احد من شعبنا لا ينظر إلى الإضراب كمطلب حياتي وخدماتي للأسرى في معتقلاتهم وقد لا يكون هناك من التفت الى نوع وعدد وماهية المطالب التي ساقها الابطال عند إعلانهم معركة الامعاء في الأسر ويعرف الجميع ان المطالب المعلنة ليست مطالب خارج المعقول بل انها جميعها اما كانت موجودة وألغيت دون احتجاج كإعادة مطبخ الأسرى او انها سبق وتمت الموافقة عليها كالهاتف او انها مطالب لا تشكل خطورة وهي حق من ابسط الحقوق الإنسانية كزيارة الأهل.
وها نحن نقترب من اكتمال الأسبوع الثاني لإضراب أسرانا عن الطعام في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي وبالتالي فان علينا ان نسوق كل الحقائق ونناقش كل الاحتمالات وما ستؤول إليه نتائج الاضراب سلبا او إيجابا.
من الممنوع ان يفشل هذا الاضراب وإلا فان الامر سيعود كارثيا ليس على الأسرى وحركتهم وحياتهم بل وعلى القضية الوطنية الفلسطينية برمتها فلقد جاء الاضراب في مرحلة النكوص ليعبر محفزا جديدا واستعادة جديدة للهمة الوطنية والاندفاع الشعبي نحو مهام الكفاح الوطني ووضع قضيتنا بمجملها على طاولة شعبنا أولا كمهمة عملية لا يجوز التغاضي عنها ومعنى الفشل عودة أسوا من جديد لعصر كامل من النكوص البشع الذي لا تحمد عقباه وبالتالي فان مهمة إنجاح الاضراب لا تقع على عاتق الأسرى فقط وإنما على كل الشعب وقواه وفعالياته وفي المقدمة منها فصائل الكفاح الفلسطينية جميعها فانتصار الاضراب هو انتصار كل الشعب والقضية والعكس صحيح.
الذين خبروا إضرابات الأسر يعرفون جيدا كيف ستتصرف إدارة السجون مع الاضراب ومن هذه الخطوات
- الإدارة ستبدأ بالتصعيد وقد فعلت بمصادرة الملح من غرف المعتقلين
- ستبدأ بحرمان المضربين من الكثير من الحقوق حتى تنسيهم مطالبهم
- ستسعى تحت ضغط الاضراب وما سيؤول له حال بعض المعتقلين الى التفاوض على ما حرموا منه لا على مطالبهم ويذكر الأسرى القدماء إضراب الليفة جيدا
- إدارة السجن لن تتنازل بهذه البساطة ان لم يواكب هذا الاضراب ضغط شعبي حقيقي
- الضغط الشعبي لا يكون فقط بإعلان التضامن اللفظي والمسيرات والشموع والقصائد بل بحراك شعبي على الأرض بما في ذلك الحراك السياسي والدبلوماسي
- وجود آليات عمل لدى قوى الشعب المنظمة واستعدادها للمشاركة في الفعل الكفاحي بما يجعل الاحتلال يخشى من أي تطور لاحق على الأرض
منذ البدء حملنا الاضراب نفسه والأسرى كل ما لدينا من آمال وأحلام وطنية فاعتبرناه معركة الوطن وبذا وضعنا كل القضية على المحك لدرجة ان أي تنازل اليوم عن المطالب او أي تراجع لن يعتبر معركة أسرى مطلبية بل سيعتبر تراجع بالهمم ومستقبل الكفاح وثقافته والقدرة على المواصلة وسيشكل ذلك إحباطا خطيرا للشعب وجموعه وفقدان للأمل من جديد وقد كان الأجدر بنا منذ البداية ان نسمي الأشياء بمسمياتها لا ان نكرر تجربتنا الدائمة برفع سقف شعاراتنا حتى النهاية دون ان نقرا درسنا جيدا ولا زنا ندفع ثمن سقف شعاراتنا اللفظية المرتفعة حتى اليوم دون ان نتعلم لحظة من عدم تكرار الجريمة نفسها.
الحقائق اليوم تقول ان اقل من ثلث الأسرى هم المشاركين بالإضراب عن الطعام فقط وان ما يميز المشاركين أنهم من الأسرى القدامى ولسنوات طويلة او كبار السن او المرضى وهؤلاء عادة ما كانوا من المعفيين من الإضرابات وان تحميلهم ما لا يحتمل أمر غير جائز وطنيا وهو يشبه موقف ذاك الذي يضحي بخميرته لصالح لقمة يومه.
المفروض إدارة وطنية عليا للإضراب وبشكل جدي وحقيقي تشارك به كافة قوى الشعب بقيادة يومية قادرة على حشد الدعم العملي وخلط معركة الأسرى بالمعركة الوطنية برمتها ما دمنا قد فعلنا ذلك عبر شعاراتنا بما يضمن عدم الفشل وبما يضمن منع الاحتلال من الفصل بين المعركة داخل السجن وخارجه حتى نتمكن من تحقيق نصر يمكننا مراكمته ومنع الاحتلال من تحقيق ما يريد ليس بكسر إرادة الأسرى فقط ومنع تحقيق مطالبهم بل بكسر إرادة شعبنا وهو ما سيقودنا لحالة من السبات الكارثي ان لم يكن أسوا وباختصار فان المهمة الآن ملقاة ليس على الأسرى بل على من هم قادرين على الفعل أكثر والتحمل أكثر وتنوع أدوات الكفاح أكثر قاصدا بذلك كل الشعب وفي المقدمة منه قواه المنظمة.
بقلم
عدنان الصباح