دوما هناك متسع للفرح والأمل والبحث عن غد مشرق، استوقفتني ثلاثة نماذج جميلة لها حكاية بحد ذاتها، تجعل الإنسان يسرق ابتسامة رغم الألم الذي يحيط به من كل جانب في ظل الواقع المعاش.
هذه النماذج التي أراد أصحابها أن يعلنوا تضامنهم مع أسرانا وهم يخوضون إضرابهم لليوم الثالث عشر على التوالي، أوصلوا رسالة جميلة بطريقتهم للتعبير عن تضامنهم مع أسرانا الأبطال.
فالنموذج الأول في غزة والثاني برام الله، يا الله كم هو جميل هذا التوافق غير المنسق له، لكن لجميعهم هدف واحد وهو التضامن مع الأسرى بكل براءة وعفوية، فهل نجد يوما ما من طرفي الانقسام هذه اللفتة ويبادرون بإصباغ الفرح والأمل على صرخات المكلومين الذين حال لسانهم يقول "حسبنا الله ونعم الوكيل".
الفرح بغزة و رام الله
فمن خلال هذه الصورة القلمية، عريس يريد أن يوصل رسالة دعم للأسرى عن طريق إطلاق حفل زفافه من خيمة الاعتصام بساحة السرايا وسط مدينة غزة، إذ أصر العريس "وسيم حمد" هو وعائلته الإعلان عن فرحهم من وسط معاناة وعذابات الأسرى في رسالة تحد للاحتلال أننا شعب يتمسك بالأمل وينتظر الغد للإفراج عن أسراه ولا يمكن أن ينساهم بمرور الأيام و السنين .
العريس وسيم حمد
وتشاء الأقدار الجميلة أن تشارك مدينة رام الله نصفها المجروح غزة بهذا الفرح، حيث زفت العروس "سماح" بثوبها الأبيض الجميل الذي تحلم بان ترتديه كل فتاة إلى زوجها "رضوان القطري"، من خيمة الاعتصام والتضامن مع الأسرى الأبطال وسط مدينة رام الله .
العريس رضوان القطري و عروسه سماح
فكم من فتاة أسيرة، تعلقت آمالها بين جدران الزنزانة وتمنت أن ترتدي ثوبها الأبيض، وكم من أم ثكلى حرمها رصاص الإحتلال أن تكحل عينها بإبنها أو ابنتها في ليلة الزفاف، فإما الشهادة أو الأسر، فعدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفق الدراسات التي اطلعت عليها "وكالة قدس نت للأنباء" يقارب من (7000) أسير، من بينهم (330 أسيرا من قطاع غزة)، و(680 أسيرا من القدس وأراضي عام 1948)، و(6000 أسيراً من الضفة الغربية المحتلة)، و(34 اسيراً من جنسيات عربية) ، ويقبع في المعتقلات 58 أسيرة، منهن 15 فتاة قاصر وفتاتين اعتقال إداري، ويجد 13 أسيرة جريحة و30 حكمن بأحكام من مختلفة .
ويخوض نحو 1600 أسير من أصل 7 آلاف في سجون الإحتلال إضراب مفتوح عن الطعام منذ السابع عشر من نيسان الجاري، ومن بين الأسرى 1200 أسير مريض في سجون الاحتلال من بينهم 34 معوقاً و21 أسيراً مصاب بمرض السرطان واسيران يعانيان من التهاب الكبد الوبائي، كذلك 17 أسيرا يعانون من مشاكل في القلب، كما أن هناك 19 أسيرا يقيمون بشكل دائم في مستشفى الرملة.
الحجارة أمام البنادق
والنموذج الثالث، هو ما حدث في قرية تقوع، تلك البلدة الجميلة بسكانها المتجذرين بأرضهم الواقعة في مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح عليه السلام بالضفة الغربية، ويستطيع الناظر إلى الشمال أن يرى مدينة القدس وبيت لحم، وتتميز بلدة تقوع بوقوعها على جزء من انخفاض المدن التاريخية منذ آلاف السنين .
فشباب تقوع استطاعوا أن يلقنوا جنود جيش الإحتلال الإسرائيلي، الذين هم اوهن من بيت العنكبوت درسا في الدفاع عن الأرض، فالحجارة أمام البنادق والتسلح بالإيمان والحق، كان أقوى من أزيز الرصاص و قنابل الغاز المسيلة للدموع.
جنود الإحتلال في كمين بيت لحم
فهؤلاء الشبان بحجارة السجيل، أردوا أن يتضامنوا مع الأسرى البواسل في سجون الإحتلال بطريقتهم الخاصة، و أذلوا وحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، تلك الإشاعة التي هزمت جيوش عربية، تحطمت أمام حجارة شباب تقوع، فقد فر الجنود ووقعوا في كمين الحجارة من كافة الجهات وعلى صراخهم طلبا للنجدة، ولجئوا إلى إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع بكثافة على العزل من السلاح، إلا أن رجال الله في تقوع أبو إلا أن يلقنوا هذا العدو الجبان درسا، فحاصروهم من كل مكان وردوا عليهم ما كانوا يطلقونه من قنابل الغاز ليفروا كما الفئران في الحقول والحجارة تطاردهم من كل حدب وصوب .
فتقوع تنتصر للأسرى وتتضامن معهم على طريقتها الخاصة،هنيئا لكم يا أمهات تقوع بأبنائكم ، وبحجارتكم وصمودكم، وحتما لأسرانا النصر وبزوغ فجر الحرية ولو بعد حين.