وصفت غزة ومنذ عشر سنوات بأنها عاشت عشر سنوات عجاف من حصار وعانى أهلها بما لم تعشه شعوب أخرى في أشد أزماتها ، والمشكلة وجود حماس وشعائرها السياسية ونظامها ودستورها الداخلي المستند لحزب الإخوان المسلمين .... تفشت البطالة والأمراض لسبب أواخر والفقر وأزمة الكهرباء والغاز وبدا لمن يتابع المناخات في القطاع كأن أهل يعيشون في القرون الوسطى وعصر الظلام والظلمات وإذا ما وضعنا إحصائيات مختزلة لتلك الظاهر فإننا نحصرها بالآتي :
نسبة الفقر في قطاع غزة 65%.
1- نسبة البطالة في قطاع غزة 43%، فيما تبلغ وسط الشباب 63.8%
2- يُعاني 72% من عائلات قطاع غزة من إنعدام الأمن الغذائي
3- 4600 عائلة في قطاع غزة ما تزال مشردة بلا مأوى حتى الآن
450003- عائلة تعيش في خيام أو بيوت من البلاستيك.
4- 85% من عائلات قطاع غزة تعتمد على المساعدات.
5- نسبة المياه غير الصالحة للشرب 95%
6- تبلغ ساعات قطع الكهرباء اليومية ما يزيد عن 16 ساعة
7- يُعاني القطاع الصحي من نقص الأدوية والمستهلكات الطبية بعجز يصل إلى 30% شهرياً
8- 70% من طلبة الجامعات غير قادرين على تسديد رسوم الدراسة.
9- عدد الأيتام في قطاع غزة 20 ألف يتيم.
10- 3000 حالة طلاق سنويا في قطاع غزة معظمها أسبابها اقتصادية.
11- 44 ألف حالة من ذوي الإعاقة في قطاع غزة، معظمهم بسبب الحروب الإسرائيلية.
سياسة العقاب الجماعي الذي تعرض له سكان غزة توحي وكأن غزة وكما قال رابين يجب أن يبتلعها البحر بكل من فيها ، شعب منهك مدمر سيكولوجيا مشتت ثقافيا بل مسطح أصبح الانقسام ظاهرة مترسمة عرضا وطولا من مستوى الأسرة إلى العشيرة ألى الشارع إلى المديتة ، كل ما تريد أن ترى من وسائل واستهداف لتدمير البنية المجتمعية وما اخترعته خبرات الأجهزة الأمنية هو موجود في غزة ويطبق على ما يقارب 2 مليون فلسطيني لا يحلمون إلا بعودة حقوقهم وحياة كريمة وليعش أطفالهم كباقي أطفال العالم.
عندما قام أحد قادة إسرائيل من حزب الليكود بتأنيب شمعون بيرز على توقيع أوسلو قال لهم ضاحكا : إذا الفلسطينيون لا يعرفون على ماذا وقعوا فنحن نعرف ...؟؟!
هكذا الواقع في قطاع غزة وبرغم النشاطات الإنسانية المكثفة من قبل جمعية فتا ورئيستها جليلة دحلان والنشاطات الدؤوبة التي يقوم بها عضو المركزية والنائب دحلان في مجالات مختلفة وجمعيات ومؤسسات مجتمع مدني أخرى إلا أن الحالة تزداد سوءا يوما بعد يوم وظهور الجرائم الفردية وغيره من مغيبات كالتريمادول .
إن وصفنا ما تتعرض له غزة فهو بحق حرب رابعة ليست كالحروب السابقة فهي تختلف في النوع والآليات والوسائل ، فالمقصود منها ليس هزيمة إرادة حماس فقط بل هزيمة إرادة فتح كحركة تحرر والحركة الوطنية الفلسطينية ، المستهدف النسيج الاجتماعي الوطني الذي يقاوم مشاريع عبثت بالشأن الفلسطيني الوطني وعلى رأسها هذا التيار الخبيث الذي لم يأخذ شرعيته حركيا ولا فلسطينيا بل أكثر شرعيته ممن ساهموا مساهمة فعالة في الجريمة والكارثة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ ما قبل النكبة ، أصبحت الحرب بتطورها اللاأخلاقي لا تحارب الثقافة الفلسطينية ولا تطارد فقط المناضلين تقصيهم أو تقطع رواتبهم بشكل فردي بل أصبح السلوك الأمني المدروس من جهات أقليمية ودولية يستهدف الأمعاء الفلسطينية وحياتهم اليومية في تطور مخيف لتنفيذ سيناريو قاسي مستغلين الانقسام وتباين البرامج بين تجار المقاطعة وبرنامجهم المدعوم إقليميا ودوليا وبرنامج حماس والجهاد الأسلامي وفصائل مقاومة فتحاوية أيضا ما زالت لم تعترف بإسرائيل والمبادرة العربية .
