآن أن باستطاعتنا أن نقصف .... جهنم».

وهنا فان مسرحية خان شيخون هدفت لتحقيق المقصد الأمريكي للتمهيد لقصف سوريا ، بعودة الكاوبوي الأمريكي ليمارس هواية القوه والبلطجة في حكم العالم ضمن ألاستراتجيه الامريكيه التي تعد امتداد لجورج بوش الابن وهي العودة لسياسة الفوضى ألخلاقه التي أطلقت شرارتها وزيرة الخارجية الامريكيه كوندليزا رايس

وهذه السياسة انقلاب على المفاهيم التي أرسى قواعدها الرئيس السابق اوباما والتي أطلق عليها سياسة اوباما الناعمة

الضربة الامريكيه أعادت لحلفاء أمريكا الثقة بالنفس وتقاطر عملاء أمريكا في المنطقة تأييدهم للضربة الامريكيه لسوريا وهذا يذكرنا بقرار مجلس ألجامعه العربية التي شرعت الحرب على العراق وشرعت للأطلسي ضرب ليبيا وتوجهوا لمجلس الأمن لوضع سوريا تحت الفصل السابع بعد قرارهم بتجميد عضوية سوريا في ألجامعه العربية

تعالت أصوات النشاز للمعارضة السورية وأصوات عربيه أن تضرب التوماهوك القصر الجمهوري ومبنى هيئة الأركان إضافة إلى مؤسسات حساسة أو حساسة جداً في دمشق. احدهم في لبنان استعاد المأثورة الصينية إياها وانتظر الجثة على ضفة النهر. لم تصل....

اللعبة أكثر تعقيداً بكثير من أن تحيط بها أدمغة الزواحف. فواشنطن تعد وتستعد لاستضافة واشنطن قمة عربية - إسرائيلية. دونالد ترامب يريد أن يدخل التاريخ.ليسجل في صفحاته انه تمكن من انخراط إسرائيل في منظومة أمنيه عربيه هدفها تحويل وجهة الصراع مع إيران وتصفية القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية ...

وهنا لا بد وان نستذكر أن محور الصراع على سوريا هدفه الاستحواذ على سوريا ومصادرة القرار السوري

وان تنخرط سوريا في ركاب أمريكا

ونعود لأصل المطالب الامريكيه في عهد جورج بوش الابن بشروط كولن باول بعد الغزو الأمريكي للعراق الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها وان تتخلى سوريا عن حزب الله وقوى المقاومة .

مخطط التآمر على سوريا يستهدف تقسيم سوريا ضمن إشعال حرب مذهبيه طائفيه تغذيها إسرائيل وهذه جميعها تصدرت توصيات مؤتمرات الأمن والمناعة التي تخرج بها مؤتمرات هرت سليا بمشاركة عرب

استهداف سوريا هدفه تامين أمن إسرائيل وترسيخ وجودها وتوسعها لتحقيق إسرائيل الكبرى

ودليل المؤامرة على سوريا بعد العدوان الأمريكي الصهيوني بقصف قاعدة الشعيرات تصريحات نتنياهو أن إسرائيل ستسعى لإيجاد مناطق آمنه في سوريا وهذا هو مطمع تركيا

إن هذا العدوان الأمريكي المدان يؤكد استمرار الإستراتيجية الأمريكية الخاطئة ويقوض عملية مكافحة الإرهاب التي يقوم بها الجيش العربي السوري ويجعل الولايات المتحدة الأمريكية شريكاً لـ"داعش" و"النصرة" وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التي دأبت منذ اليوم الأول للحرب الظالمة على سورية على مهاجمة نقاط الجيش والقواعد العسكرية السورية.

إن إقدام الولايات المتحدة الأمريكية على محاولة تبرير هذا العدوان بذريعة استخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيماوي في خان شيخون دون معرفة حقيقة ما جرى وتحديد المسئول عنه، من شأنه أن يبعث برسائل خاطئة للمجموعات الإرهابية تجعلها تتمادى في استخدام السلاح الكيماوي مستقبلاً كلما تعرضت لخسائر كبيرة في ميدان المعركة.

