في زمن التيه الوطني والخلاف والاختلاف الذي ليس له قاعدة وعلى ماذا وعلى أي شيء وانعكاسه على الحالة المجتمعية بكامل ابعادها السياسية والاقتصادية والثقافية وقد نقول بالمحصل الانسانية وازدواجية الانعكاس بالمفهوم الوطني ، ففي التاريخ كثير من المحطات والتجارب والانقسامات وفي مراحل التحول او المواجهة للازمات حسمت فيها النخب والطلائع الوطنية قضايا خلافية وبمحطات جديدة عجزت فيها القوى السابقة الى محطة للقاء على مصالح جامعة تعبر عن طموحات الشعب ومن هنا تتبلور الحالة الشعبية وفرضياتها وتوقيتاتها في الحالة الحرجة والتي يجب ان تذهب لها جميع القوى الناضجة والتي قد تكون هي الخيار بكل ابعاده للحالة الوطنية .
منذ عام 2012 تحدثنا عن الخيار الشعبي المواجه لازمة الشرعيات وعجز وفشل فصائل العمل الوطني من تلبية حاجيات المرحلة لأسباب كثيرة ومتعددة وعندما يكون المشروع الوطني بحده الأدنى مهدد بالانهيار يعني ذلك هو تدمير البوتقة الوطنية ثقافيا واجتماعيا تمهيدا لانسلاخ كلي عن البرنامج الذي اقرته منظمة التحرير عام 1974 وما يسمى الحل المرحلي والنقاط العشر واقامة السلطة الوطنية على أي جزي محرر وذات سيادة وعدم الاعتراف بإسرائيل وقرار 242 والسلطة ومؤسساتها هي المنظومة لإقامة الدولة الديمقراطية على الارض الفلسطينية تلك النقاط العشر المبنية على بنود الميثاق المقر من المجلس الوطني في دورته الحادية عشر عام 1973.
مرحلة ضياع البرنامج الوطني ومقررات المجلس الوطني التي تم نسفها في مؤتمر الجزائر عام 1988م والقبول بقرار 242 و 338 وبحل الدولتين والدخول في مباحثات اوسلو ومن قبلها جنيف لتهدر اسس المشروع الوطني .
قد نكون ذهبنا الى ما هو ابعد من الظواهر الحالية من التشرذم والحقن والاحتقان الفصائلي والتشويه الثقافي للجيل للقبول بنسف الميثاق والحل المرحلي ومعطياته وفرضياته لندخل في سيناريو جديد يسمى الانقسام بكل ظواهره والذي استند تطبيقه بانهيارات في حركة فتح واضعافها وتشتيت قدراتها وما ينطبق على فتح كان وما يزال ينطبق على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، نظرية الانقسام لتتحول اوسلو وبعد القبول بالمبادرة العربية التي تجهض اساس القضية وهي اللاجئين وحق العودة والارض لندخل في تبويب اخر الى روابط مدن واقاليم وحل اقتصادي امني في الضفة وتضييق الخناق على غزة لإنهاء حالتها الوطنية سواء قوى علمانية او وطنية او اسلامية فالمستهدف ثقافة ابناء غزة وصلابتهم الثورية والنضالية ، تلك الظواهر الفتاكة من فقر وبطالة ومرض وتقليص الخدمات الصحية والسعي لانهيار البنية التحتية من مياه وكهرباء واثارة الفوضى الثقافية بين اتجاهات فصائلية مختلفة كحقن جوهري لضرب السلم الاهلي المبني على وحدة مواجهة الواقع والازمات والى ضغوطات اضافية من تقليص رواتب موظفي السلطة وما توفره من انعاش اقتصادي وسيولة وتقدر 20 مليون دولار شهريا ......
كل ذلك امام فشل قائم في لقاءات المصالحة مع التحريض الواضح بين ما هو شرعي وغير شرعي وبين ما هو مرتبط بمصالحه المعيشية مع رام الله او مع غزة ، هي تلك حالة التشتت المجتمعي المطلوب تطبيقها على الشعب الفلسطيني في غزة لتنفيذ سيناريو من اخطر السيناريوهات تلبية للرؤية الامريكية وبعض دول الاقليم .
المهم الجميع فشل في تحقيق الوحدة الوطنية وفي ظل غياب الشرعيات ايضا فأصبحت الشرعيات الاقليمية في الواقع الفلسطيني هي المفروضة قصرا على الشعب الفلسطيني ، ولذلك من الاهمية النظر الى الحالة الشعبية ومؤتمراتها العفوية الغير مشحونة بداء الفصائل لمواجهة كافة الازمات ، وحينما تكون منظمة التحرير هي الجسد الواهي الذي سلبت ارادته من قواه
المهم ان تبدأ الحالة الشعبية لتترجم عن نفسها ، والظاهرة الصحية ان تبدأ من المخيم الفلسطيني كطليعة لباقي المخيمات الاخرى ، نعم انها انطلقت من مخيم البريج في وسط قطاع غزة ومكونة من 25 شاب تقريبا من كافة الفصائل ليعلنوا التكامل الوطني والتكامل الاجتماعي ومحور التركيز على التكافل الاجتماعي وتذويب ثقافة الشرذمة الفصائلية ليخرجوا بمخيم البريج المخيم الموحد والذي يلاقي مساندة من كل ساكني هذا المخيم والتي انطلقت انشطتهم لتتناول كل مناحي الحياة الاجتماعية في المخيم من مسابقات واغاثه وزيارة المرضى واهالي الشهداء ومؤازرة الفقراء والاتصال بالمؤسسات الرسمية الصحية وغير الصحية ووكالة الغوث لاسترجاع كوبونات الاغاثة التي قطعت على كثير من العائلات وحل المشاكل الاجتماعية والازمات المجتمعية والاسرية .
رائع ان تتشكل مجموعة شباب البريج من 0 من فتح و5 من حماس و5 من الجهاد 2 من الشعبية و2 من الديموقراطية و5 مستقلين ليحققوا التكامل الوطني وما عجز عنه القادة والفصائل ، قد تكون الانطلاقة الاولى المهم ان ينطلق قطار الوحدة الشعبية ومواجها كل الثقافات الضيقة ولتصبح مخيماتنا هي بوتقة الارادة الجامعة والمعبرة عن مطالبنا الوطنية ولأنها صاحبة المصلحة الحقيقية في تحقيق كل المطالب سوآءا انسانية او سياسية .
من الملفت للنظر ان شباب البريج الموحد وبالجهود الذاتية يعتمدون على انفسهم في تنفيذ نشاطاتهم بعيد عن النثريات والمقابل فهم وضعوا لوحة ضوئية في مدخل مخيم البريج بصور الاسرى وهم الان يسعون لوضع علم فلسطين على كل عامود في البريج ليرفرف عاليا بدلا من الاعلام الفصائلية بثقافتها التشتيتية وهو عمل عظيم وينتظر أي جهة لتمول هذا المشروع وجدير بالذكر بان القائد الوطني محمد دحلان قام بدعم تلك المجموعة من " شباب مخيم البريج موحد " بقيمة 400 دولار وقام الاخ فريح ابو مدين بدعم يقدر 1000 شيكل .... نقول لشباب المخيمات ولشباب فلسطين اينما وجدوا للأمام لتحقيق التكامل الوطني وتذويب لغة التشرذم والصراعات ... الى الامام ... الى الامام
سميح خلف