الشعب الفلسطيني يحيي اليوم الذكرى التاسعة والستين للنكبة

يحيي الشعب الفلسطيني، اليوم الاثنين، الذكرى التاسعة والستين لنكبة العام 1948، بينما ما يزال زهاء ستة ملايين لاجئ فلسطيني، ينتظرون عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجِروا منها بفعل قيام دولة إسرائيل على ارض وطنهم التاريخي فلسطين.
ويتزامن إحياء ذكرى النكبة، لهذا العام، مع تواصل إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية لليوم 29 على التوالي، بما يهدد حياتهم، وسط تعنت الاحتلال الاسرائيلي ومضيه في عدوانه وقضمه للأرض الفلسطينية، حيث لم يتبق  سوى 35 % من مساحة الضفة الغربية بيد الفلسطينيين.
ويعم الاراضي الفلسطينية الأنشطة والفعاليات المتنوعة للتأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي تهجروا منها بفعل النكبة في العام 1948، وفق اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة.
وتمر ذكرى النكبة الفلسطينية الـ69 هذا العام، لتذكر بصمود شعب تعرض لإحدى أسوأ عمليات التطهير العرقي والتشريد في التاريخ المعاصر.
وذكرى النكبة ترمز إلى التهجير القسري الجماعي في 15 مايو من العام 1948، لمئات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم التارخية، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية- بدعم من بريطانيا- في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين، وإعلان قيام دولة إسرائيل كوطن ليهود العالم.
واحتل اليهود 79% من أراضي فلسطين، أي كل فلسطين باستثناء الضفة الغربية وغزة. وفي كل عام بهذا التاريخ تُحيي المنظمات الفلسطينية والجمعيات هذه الذكرى، بفعاليات ونشاطات تُذكّر الأجيال بالتهجير؛ كي لا تُنسى القضية الفلسطينية.
إذ تشهد الضفة الغربية إضراباً تجارياً عاماً، تزامناً مع انطلاق مسيرة جماهيرية حاشدة من ضريح الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات باتجاه دوار المنارة في رام الله، حيث يتم تنظيم مهرجان مركزي ضخم على مستوى فلسطين المحتلة".
وستشهد الأراضي الفلسطينية برنامجاً حافلاً لإحياء ذكرى النكبة على مدى أيام، من أجل تأكيد التمسك الفلسطيني بحق العودة، باعتباره حقاً مقدساً لا يسقط بالتقادم".
وستكون هذه الأنشطة والفعاليات متنوعة، بترتيب من اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة، وبالتنسيق مع القوى والفصائل الوطنية، فضلاً عن انتشار المسيرات والمهرجانات الخطابية في مختلف المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية.
وستنظيم المسيرات الشبابية الحاشدة بمناطق الضفة الغربية باتجاه نقاط التماس مع قوات الاحتلال عند الجدار العنصري والحواجز العسكرية و"الخط المحتل" الفاصل عن الأراضي المحتلة العام 1948، في ظل تصعيد الشارع الفلسطيني ضد عدوان الاحتلال بحق الأسرى في معتقلاته.
كما يشهد قطاع غزة المحاصر تنظيم الأنشطة والفعاليات المتنوعة، أبرزها مهرجان "عائدون" الضخم، لتأكيد عدم التنازل عن حق العودة والمطالبة بالتحرك الدولي تجاه تسريع عملية إعادة إعمار القطاع.
وقد عززت قوات الاحتلال الاسرائيلي من تواجدها الأمني والعسكري المضاد عند الحواجز والمعابر ونقاط الاحتكاك في الأراضي المحتلة العام 1967، مقابل تصعيد لغة التهديد والوعيد لفلسطينيي 1948 حيال أي نشاط يحمل "روح النكبة"، تحت طائلة العقوبة، وفق مسؤولين إسرائيليين.
فيما من المقرر أن تنطلق الأنشطة والفعاليات المتنوعة في مختلف أقطار اللجوء والشتات، اليوم، لتأكيد تمسك اللاجئين الفلسطينيين بحق عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجروا منها عام 1948.
وقامت الحركة الصهيونية خلال النكبة بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكاب أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، واستلاب 79 % من أرض فلسطين التاريخية، وتشريد زهاء 900 ألف لاجئ فلسطيني.
فيما قدر لاحقاً أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلتهم بين أعوام 1948 و1956 بنحو خمسة آلاف لاجئ ممن حاولوا العودة إلى وطنهم.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ تقدر نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة نحو 43.1 % من مجمل المواطنين الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام الماضي.
وبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى "الأونروا" حوالي ستة ملايين لاجئ، يستضيف الأردن أكثر من مليوني لاجئ منهم، في حين قدر عدد المواطنين الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم عام 1948 بحوالي 154 ألف فلسطيني، حيث يبلغ عددهم اليوم حوالي 1.5 مليون نسمة.
ولم تبدأ النكبة الفلسطينية عام 1948، وإنما قبل ذلك بكثير، ففي عام 1799 خلال الحملة الفرنسية على العالم العربي نشر نابليون بونابرت بيانا يدعو فيه إلى إنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين تحت حماية فرنسية بهدف تعزيز الوجود الفرنسي في المنطقة.
لم تنجح خطة نابليون في ذلك الوقت إلا أنها لم تمت أيضا، حيث أعاد البريطانيون إحياء هذه الخطة في أواخر القرن الـ19، وتجسد ذلك بداية من 1897 حين دعا المؤتمر الصهيوني إلى إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين.
وبعد سقوط الإمبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وقيام الانتداب البريطاني في فلسطين بدأت قوى الاستعمار البريطانية بتنفيذ مخططها لبناء دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
وفي عام 1917 أعلن وعد بلفور الدعم البريطاني لإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين، وجاء الوعد في رسالة كتبها وزير خارجية بريطانيا السابق آرثر بلفور إلى البارون روتشيلد -وهو أحد زعماء الجالية اليهودية في بريطانيا- لإحالته إلى الاتحاد الصهيوني في بريطانيا العظمى وإيرلندا.
وبعد ذلك توالى توافد اليهود إلى فلسطين بدعم من البريطانيين، كما اشترى اليهود عددا من الأراضي الفلسطينية لبناء مستوطنات عليها، مما أدى إلى تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، وكل هذا تم بدعم كامل من البريطانيين.
ولم يستسلم الفلسطينيون أمام هذه التحركات، وأدت جهود المقاومة في 1936 إلى قيام ثورة عربية ضد الإمبريالية البريطانية والاستعمار الاستيطاني الصهيوني.
سحق البريطانيون الثورة العربية عام 1939، ووجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة عدوين: قوات الاستعمار البريطاني والعصابات المسلحة الصهيونية التي تزايدت أعدادها لتصل إلى أربعين ألف شخص في ذلك الوقت.
في الـ29 من تشرين الثاني 1947 أقرت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، وشكل اليهود في فلسطين وقتها ثلث السكان، أغلبيتهم قدموا من أوروبا خلال السنوات القليلة التي سبقت هذا التاريخ، وكانوا يسيطرون على مساحة تصل إلى أقل من 6% فقط من دولة فلسطين التاريخية، إلا أن الخطة المقترحة من قبل الأمم المتحدة خصصت لهم 55% من المساحة.
رفض الفلسطينيون وحلفاؤهم العرب الخطة المقترحة، بينما وافقت عليها الحركة الصهيونية، خاصة أنها أضفت صفة الشرعية على فكرة بناء دولة يهودية على أرض فلسطين العربية إلا أنها لم توافق على الحدود المقترحة، ولذلك أطلق الصهاينة حملات مكثفة للاستيلاء على المزيد من أراضي فلسطين التاريخية.
ومع بداية عام 1948 سيطر اليهود على عشرات المدن والقرى الفلسطينية وطردوا سكانها الفلسطينيين من بيوتهم بالقوة، وذلك تحت أعين سلطات الانتداب البريطاني.
وفي الـ14 من أيار 1948 قرر البريطانيون إنهاء فترة انتدابهم لفلسطين، وفي اليوم نفسه -الذي انسحبت فيه قوات الانتداب البريطاني رسميا من فلسطين- أعلن رئيس الوكالة اليهودية ديفد بن غوريون إقامة دولة إسرائيل.
وخلال دقائق قليلة اعترفت أكبر قوتين من قوى العالم -وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي- بإسرائيل، وأصبح الفلسطينيون بلا دولة.
وتوالت بعد ذلك خطط لتطهير أرض فلسطين من سكانها، وبذلوا قصارى جهدهم لمسح التراث والثقافة الفلسطينية من الوجود، وأفرز هذا الوضع معاناة ممتدة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.

 

المصدر: القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء -