عندما يغادروا الاوفياء

بقلم: عباس الجمعة

بصمت يليق بالمناضلين غادرنا المناضل مصطفى طعمة "ابو الهوى" مناضل أخلص طيلة حياته لقضيته وشعبه ، مؤمنا بفكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، متحملاً وطأة النكسات التي المت بشعبه ، مقاتل فدائي عنيد في زمن ندر فيه الرجال من أمثاله الأبطال ، ابن مخيم االشهداء ، مخيم الثورة والصمود برج الشمالي، فهو ابن بار لعائلة مناضلة سجل تاريخها النضالي والكفاحي المشرف معطر بعبق المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني ومقارعته في اجتياح عام 78 وغزو العدو للبنان صيف عام 1982 ، غادر دون ضجيج هو ومناضل اخر هو خالد موسى " ابو وائل " ابن حركة فتح والامن الوطني الفلسطيني ، فان مخيم الشهداء لن ينسى عطاء هذان المناضلان ومن سبقهم من الشهداء في زمن شح فيه العطاء والتضحية .

يرحل المناضلون وتقف الكلمات عاجزة عن التعبير أمام التضحيات الجسام ، وتصبح الحروف والمفردات تتمدد على سطور حزينة ، تحمل نقش التمرد والغضب ، والحيرة والصدمة ،فالحقيقة لا تحتاج لمن يشرحها و يفسرها ، وها نحن اليوم نقف لنتضامن مع اسرى الحرية خلف القضبان في سجون الاحتلال الصهيوني ،فيما يرحل من تحمل مشقة المرض وصمد حتى اللحظة الأخيرة .

إن التاريخ سيحمل امانة الشهداء ويرسم الصورة التي يحاول العالم اجمع أن ينسينا إياها ، وهي ان حق العودة مقدس ، وان اللاجئون يتطلعون الى حقهم بالعودة الى فلسطين، فإلى متى سيبقى الفلسطيني لاجىء ، ويفتقر الى حياة كريمة ، فالموت والشهادة حق لكنهما لم يكونان يوما مطلبا ولا رغبة ، والنضال والمقاومة حق ولكن هدفهما العودة .

من هنا نقول عندما يغادروا الاوفياء, الذين لا يعرفوا الكلل او الملل, من اجل شعبهم ، وشكلوا مدرسة في الاخوة والمحبة والتسامح والتآخي والود والالفة والتضحية والوفاء والإخلاص فسيبقوا نموذج فريد من نوعه وظاهره نضالية لا مثيل لها.

ختاما يرحل المناضلون ونحن على ابواب الذكرى التاسعة والستون للنكبة ، حيث ينهض الفنيق ليؤكد على العنوان الكبير اي تمسكه بحق العودة بأن الفلسطيني الذي لا زال مرابطا في مخيمات اللجوء ولا يمكن ان يتنازل عن حقه أبدا حتى لو فارق الحياة ، رغم اننا نفقد في هذا التاريخ مناضلين اصحاب هوية وطنية وانتماء صادق لمجتمعهم ، ولكن ستبقى حروف اسمائهم كاشعة الشمس الذهبية الدافئة المضيئة لا تغيب عن وجه الكرة الأرضية ، فهم كواكب النجوم يتلوئون بنورها المشرق وهي الطريق التي تنير ظلمات مهما كانت التضحيات.

بقلم/ عباس الجمعة