عاد الصراع في سوريا إلى المربّع الأوّل والصعب بعد العدوان الأميركيّ بستين صاروخًا من نوع تماهوك على قاعدة الشعيرات العسكريّة في ريف حمص؟ ممّا لا شكّ فيه أن الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب شاء تعويم نفسه بوجه معارضيه في الداخل الأميركيّ والخارج الأوروبيّ، بعمل عدائيّ استهلك فيه موضوع خان شيخون استهلاكًا مقيتًا، وانتقل الرجل من جبهة الحرب على الإرهاب إلى جبهة الحرب على النظام.

المصادر الدبلوماسية تشرح مرامي ترامب التي هدف لتحقيقها بالعدوان على سوريا

1- إيجاد مخرج له على المستوى الداخليّ بعدما استفحل الصراع بينه وبين المواقع الأميركيّة الأخرى على خلفيتيّ انتخابه الملتبَس، ومواقفه من الرئيس بشّار الأسد.

2- إعادة التموضع داخليًّا أي على المستوى الأميركيّ بإرضاء معارضي النظام السوريّ في الدائرة السياسيّة الأميركيّة، فيتحوّل التموضع إلى تحفيز لاستعادة زمام الأمور على مستوى الصراع في سوريا وعليها.

3- رسم خريطة جديدة لعلاقاته مع دول الخليج ومع العالم الأوروبيّ بعد سوء الفهم الحاصل بين الإدارة الأميركيّة والدول الأوروبيّة وهو بحاجة بالتالي أن يكسب رضاهم ليصار فيما بعد للعمل على تطويق موسكو.

4- تنفيذ الرؤية الإسرائيليّة بأن تبقى أميركا حارسًا لها ومؤمّنة لديمومتها كقوّة جوهريّة ولها هيمنتها الواضحة.

5- استكمال مشروع تفتيت سوريا والعراق بالمفهوم الأميركيّ عن طريق إنتاج دويلة كرديّة وحمايتها وإنتاج منطقة عازلة تقطع الطريق بين سوريا والعراق ما بين الرقة والموصل.

قبل الوصول إلى ما تحقّق من خلف هذا العدوان الأميركيّ، توصلت المعلومات من خلال المصادر الدبلوماسيّة إلى اكتشاف بأنّ ثمّة اتفاقًا كان قد جرى بين الأميركيين والروس، على أن يدخل الجيش السوريّ مباشرة إلى الرقة ومنطقة القامشلي لتحريرها واستعادتها، وفتح الطريق المباشر باتجاه العراق، وكان الدبلوماسية الروسيّة قد أقنعت الإدارة الأميركيّة بضرورة التخلّي عن مشروع حماية الأكراد وتشجيعهم على تكوين دويلة لهم، فستقوى تحت تلك الرافعة النزعات في العالم كلّه وبخاصّة في روسيا وأوروبا الشرقيّة على رسم حدود وخرائط دويلات قوميّة ومذهبيّة، وسيشتدّ حينئذ ساعد القوى التكفيريّة والإسلامويّة على التغلغل والاتجاه وبخاصة في الجمهوريّة المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي سابقًا بترسيم دويلاتهم والانطلاق منها للبلوغ نحو موسكو بالذات، وسيجد الأمن العالميّ نفسه تحت هذا التهديد.

في المرحلة الأولى فهم الأميركيون الرؤية الروسيّة وكان على تناغم شديد معها، وقد رحّب بها الرئيس السوريّ بشّار الأسد، غير أن بعض الدوائر الأميركيّة استشاطت غضبًا من جرّاء ما تمّ اعتباره من قبلها «بالفخّ الروسيّ» «والفتح الإيرانيّ الجديد»، لقد حدثت اجتماعات داخليّة صاخبة أبلغ فيها مسئولو تلك الدوائر الرئيس الأميركيّ رفضهم المطلق بالتخلّي عن التواجد في الرقة وبضرورة تشجيع الأكراد وإقامة مناطق عازلة. ومما يجدر قوله بأنّ التحليل المضاد الذي قدّم للرئيس الأميركيّ بأن التخلّي عن الرقة والموصل يمنع التواصل ليس بين سوريا والعراق، بل بين إيران والساحل المشرقيّ الرابض على المتوسّط، كما أنّه يقطع طرق الإمدادات العسكريّة بين إيران والجيش السوريّ وحزب الله على وجه التحديد، «فمن يعني بأنّ مفهوم الحرب على الإرهاب عليه أن يعني الإرهاب كلّه، ويتزاوج بالضرورة مع مفهوم القضاء على الرئيس السوريّ بشّار الأسد».