سيناريو مخيف يتبع أجراءات بطيئة على مدار عشر سنوات تحت مغلف الانقسام الذي كان مؤسس مدرسته محمود عباس وحماس بعبط شديد حاولت أن تملأ الفراغ لتحلم بمشروع آخر وبديل عن تلك القيادة التي اعتبرتها ضعيفة وركيكة في حين أغفلت مصادر قوتها والمطبات الذي تعرض لها مشروعها بانكسار ما يسمى الربيع العربي والمطالبات للمجتمع الدولي وأمريكا باعتبار حركة الإخوان منظمة إرهابية وعلى جدول الرئيس ترامب .
سيناريو مخيف وكما وصفه عباس رئيس السلطة الذي أخذ دعما لشرعيته من مؤتمر القمة في البحر الميت ودعوة ترامب لزيارة البيت الأبيض له واصفا بأن هناك إجراءات قاسية ستتخذها السلطة بحق حماس إذا لم تذعن لإنهاء الانقسام على قاعدة برنامج محمود عباس والذي يسمى بهتانا وزورا برنامج منظمة التحرير وبرنامج فتح ..
تلك الشروط القاسية التي بدأت باستقطاع 30% من مرتبات موظفي السلطة وتأثيرها على الحالة الاقتصادية للقطاع والتي تؤثر على حماس وإدارتها ولجنتها لإدارة غزة وظواهر قد تتفشى مثل الجرائم وزيادة معدلات الفقر والفلتان ومواجهة من داخل قطاع غزة معها كما وصف ذلك الهباش في خطبة الجمعة وكما يفرض الآن مظاهرات احتجاجية بالعشرات للمطالبة بعودة رواتبهم والذي لن تؤثر احتجاجاتهم على السيناريو السياسي والأمني المعد لذلك ولكنها خلق حالة من الفوضى والبلبلة التي ستوثر على إدارة حماس لقطاع غزة .
قد يكون هذا المشهد الأول في السيناريو المخيف للقطاع والذي سيتبعه سيناريو التقاعد المبكر وأزمة خانقة في الكهرباء والوقود والسلع والغاز والمعابر إذا لم تذعن للإملاءات التي يحملها وفد مركزية عباس ورسالة عباس لحماس ، فعباس يريد أن يذهب لترامب وهو يجمل أوراق تركيع قطاع غزة بكل مكوناته فتحاوية حمساوية جهادية شعبية ديموقراطية وكل المكونات الرافضة لمشروع عباس ، عباس ينفذ ما اتفق عليه إقليميا ودوليا سواء من مبعوث ترامب أو دول إقليمية أخرى .
أعتقد أمام حماس خيارين لا ثالث لهما وإن عدلت ورقتها السياسية التي لا تلبي برنامج عباس ولا تلبي برنامج نتنياهو :
1- أن تقبل حماس طرح إنهاء الانقسام بطرح الكونفدرالية واستقلالية الأقاليم داخليا بما يحفظ قوتها ونفوذها ومشروط ذلك بتجديد الشرعيات الرئاسية والتشريعية وتحديد موعد لعقد مجلس وطني فلسطيني بمواصفات تخرج عن رؤية عباس لانعقاده
2-الخيار الثاني ان تخرج حماس والقوى الاخرى بمواجه شرسة مع اسرائيل وحرب رابعة تلخبط الاوراق وتعيد رسم ابجدياتها
ايام عصيبة ليست على حماس وحدها بل على كل القوى الوطنية وفي مقدمتها حركة فتح والتيار الاصلاحي فيها وكما اتخيل في هذه المرحلة على النائب دحلان كقائد وطني ان يرفع من سقف نشاطاته الوطنية والتي تركزت في ملعب فتح الى الملعب الوطني وما تتوفر له سمات من ان يصبح مانديلا فلسطين مطالبا ومكافحا من اجل قضية الشعب وما تتعرض له من محن وانهيارات تهدد المكون الوطني السياسي والامني والاقتصادي والثقافي ..... وقد نشهد بعد ذلك حذر نشاطات كل التنظيمات وفي مقدمتها فتح وتيارها الاصلاحي ...ز فالجميع ذاهب الى كارثة .... وليس مستبعدا ان يصف عباس غزة بالإقليم المتمرد اذا لم يوقع بالعشرة على المبادرة العربية وخارطة الطريق واسرائيل دولة جارة لها حق العيش بسلام وقبل البحث في قضية اللاجئين والحقوق
سميح خلف