لا يجوز ... يا سادة !!!

بقلم: وفيق زنداح

لا اعرف اذا ما كانت الجماهير المحتشدة ... والهتافات العالية ... والصراخ المدوي ... والقسوة على النفس يمكن أن تعيد حالتنا ... ومعالجة ازماتنا ... كما لا اعرف اذا كانت المهادنة والطبطبة قد تفيد في تعزيز صورتنا ... وابلاغ رسالتنا ... والاستجابة لها ووقف حالة التأكل الداخلي ... وتعزيز حالة الفعل بعيدا عن التفرد والعزلة والانهيار .

حقيقة يصعب علينا الامساك بأول الخيط ... لنسلك هذا الكم الكبير من التشابك والتعقيدات والتي وضعنا فيها بحالة تقاطع وضعف يحتاج الى الكثير ... حتى نتمكن من النهوض والتماسك .

وحتى اكون واضحا ومباشرا وصريحا ... فتشخيص حالتنا ومفاصل حياتنا ... وعيوب سلوكياتنا ... وتضارب قراراتنا ... وتغليب ذاتية كل منا ... وتهميش حياة الناس وعدم متابعتها ... أوجدنا جميعا أمام ازمات متعددة ومتفاقمة ومتشعبه ... تطال كافة مناحي حياتنا .

الانسان وسيلتنا وهدفنا والذي أصبح بحالة تهالك وتآكل وفقدان للثقة ... دون ادراك ووعي عن المسؤول المباشر لما وصلنا اليه ... وكأن معاناة الناس خارج سياق المسؤولية المباشرة والواضحة والمحددة ... وأن المسؤولية قد تم اختصارها بتصريحات صحفية ومانشتات اخبارية ولقاءات تلفزيونية ... وندوات وورشات عمل تكلف من المال الكثير .

لقد تعلمنا بالجامعات عن الإدارة الحديثة ... والتخطيط العلمي السليم ... والاقتصاد الأمثل ... كما تعلمنا عن القانون العام والخاص والحقوق والواجبات ... تعلمنا عن النظام السياسي والفصل بين السلطات ... كما وتعلمنا عن مسؤوليات كافة السلطات من خلال قرارات وهيئات ومؤسسات حكومية تقوم على صناعة القرار وفق دراسة شاملة ووافية تأخذ باعتباراتها مصالح الفئات المستهدفة وليس على حسابهم .

تعلمنا أن الحكومة عليها مسؤولية شاملة وكاملة لكافة مناحي حياة الناس الذين يعيشون تحت طائلة مسؤولياتها ... حكومة تقرأ وتعيش تفاصيل حياة الناس وأزماتهم ... وتقدر بقراراتها ما يمكن ان يلبي احتياجات الناس ... وليس انقاص احتياجاتهم ... وتقليص امكانياتهم واهدار حقوقهم .

مشكلة الحكومة ... وحتى الفصائل ... انهم لا يدركون حقيقة المعرفة الكلية والشاملة لأحتياجات الناس وتفاصيلها ... وما يطرأ على الاحتياجات من تطورات تزيد من الاحتياجات ... ولا تقللها ... بل تزيد من النفقات ولا تخفضها ... واجبات مستمرة ومتزايدة في ظل قوى السوق وعوامل العرض والطلب وغلاء الاسعار ... وما يمكن الاحتياج له في ظل منظومة حياتية اجتماعيه اقتصادية انسانية تحتاج الى الكثير

... وليس الى القليل .

أمام هذه الحالة ونحن في المحافظات الجنوبية والتي يعيش فيها ما يقارب 2مليون نسمة ويعيشون ظروف صعبة ومريرة ... والجميع يعرف ذلك ... والبعض يتغاضى عن ذلك ... كما البعض يتلاعب بتلك الاحتياجات والظروف .

قطاع غزة بسكانه أصبحوا مادة اعلامية بكافة المنابر والوسائل ... وداخل فحوى كافة الكلمات والصور والخطابات والتصريحات .. لكننا لسنا بداخل القرارات الفعلية والارادة الحقيقية ... والنوايا الصادقة الهادفة الى التخفيف من معاناة الناس وازالة مصاعب حياتهم وما يعتري مسيرتهم من تحديات تفوق قدرات الناس وامكانياتهم .

مشاكلنا وازماتنا تتفاقم وتتصاعد ... ولا نجد من يخفف عنا بالقدر المطلوب وبالواجب والمسؤولية التي تقع على عاتق من يتحمل مسؤوليتنا ... ومن يتحدث باسمنا ومن يجعلنا مادته الاعلامية وفحوى تصريحاته السياسية ... فأزماتنا يعرفها القاصي والداني ... والصغير والكبير ... والوزير والغفير ... فالكهرباء أزمة مستعصية

أشبعت بحثا ولا زالت تشكل أزمة خانقه ... والمياه لا زالت تعكر حياتنا وتزيد همومنا ... والبطالة والخريجين وقطاع الشباب الذي يشكل نسبة عالية داخل المجتمع الغزي ... لازال خارج الاهتمام ... والقرار والفعل الملموس ... بل لا زالوا على قارعة الطريق .. وادخل المقاهي وعلى ناصية الشوارع والبعض الاخر نيام في منازلهم أمام اهلهم ومن عاشوا الأمل حتى يروهم في مواقع عملهم واثبات ذاتهم ... وتصريف امور حياتهم ... أمراض متفشية في ظل خدمات متدنية الحديث فيها يطول ... في واقع حصار جائر ... وظروف اقتصادية بائسة ... ترى ملامحها وتلمسها عندما تجوب اسواق غزة وشوارعها .

ظواهر اجتماعية وصلت الى حد الانتحار ... وحرق النفس والسرقة والقتل والهروب وارتكاب حالات شاذة لم تكن من سمات وصفات شبابنا واخلاقياتهم عندما نرى حالات الادمان التي تتفشى بين القطاعات الشبابية والذي لم يكن منتشرا .

بداية المواجهة الصحيحة لأزماتنا ... أن نتحمل جميعا مسؤولية ما وصلنا اليه ... وأن لا نعلق تبعات همومنا وأزماتنا على طرف دون الاخر ... فالوطن يجمعنا ... ويعيش فيه الجميع ... وكما هو حقنا علينا واجبات عديدة نتحمل فيها مسؤولياتنا ... ونعالج أزماتنا ... حتى نحترم من شعبنا ... وحتى يقول الجميع بصورة نحن التي تجمع بيننا ... وليس أنا التي تفرق وتبعد كل منا عن الأخر .

فصائلنا جميعا تدرك حقيقة واجباتها ... كما أنها تدرك أن شعبنا ليس بحاجة الى تعبئة معنوية وسياسية ... ولا حتى تعبئة تنظيمية ... وليس الى لجان وعمل جماهيري لرفع المعنويات ... لكن شعبنا يريد من يتابع همومه وازماته ومشاكله ومن يقدم يد العون له ... من يحل مشاكل ابناءه بتوفير فرص عمل حتى نعزز ثقافة العمل وليس استمرار المساعدات وانعكاساتها النفسية .

نريد أن نرى الجميع وقد اسقط أنانية الذات ... ليقدم عليها الواجب الجماعي والارادة الموحدة ... التي تعمل على اقتلاع العيوب والأمراض والأزمات .

تصحيح اوضاعنا ومعالجة مشاكلنا حتى نقول لكل من يؤدي واجبه أنكم بالفعل سادة .. ولكن على ان لا تنسوا أننا أسيادا ... ولم نكن عبيدا ... والواقع والتاريخ شاهدا.

بقلم/ وفيق زنداح