وتضيف المعلومات الصادرة عن المصادر الدبلوماسيّة المواكبة، بأنّ مجزرة خان شيخون كان لا بدّ من حصولها بتلك الأذرع المتوحشة التي قادت الأطفال إلى هذا الموقع، فلم يكن بين القتلى مقاتل واحد من «جبهة النصرة» على الإطلاق، فقط أطفال، ممّا يعني بأنّ ثمّة فعلاً شنيعًا كان يجب أن يحدث ليقود دونالد ترامب ومعه الإدارة الأميركيّة إلى هذا العدوان. ثمّة تنسيق واضح ليس بحاجة لتفسير وتأويل بين الصوت والصدى، حتّى أن لجان تحقيق دولية غير رسميّة ستظهر أسماؤها لاحقًا بدأت بالتجند والتطوّع لقراءة ما حصل وإجراء التحقيق النزيه كما حصل خلال مجزرة غوطة دمشق. لقد حصلت مجزرة غوطة دمشق خلال عهد باراك أوباما واستطاع فلاديمير بوتين ثنيه عن ردّة الفعل بعد تحقيق أظهر عدم علاقة النظام السوريّ بها، أما وبعد مجزرة خان شيخون فإنّ دونالد ترامب استبق التحقيق وانصاع لإرادة إدارته والدوائر ونفّذ عدوانه تحت ستار المعاقبة، والسؤال المطروح من خوله ومن سمح له بالمعاقبة، وبأية صفة يعاقب سوريا؟

أمّا الأهداف والمعاني فبدت واضحة بحسب الأوساط على النحو التالي:

1- لقد أعاد العدوان الأميركيّ تعويم القوى التكفيريّة، وأعاد الاعتبار إلى مقولة منافسته الرئاسيّة السابقة هيلاري كلينتون «بأنّ تنظيم القاعدة نحن من أنتجناه»، لقد أعاد ترامب إنتاج هؤلاء من جديد ليعودوا إلى التموضع سريعًا كقوّة مقاتلة في الداخل السوريّ.

2- لقد أعاد العدوان عينه الاعتبار لدول الخليج المعادية لسوريا، لتعود فتستعمل سوريا ملعبًا لها بوجه النظام وبوجه إيران وحزب الله على الخلفيّة المذهبيّة وبوتيرة عالية جدًّا وهذا مصدر الخطورة المزدحمة والمتفجرة في هذا المحيط.

3- أخذ المنطقة إلى مفهوم اللاإستقرار الأمنيّ وتخشى بعض الأوساط السياسيّة من استعمال مسألة الانتخابات في لبنان والسجال حولها لتعميم مفهوم اللاإستقرار وجذب لبنان نحو التوتر الكبير السياسيّ والأمنيّ.

4- إعادة الاعتبار لصراع المحاور فتعود أميركا على رأس محور قوامه السعوديّة قطر وتركيا وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا، مقابل محور تتصدره روسيا وإيران وقوامه الصين وقد تنضم إليه مصر والجزائر في الدفاع عن سوريا وبقائها وبقاء النظام فيها.

5- سقوط التسوية بين روسيا وأميركا وسقوط معظم الاتفاقات المكوِّنة لها، بمعنى سقوط النتائج الصادرة عن الأستانة وصولاً إلى جنيف.

6- سقوط الاتفاق الجويّ المتوازن وبالتالي فإن أي اعتداء أميركي محتمل سيواجه روسيًّا بأشد منه.

هل العدوان مدروس أو حماقة؟ ليس العدوان مدروسًا من قبل ترامب بقدر ما هو مدروس من مجموعة دوائر تماهت لجذب ترامب نحوه. العالم يتغيّر بسرعة قصوى والأزمة تشتدّ والحرب في سوريا وعليها قد تطول وتشتدّ، في ظلّ عالم عربيّ «الجميع فيه قتلى وجرحى».

العدوان الأمريكي الصهيوني على سوريا سيغير في قواعد الاشتباك وتغيير الاستراتيجيات وهذا ما عبرت عنه تصريحات بوتن ووزارة الدفاع الروسية التي ستشرع بتسليح وتزويد الجيش السوري باسلحه متقدمه مما يعني ارتفاع وتيرة الصراع الذي قد يشمل دول المنطقة برمتها ضمن الحرب المفتوحة على جميع الاحتمالات.

بقلم/ علي ابوحبله