في ليلة يكتمل فيها البدر ، نفتقد الضياء في دروبنا ، فننزلق في مهاوي الردى ، نتوه في ظلمات صنعناها بأييدنا ، نفتش عن قشة تأخذ بيدنا إلى ضفة النهر ، فعبثاً تجد عيوبنا تلك القشة ، نعود إلى ذاتنا نسألها كيف الخلاص من ظلمة توسط فيه البدر كبد السماء ، يمرّ رفٌ من الحمام من فوقنا فلا نعطي له بالاً ، يعود مرة ثانية وثالثة ، فالحمام لا يطير فرادى ، آه أيتها النفس المشحونة بالأنانية ، المفرطة في حبّ الذات ، التي فقدت بصيرتها لكي لا ترى ما حولها ، ما ترك الله آدم وحيداً ، فقد حباه بحواء ، وقرّ عينيه بالأبناء ، لكي يصبح للحياة معنى ، لكننا اليوم آثرنا جميعاً ألا نكون إخوة أحباء ، فعملنا لنكون الإخوة الأعداء ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، كففنا يد التعاون على البر والتقوى ، وبسطنا يد الأثم والعدوان ، فأي ظلمة ستنسدل عن حياتنا ، وقد كثرت موبقاتنا ، ولم نعد نعرف سوى الحقد والكراهية والبغضاء والشحناء ، فأي بشر أصبحنا ، تنهش الذئاب الغريبة أجسادنا فلا نلقي لها بالنا ، لأنّ بالنا مشغول بتخريب ذاتنا والتخلي عن حقيقة وجودنا ، فبعنا للأعداء أجسادنا ، فغرزوا فيها خناجرهم المسمومة بالذل والهوان ، فما ارتقت منا نظرة إلى السماء ، هل هي عتمة الليل أم ظلمة النهار ، هي الحقيقة التي تقول لنا ، ليس فينا ومنا رجل رشيد ينقذ يوسف من غايبت جبه السحيق .
بقلم/ صلاح صبحية