مفهوم مختلف لحل الدولتين...!!

بقلم: هاني العقاد

لقاء ابو مازن ترامب تم التهيئة له بشكل جيد فلسطينا واقليما وامريكيا منذ فترة طويلة اي ما بعد اتصال ترامب بالرئيس ودعوته الى لقاء في البيت الابيض للتباحث ومناقشة سبل الدفع بالعملية السلمية من خلال طروحات امريكية تم بلورتها مؤخرا , الافكار الفلسطينية التي سيحملها الرئيس ابو مازن والتي تتمحور حول مرجعيات وسبل واليات تطبيق حل الدولتين يجب ان تحدد في مبادئ تقرها الادارة الامريكية وخاصة ان الجانبين الأمريكي والفلسطيني يقران الان بالسلام كخيار استراتيجي كضامن لأمن واستقرار المنظفة العربية ,الكل يدرك انه لا يمكن تجاهل ضرورة الدفع بالعملية السلمية للوصول الى تطبيق حل الدولتين القاضي بإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967 وحل جميع قضايا الصراع بما فيها قضية اللاجئين والحدود والقدس. لكن لا يبدو ان الطرفان قريبان من رؤية واحدة لتطبيق حل الدولتين فلن يكون تصور الأمريكان للحل بذات المستوي والتوقع الفلسطيني وهو بالأغلب اقرب لفكرة اسرائيل لحل الدولتين المبني على السلام الاقليمي , الاختلاف كبير والرؤى متباينة والطريق معقدة ويتخلله عمليات ضغط كبيرة وشاملة .
لقاء ابو مازن ترامب مهم جدا ويعتبر من اخطر لقاءات القيادة الفلسطينية مع زعامة البيت الابيض على الاطلاق لأنه سوف يترتب عليه دخول الفلسطينيين في علمية سلمية ومفاوضات نهائية من اجل التوصل لتطبيق حل الدولتين وانهاء الاحتلال الاسرائيلي . هذا ما يفسر محادثات ابو مازن السيسي والملك عبدالله الثاني كل على انفراد عشية توجه ابو مازن لواشنطن , ولعل العرب يعرفوا هذا واخشي انهم يحاولوا تهيئة ابو مازن لذلك وهذا الاخطر, قد لا يظهر الاختلاف بين المفهوم الأمريكي والاسرائيلي لحل الدولتين يتطابق مع المفهوم الفلسطيني الان ولا حتى في محادثات ابو مازن ترامب لان المفاوضات بينها ستتركز على مبدأ القبول بالتفاوض والغطاء ومبدا المشاركة الاقليمية لهذه المفاوضات والتحالف الجديد الذي ستعلن عنه الايام بين اسرائيل واربع دول عربية بالإضافة لما يتوجب على الفلسطينيين والإسرائيليين فعله قبل المفاوضات ,وسوف يظهر هذا الاختلاف في المفاوضات نفسها والمستوي الذي سيطرح على الطاولة وتفسير اسرائيل الحقيقي لحل الدولتين .هنا تشتد الحبكة والعقدة لان واشنطن تتبني فكرة اسرائيل لدولة فلسطينية غير مستقلة وغير متواصلة شرقا مع الاردن للحفاظ على المتطلبات الامنية لإسرائيل ولا اعتقد ان تقبل اسرائيل بالطرح الفلسطيني فيما يخص القدس كعاصمة مفتوحة للدولة الفلسطينية , لا اعتقد ان توافق اسرائيل على طرح قضية اللاجئين على الطاولة بل انها ستحدد عدد من سيعودون الى اراضي الدولة الفلسطينية , الخطير والذي نتوقعه ان تحاول اسرائيل الاحتفاظ ببقاء المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية تحت السيادة الاسرائيلية في اي حل سياسي الى فترة لا تقل عن عشرون عاما .وقد تطرح تبادلا واسعا للأراضي والسكان وهذا يعني مخطط اسرائيلي لدولتهم اليهودية الكبيرة
المتوقع ان تضغط واشنطن بأسلوبها من ناحية ويضغط العرب في المفاوضات لصالح حلول وسطية لكن هذا اخطر من ما نتوقع ,لذا لابد من رفع سقف حل الدولتين الى اقصي حد ممكن ولا يتنازل عن اي من ثوابت هذا الحل ,لان تنظيف اراضي العام 1967 من المستوطنين يعني عمليا ابعاد كل ما يمكن ان يفسد اي حل سياسي فلا تعايش بين الفلسطينيين و المستوطنين الذي اقاموا مستوطناتهم بالاحتلال والسرقة والتهويد, ولا اعتقد ان مرحلة المفاوضات ستكون سهلة وايجابية وتحقق نتائج واقعية على الارض لان كل مفاوضات تفشل منذ اوسلوا وحتى الان بسبب عدم قبول اسرائيل بطرح قضيتي القدس واللاجئين ,ولا اعتقد ان اسرائيل تقبل بالتفاوض على اساس المبادرة العربية وحل الدولتين لأنها تعرف انها بقوة واشنطن تستطيع اختزال حل الدولتين الى الحد الأدنى و تدخل من خلال ذلك على غرفة نوم ملوك العرب و رؤسائها خاصة السعودية مصر والأردن والامارات.
ما سيحمله ابو مازن الى واشنطن يجب ان يغلق اي مساحة للمناورة بهدف اعتماد الحد الأدنى لحل الدولتين مرحليا , او تلاعب واشنطن واسرائيل بمرجعيات عملية السلام كبادرة السلام العربية ومبدا حل الدولتين وخارطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية ولعل الورقة الفلسطينية مهمة جدا اليوم وثوابتها اكثر اهمية , لذا بات مهما ان تأخذ القيادة كل تكتيكات المناورة واحتمالاتها بعين الاهتمام وتبني على ذلك فما سيتم الحديث فيه مع ترامب عن حل الدولتين سيكون حديثا بلا تفاصيل وهو عبارة عن حديث حول قابلية الفلسطينيين للحل النهائي دون مبادئ لهذا الحل ولكي نتفادى الفخ الكبير المتوقع امامنا فلا بد من التوصل مع الامريكان لإعلان مبادئ ثابتة واساسية لحل الدولتين كحدود الدولة الفلسطينية وعاصمتها (القدس) وقضية اللاجئين على ان يتم التوقيع على هذه المبادئ في مؤتمر دولي لا يقتصر على اربع دول عربية وانما كل اركان المجتمع الدولي والاتحاد الاوربي جزءا أساسيا وضامنا مع الولايات المتحدة لتحقيق هذه المبادئ, وبالتالي ستكون هذه المبادي اختبار حقيقي لمدي جدية واشنطن للعب دور حيادي في تطبيق حل الدولتين وعدم اختزاله لصالح اسرائيل وصالح حلف واشنطن الاقليمي الجديد .

د. هاني العقاد
[email protected]