ما يدهشني فعلا هو الصمت الشعبي والسياسي ازاء ما تقوم به مصلحة السجون الاسرائيلية في حق الاسرى المضربين عن الطعام في معركة الكرامة لليوم الثامن على التوالي من قمع لهذه الحركة الاسيرة بشتى الوسائل الترهيبية وهم ما يقارب من 1500 اسير من كافة الفصائل بقيادة الاسير النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح وقائد هذا الاضراب الاسير مروان البرغوثي والذي يتعرض في الوقت الحالي لتدهور صحي خطير ...بينما في قطاعنا الحبيب يحتشد الالاف يوميا في الشوارع والبيوت والمقاهي امام (الشيشة) و(القهوة ) لمتابعة وتشجيع كلاسيكو العالم والدوري الاوروبي وتضج الشوارع بالصراخ والصفير لتشجيع ريال مدريد و برشلونة ...
ما يدور في خلدي وأنا أتابع هذا المشهد المؤلم وهذه المفارقة المأسوية وسط الصمت الحاصل للمرة الأولى أن هناك خطة سياسية مدروسة لتهميش قضية الاسرى أو لتحويلها لقضية جانبية أو لموضوع ثانوي...وهذا حتما غير مقبول...فالأسرى هم حجر أساس في قضيتنا الفلسطينية وهم أصحاب المكانة السياسية والشعبية والنضالية الأولى في مواجهة المحتل كما أننا لا ننسى أن مروان البرغوثي هو القائد السياسي الذي يحظى بأعلى نسبة تأييد من الشارع الفلسطيني في جميع استطلاعات الرأي العام التي تجريها مراكز الابحاث المحلية والخارجية ...فاين الشعب من كل هذا؟؟؟
الجواب هو أن الشعب لان مشغول بالدوري الاوروبي ...الشعب يشجع ريال مدريد وبرشلونة في الكافيهات والمطاعم و يحتشدون في الدرج والمشتل في قطاع غزة ويرتدون زي برشلونة دون ان يفوتوا مباراة واحدة عليهم...وعلى الأسرى أن ينتظروا قليلا لينتهي دوري العام وألا يكونوا ثقيلي الظل وأن يقدروا مشغوليات الشعب في الوقت الحالي حتى يتفرغ لأجل قضيتهم ..
ان ما يحدث يا أعزائي هو مأساة بمعنى الكلمة ...فان كان هذا الصمت الشعبي ولسياسي هو حركة التفافية لخلق واقع جديد تهمش فيه قضية الاسرى فاني أدعو جميع المحتشدين أمام الشاشات والذين تعلو أصواهم بالتصفيق والصفير لتشجيع مباراة الليجا الاسبانية في قطاع غزة والضفة أن يحولوا هذه الحشود التشجيعية لحشود ثورية وتضامنية مع أسرانا البواسل والى الايدي والاصوات التي ترتفع تضامنا مع برشلونة وريال مدريد أن ترتفع تضامنا مع الاسرى في معركة الكرامة .
وأؤكد من جديد أن أسرانا في السجون يعانون على مدار اللحظة ...يستصرخوننا بصمت على مدار اللحظة..وينتظرون وينتظرون ان تأتي تلك اللحظة التي نقف معهم وقفة عظيمة تتناسب مع عظمة ما قدموه ويقدموه لأجل هذا الوطن.

الكاتبة والصحفية : ايمان عبد الكريم الناطور