سلاح الأمعاء الخاوية الذي يمتشقه الأسرى الفلسطينيون دفاعا عن حقوقهم وكرامتهم داخل سجون الاحتلال أثبت دائما جدارته وصوابيته في استعادة حقوقهم وانتزاع أخرى علي قاعدة أن الحقوق لا توهب انما تنتزع انتزاعا .
فقد أيقن الأسرى الأبطال الذين يدخلون معركة الكرامة لليوم السابع علي التوالي بعد أن أُغلقت في وجوههم أبواب الحوار مع إدارة مصلحة سجون الاحتلال أنه لا يمكن لهم أن يستردوا حقوقهم والامتيازات التي انتزعت منهم علي مدار السنوات الأخيرة إلا بنفس الطريقة النضالية التي من خلالها حصلوا علي هذه الحقوق ، متكلين علي الله أولا وعلي شعبهم ليكون معهم ومن خلفهم ليرفدهم بأسباب الانتصار والدعم اللازم لتحقيق مطالبهم العادلة .
غياب الاضرابات الموحدة والجماعية لسنوات كان مرده حسب قيادة الحركة الأسيرة ، عدم نضوج الظروف الذاتية والموضوعية لخوض هذه المعارك المصيرية علي اعتبار أن أي مخاطرة في البدء بهكذا خطوة ستكون نتائجها عكسية وكارثية علي واقع الحركة الأسيرة ، لذلك فإن قرار خوض الاضراب كان يستوجب الدراسة المستفيضة والإعداد الجيد .
بلا شك فإن الظروف السياسية وعلي رأسها الانقسام الفلسطيني وما يحيط بنا من صراعات اقليمية وطائفية قد أشغلت الرأي العام المحلي والدولي عن قضايا وهموم أسرانا ، وكان ذلك هو العامل الأبرز في التردد وتأجيل هذه الخطوة من قبل قيادة الحركة الأسيرة .
ولكن الخطورة برزت في تعمد استغلال الاحتلال انشغال العالم بهذه القضايا ليمعن في إجراءاته الرامية لكسر إرادة الأسرى وإذلالهم وأصبحت الفرصة أمامه سانحة والأجواء مهيأة لكسر هيبة الأسرى والانقضاض علي حقوقهم ومصادرتها وسحب الامتيازات التي حصلوا عليها بمداد من الدماء وأطنان من العرق والأشلاء .
عند هذا الحد كان لابد من اتخاذ قرار المواجهة والتصدي لهذه الهجمة من خلال إضراب وحدوي جماعي يستعيد هيبة وكرامة الحركة الأسيرة ويوقف عجلة التغول علي حقوق الأسرى ومحاولات تركيعهم وإذلالهم ، وكان لزاما علي الحركة الأسيرة المخاطرة وركوب الأمواج العاتية غاضة الطرف عن الظروف المحيطة نظرا لقتامة المشهد داخل السجون وعدم وجود ما يخسره الأسرى ، وبالتالي فإن الانتظار إلي حين توفر ظروف مواتية لخوض الاضراب معناه الخضوع والخنوع لمخططات الإحتلال في أن يبقى الأسرى تحت مقصلة القوانين العنصرية والاجراءات الانتقامية التي تستهدف وجودهم وكرامتهم .
وفي رأيي المتواضع أننا في الخارج قد نكون في حاجة أكثر من أسرانا لمثل هذه الخطوة النضالية الموحدة التي من الممكن لها أن تشكل دافعا لنا لنلتفت إلي قضايانا الوطنية ممثلة بقضية الأسرى وأن يكون هذا الحراك لأسرانا بمثابة صفعة في وجه الانقسام والخلافات الداخلية التي طغت علي المشهد السياسي الفلسطيني ، كما أنه من شأن هذه الخطوة إعادتنا الي جادة الصواب والإسهام في تصويب البوصلة من جديد نحو التناقض الرئيسي الذي يجب أن يكون دائما وأبدا وهو الاحتلال الجاثم علي صدورنا .
ومن هنا ادعو بأن نكون جميعا عند حسن ظن أسرانا ، من خلال الانخراط موحدين خلفهم في هذه المعركة العادلة ، خاصة بعد تعنت الاحتلال ورفضه التجاوب مع مطالبهم وقيامه بحملة من التحريض الممنهج بمشاركة قمة الهرم السياسي في دولة الاحتلال في محاولة لتشويه هذه الخطوة النضالية وحرفها عن مسارها .
وبات من الواضح أن هناك استشعارا من هذه الدولة المارقة بحجم الخطر الذي يحدق بها لعلمها أن حراك الأسرى ربما ينتج عنه تداعيات خطيرة علي الأوضاع الأمنية في داخل فلسطين كما من شأنه أن يكشف زيف إدعاءاتها بالتشدق بالديمقراطية وحقوق الانسان ، كل ذلك بالتأكيد سيسهم في المزيد من عزلتها ومحاصرتها وصولا إلي الضغط عليها لإرغامها علي النزول عن الشجرة وتلبية المطالب والحقوق الأساسية لأسرانا التي كفلتها كافة الأعراف والمواثيق الدولية .
بقلم/ أسامة الوحيدي