مشكلتنا الرئيسية ،والتي تعرقل تصالحاننا ،وتعكر الأجواء كلما شعرنا بانفراجة تلوح في الأفق ،وكلما لمع شعاعا من بعيد ليواري ظلام الفرقة وعدم التوحد وحالة الغليان الثائرة كالبركان ...إن مشكلتنا الرئيسية هي أن مسئولي القرار في الضفة أو غزة هم متفقون على أيدلوجية واحدة ،وهي أن... أي تصالح سياسي ينهي حالة الصراع ،وحالة الانقسام ،هو يخضع لقاعدة :" المنتصر والمهزوم" ،إذا كانت تلك هي المعضلة الرئيسية التي لا تزيد الأمور سوى التعقيد ،والبعد عن الاقتراب أي اقتراب نحو ذاك التصالح الذي ينتظره جميع أبناء الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره ،والذي وحده يتجرع مرارة الصراع ،وهو وحده الذي تلاحقه ويلات النيران الملتهبة سواء من حروب ٍ تشن بين الفترة والأخرى ،والدمار الذي يضرب المنطقة بأسرها ،وسقوط الالآف من الشهداء والجرحى ...! ماذا لو محونا تلك القاعدة من أسلوب حياتنا ،وحتى على مستوى تعاملنا اليومي وفي عاداتنا وسلوكياتنا لو كان ذلك لتغيرت مفاهيم ٍ كثيرة ،ولما وصلنا إلى هذا الحد من التأجج أو السجال السياسي ... إلى متى يستمر سوء الظن، والذي يتبادر إلى أذهان كلا من الفريقين المتناحرين سواء بين سلطة رام الله ،وحكومة حماس في غزة إلى أن من يتنازل من اجل التصالح أو تغليب المصلحة الوطنية... هو الخاسر للقاعدة الجماهيرية العريضة التي التفت حوله ،وأن ذاك هو بداية السقوط لمن يتنازل مخافة وشاية الضعف ، والعجز والاستسلام ، أو الرضوخ ...! نحن ياسادة... أقسم بالله لو صدقت النوايا ،ولو قطعنا الطريق على كل المؤامرات التي تحاك حولنا ،ولو التففنا حول راية واحدة تدعو إلى التوحيد أو التوحد لما كانت تلك أحوالنا...بكل صراحة وواقعية برأيي الذاتي ،أن انفراج الصخرة الكبيرة ،والتي تسد كل مناحي حياتنا ،وتفشل أي تقارب تصالحي ، لا يبدأ ذلك الانفراج إلا من الداخل ...فنحن لسنا بحاجة إلى قطر أو السعودية أو مصر أو غيرها حتى نجتمع على طاولة واحدة تفرقنا أوتزيد من الفرقة والعزلة مع خالص تقديري لأي جهود ٍ تبذل من أجل إنهاء الانقسام ،وطي صفحة الصراع ،ما نكاد أن نغادرها وإلا و يعود كلُ حزب لما قدم وأخر ،ولنواياه الكامنة هي مضيعة للوقت ،ومضيعة للتاريخ بل ... هي فجوة تكاد باتساعها تلتهم تاريخنا نضالنا الطويل والعميق بأصالته عمق قيعان المحيطات والبحار، هي فجوة مسمومة تحاول في كل مرة اقتلاع الأغصان والخضرة من جذورها ،كما التصحر ...!ما أحوجنا إلى تلك الجدران الاستنادية ،والتي هي صمام الأمان لحياتنا ،ومستقبل أبنائنا...وإلا ما الفائدة أن تتوحد لغتنا وقتيا حول قضية من قضايانا نحو تهويد القدس أو قضية الأسرى والمحررين... أو الحروب التي يشنها علينا المحتل الإسرائيلي ، وما أن تنتهي الحرب ،وإلا ونعود للعراك السياسي أو الخصومة السياسية من جديد ...الحل برأيي هو أن ننظر بعين الرحمة أو الشفقة لمعاناة أبناء شعبنا وما يكابده من مآسي ...من فقر ٍ مدقع ومن بطالة مترهلة ،ومن حصار ٍ ظالم ومن أسرى يقبعون خلف القضبان بالسجون الإسرائيلية ، من أجل كرامتنا ونيل حريتنا ...أن ننظر بعين الحكمة لما آلت إليه قضيتنا ، ومحاولة تذويبها أو تفرقها بين القبائل وعندئذ تضيع الحقوق والتي من اجلها دفع ضريبة فاتورتها ، طابور الشهداء الكبير والعظيم ، عبر الثورات الرائعة، والنضالات والانتفاضات ...حقيقة لو كانت مفاوضتنا أو حلقات رأب الصدع كانت بمباركة محلية وطنية بعيدا عن من هو غالب ٌ أو مغلوب وبعيدا عن التلويح بسياسة العصا والجزرة أو التهديد من هنا أو هناك ، وبعيدا عن الإعلام ،وأعين الحاقدين ،و لو أدركنا أن الطوفان القادم سيغرقنا جميعا ،حينها فقط ...قد نبحث عن سفينة تعصمنا من الغرق جميعا قبل فوات الأوان ...!
بقلم / حامد أبوعمرة