ماذا بعد وثيقة "حماس" الجديدة وهل سيقبل بها المجتمع الدولي؟

أثارت وثيقة حماس الجديدة ردود أفعال مختلفة، و أسئلة كثيرة تطرح على طاولة التحليل السياسي  فيما لها وما عليها و كيف يمكن للمجتمع الدولي التعامل معها وهل سيقبل بحماس الجديدة؟

العديد من المراقبين اعتبروا أن وثيقة حماس الجديدة ، التي أعلنها رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل مساء أمس تحت عنوان (وثيقة المبادئ والسياسات العامة)  هي نضوج سياسي يحافظ على الثوابت، و أن الوثيقة بشكل عام موجهة للإقليم وللعالم  بالدرجة الأساسية.

واعتبر الكاتب و المحلل السياسي شرحبيل الغريب أن وثيقة حماس الجديدة نضوج سياسي يحافظ على الثوابت.

وقال الغريب في تعقيب لـ"وكالة قدس نت للأنباء" إن "إصدار الوثيقة جاء في إطار مراجعة الحركة لمواقفها وسياساتها، بعد مرور ثلاثين عاماً على تأسيسها عام 1987، مما يتطلب منها اتخاذ مواقف أكثر وضوحا تجاه كل القضايا ، خاصة  وأن حماس باتت حركة فاعلة في المشهد المحليّ والإقليمي، وهذا قد يفرض عليها ترجمة هذا الدور السياسي إلى رؤية تتسم بالواقعيّة السياسيّة".

وأضاف الغريب ،"وثيقة حماس الجديدة وثيقة وطنية بامتياز وليست نابعة من ضعف ووجهت بعناية وبعد دراسات شاملة وواثقة تجاه كل القضايا، وهي وثيقة خاطبت الشعب والمقاومة والقوى الفلسطينية والدول العربية، و تقديراتي أن حماس تقدم نفسها اليوم كبديل قوي قادر أن يقود المشروع الوطني دون التنازل عن الحقوق ."

ومن الأسئلة التي تطرح ، ماذا سيترتب على هذه الوثيقة أمام المحافل الدولية؟ و هل يمكن أن تحدث اختراق؟ ويجيب على ذلك  أستاذ العلوم السياسية الدكتور وجيه أبو ظريفة قائلا:" اختصار القول حول وثيقة حركة حماس أنها تطور نظري سياسي مهم وهي تعبير عن إدراك واعي من قبل حركة حماس للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ولكن تحتاج إلى برنامج عمل سياسي وآليات قادرة على تجاوز أزمة العلاقة بين القول والفعل وبين الوعي والممارسة."

وأضاف أبو ظريفة، "والوثيقة لن تحدث اختراقا كبيرا على المستوى الدولي والإقليمي ولكنها من الممكن أن تشكل قاعدة لصياغة توافقات فلسطينية سياسية داخلية تجعلنا تقلص مساحات الاختلاف الفلسطيني الداخلي."

أهم ما تتضمنه وثيقة حماس السياسية:  

■حماس حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية

■فلسطين بحدودها التاريخية وحدة إقليمية لا تتجزأ، وإقامة كيان صهيوني عليها لا يلغي حق الشعب الفلسطيني في كامل أرضه.

■مدينة القدس عاصمة فلسطين ولا تنازل عنها ولا تفريط بأي جزء منها.

■لا اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني.

■لا تنازل عن أي جزء من أرض فلسطين مهما كانت الأسباب والظروف.

■إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، على حدود الـ 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها،هي صيغة توافقية وطنية مشتركة، لا تعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، وترفض حماس كل المشاريع الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين، بما في ذلك محاولات توطينهم خارج فلسطين، ومشاريع الوطن البديل.

■لا يمكن لأي سلام في فلسطين أن يقوم على أساس ظلم الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه.

■إن مقاومة الاحتلال، بالوسائل والأساليب كافة، حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية.

انفتاح اكبر تجاه غزة

وبشأن ما يمكن أن يترتب على هذه الوثيقة وما لها من أبعاد؟ وهل من خلالها يمكن لحماس أن تحرك المياه الراكدة؟ قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور فهمي شراب معقبا لـ" وكالة قدس نت للأنباء"، "يمكن القول إن الوثيقة استطاعت أن تضع تصور يحافظ على السقف الأعلى من الحقوق دون تفريط، هي ليست مجرد  جهد عابر أو  سهم في فضاء واسع، إنها تبدو وكأنها جاءت تلبية لكثير من الفواعل الدولية والإقليمية والمحيطة والتي من شأنها أن تصنف حماس بعيدا عن  التيارات الإسلامية المتشددة وتنأى بها بعيدا  عن اي تهم، وتفتح افقا واسعا أمام الشرعية الدولية وخاصة أن هناك دول أوروبية  تتابع تطورات حركة حماس وتقدمها وما تقوم به. ولم تجيء هذه المبادرة بعيدا عن مشورة ورأي ونصائح أطراف دولية."

مواصلا حديثه، "والوثيقة لها ما بعدها وسوف يترتب عليها انفتاح اكبر تجاه غزة واعتبار حماس طرفا  سياسيا مقبولا وقد حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عديد من المرات أن ينتقص من هذه الوثيقة خوفا من تداعياتها ، و من صاغ الوثيقة محترف -حماس الخارج- وربط المصلحة الشعبية بأعلى سقف وطني ممكن، دون استفزاز المجتمع الدولي. الوثيقة لها ما بعدها، وهي ليست مجرد اجتهاد شخصي يسعى لتحريك المياه الراكدةـ بل ابعد من ذلك، حيث تنتظرها دوائر دولية وإقليمية -كانت داعمة للوثيقة وقريبة- لكي تبني عليها علاقات سياسية أوضح وفوق الطاولة، وتستطيع دعم حماس دون إحراج. "

وأضاف شراب، "وقد صنفت حماس نفسها بوضوح أنها بعيدة عن التطرف والتشدد والوثيقة كتبت من اجل تطور سياسي كبير قادم، والشهور القادمة ستشهد بذلك، وقد هاجم نتنياهو الوثيقة عدة مرات لإدراكه خطورة هذه الوثيقة التي ستنأى بحماس عن تهم الإرهاب، والتي ستدخل حماس بموجبها مناطق كانت حكرا على منظمة التحرير فقط."

المصدر: غزة- وكالة قدس نت للأنباء -