يصادف الأول من أيار يوم العمال العالمي وهو يوم إجازة رسمية في نحو مائة دولة من ضمنها فلسطين ويعتبر مناسبة تقوم به النقابات والحركات العمالية بتدارس أحوال العمال وتقييم انجازاتهم والمطالبة بمطالبهم وحقوقهم التي كفلتها القوانين في كل دولة من أجل تحسين أوضاع العمال المعيشية لضمان حياة كريمة لهم ولأسرهم، وهو اليوم الذي يحتفل به تكريماً للعمال وتأكيداً على دورهم الوطني، ولكن حال عمالنا في فلسطين يختلف كلياً عن أحوال العمال في مختلف دول العالم، فهم يعيشون المعاناة بأكملها والتي تتمثل في ممارسات الاحتلال ضدهم سواءً ما يتعرضوا له من اهانات على الحواجز او اصدار التصاريح لهم للعمل داخل الاراضي المحتلة عام 1948 وما تشرعه اسرائيل من قوانين صارمة بحقهم بحجة الاوضاع الأمنية وهذا حال عمالنا الذين يعملون داخل الخط الأخطر.
أما عمالنا البواسل الذين يعملون داخل حدود الدولة الفلسطينية فحالهم ليس بأفضل حال، فمعاناتهم تتفاقم يوماً بعد يوم ويعانون المزيد من الفقر بسبب الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة تحديداً، وهنا أتحدث عن معاناة عمالنا في قطاع غزة على وجه الخصوص، فمنذ انتفاضة الأقصى وعمالنا ممنوعين من العمل داخل الخط الأخضر ومنهم الكثير من فقدوا حقوقهم في المشاغل التي كانوا يعملون بها، واليوم يقبع عمالنا بين مطرقة الانقسام وسنديان الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بطرقه المختلفة ومنها تدمير المنشآت الصناعية والمصانع في الحروب الثلاثة التي تعاقبت على قطاع غزة ما بين فترة 2008 و2014 وكذلك منع دخول الاسمنت الذي يعتبر العمود الاساسي للبناء العمراني ويعتمد عليه معظم العمال الغزيين مما ضاعف نسبة البطالة العمالية ومستوى الفقر وما يتبعه من تبعات تؤثر سلباً على المستوى المعيشي لأسر هؤلاء العمال، الأمر الذي جعل غالبية أسر هؤلاء العمال تعتمد على المعونات والمساعدات الدولية والطرود الغذائية التي لا تلبي كامل احتياجاتهم الحياتية.
يوم العمال هو يوم عطلة رسمية للدوائر الحكومية والمدارس ولكافة موظفي الدولة وبأجر، أما عمالنا فليس لهم عطلة مدفوعة الأجر في هذا اليوم، وهذا من أبسط حقوقهم ناهيك عن حقوقهم النقابية لدي مشغليهم في القطاع الخاص من تأمين صحي أو اصابات العمل، أو نهاية الخدمة ....إلخ.
وعلى وجه التحديد في محافظات غزة تتراكم أعداد العاطلين عن العمل من طبقة العمال مع تزايد عوامل البطالة والمتمثلة في اغلاق الكثير من المصانع الانتاجية وتسريح عمالها، وعدم ادخال كميات كافية من الاسمنت المستخدم في المنشآت العمرانية، وخصم الرواتب على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، وعدم تقاضي موظفي حكومة حماس رواتبهم كاملة منذ أكثر من ثلاث سنوات، واغلاق المعابر، كلها عوامل لها الأثر الكبير في إلحاق الضرر بمعيشة جزء كبير من أهالي غزة تحتاج حراك مؤسساتي ومجتمعي للضغط من أجل انهاء الانقسام وعودة اللحمة الوطنية الباب الوحيد الذي من خلاله يمكن إدخال بارقة أمل لحياة كريمة لأهل غزة، لا أن يكافؤوا على صبرهم وصمودهم بمزيد من القهر والفقر والحرمان من أبسط حقوقهم المعيشية.
إن عمالنا بأمس الحاجة للنظر في معاناتهم والعمل على تخفيفها والأخذ بيدهم من دائرة الفقر إلى حياة كريمة يستحقونها وأسرهم، فهم عنوان صمودنا ومعول البناء والرقي بمدننا وحضارتنا الفلسطينية، وهنا لابد من دور وطني ودولي اخلاقي تجاه هؤلاء العمال لمد يد العون لهم لإيجاد فرص عمل لصون كرامتهم.
بقلم / أحمد يونس شاهين
[email protected]