لك الله يا غزة

بقلم: رضوان أبو جاموس

لك الله يا غزة، عدوان تلو عدوان وحصار يصحبه انقسام، هذا هو حال قطاع غزة منذ عشر سنوات، فهناك جملة من التحديات التي تواجه قطاع غزة، تتوزع ما بين مشاكل سياسية وأمنية واقتصادية، فالعدو يتربص بغزة الدوائر، والبطالة والفقر رفقاء مع سكان القطاع.

لعل أهم  هذه التحديات تتمثل بالجانب الاقتصادي بعد «مجزرة الرواتب» واقتطاع مخصصات الشؤون عن 670 أسرة مستفيدة في قطاع غزة، والتلويح باتخاذ خطوات تصعيدية أكثر خطورة من سابقاتها، رغم مطالبات القوى الوطنية والإسلامية بقطاع غزة، الرئيس محمود عباس وحكومة الوفاق بالتراجع عن الخطوات التصعيدية ضد غزة، كونها تتقاطع مع مساعي العدو الصهيوني لفصل غزة عن الوطن الفلسطيني .

يبدو أن الأزمات الخانقة التي يعيشها سكان قطاع غزة، تمكنت من استبدال أولوياته في هذه الحياة ففي الوقت الذي كانت أولوياته تتمثل بالتحرير والقدس، بات اليوم توفير المعيشة الكريمة له ولأسرته مقدمة على كل شيء، وهذا ليس مبرراً وإن كنا في نفس الوقت نلتمس له بعض العذر فمتاعب الحياة كبيرة وتسيطر على جُل اهتماماته.

الصورة تبدو شديدة التعقيد، رغم تأكيد المتحدث باسم حركة فتح، فايز أبو عيطة، أن وفد اللجنة المركزية لحركة فتح الذي سيصل إلى قطاع غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، يحمل مبادرة محددة تجاه إنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية أو تشكيل حكومة وحدة وطنية.

أكثر ما يقلق سكان قطاع غزة، أن تبوء كل هذه الخيارات بالفشل، خصوصا مع تحذير يوآف مردخاى « منسق شئون الحكومة الإسرائيلية. «في الأراضي المحتلة من تجدد أزمة الكهرباء في قطاع غزة ، بعد أن أوشكت المنحة القطرية والتركية التي خصصت لشراء وقود لمحطة توليد الكهرباء في غزة على النفاد.

ليس غريبا أن تدخل «إسرائيل» على الخط، فهي المستفيد الوحيد من استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، ومن مصلحتها وضع العراقيل والعقبات لإفشال أي خطوة من شأنها تحقيق المصالحة وإعادة اللحمة والوحدة الوطنية، للاستفراد بالضفة ومحاصرة غزة .

بالتزامن مع انشغال الفلسطينيين بمشاكلهم الداخلية فإن «إسرائيل» تسابق الزمن وتبتلع مزيدا من أراضي الضفة المحتلة لإقامة المستوطنات عليها، وتصّعد من عدوانها على قطاع غزة برا وبحرا وجوا،  فتارة تغتال مقاوماً وتارة أخرى تطلق الرصاص على الصيادين والمزارعين.

في ضوء هذه المعطيات جميعها، فإن غزة «راحت بين حانا ومانا»،  وبات المواطن في قطاع غزة يتوجس خيفةً من المستقبل المجهول الذي ينتظره، وفي ذهنه تساؤل مشروع، ما الذي سيحدث إذا فشلت كل الحلول المطروحة لإنهاء فتيل الأزمة؟

تبقى هذه التساؤلات مشروعة في ذهن المواطن الفلسطيني في قطاع غزة ولا يمكن التأكد من عواقب وتداعيات أي سيناريو من السيناريوهات المطروحة، لأن أي خطوة غير مدروسة يتم اتخاذها من شأنها تفاقم الأمر وتعريض حياة أكثر من مليوني نسمة في قطاع غزة للموت البطئ .

يجب أن يكون لدى قادة الشعب الفلسطيني بغض النظر عن انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية، قناعات تامة بأن الخروج من النفق المظلم هو فقط بالوحدة وإنهاء الانقسام والتمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية ونهج المقاومة على المصالح الفئوية الضيقة، وما عدا ذلك لن يحقق إلا مزيداً الفقر والبطالة وانتشار الجريمة وغيرها من الكوارث المفزعة.

بقلم/ رضوان أبو جاموس