قانون يهودية الدولة تطهير عرقي للفلسطينيين

بقلم: غازي السعدي

أضافت الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 11/5/2017 إلى ترسانتها من القوانين العنصرية والقرارات ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر يطال عرب الداخل وما يطلق عليهم بمواطني عام 1948 قانونا جديدا أطلقوا عليه قانون القومية للشعب اليهودي والمعروف بيهودية الدولة صوت إلى جانب هذا القانون 48 نائبا من أصل 120 عدد نواب الكنيست وعارضه 41 نائبا وعلى رأس المعارضين نواب القائمة العربية المشتركة التي تضم 13 نائبا وهذا القانون اعتبر بمثابة إعلان حرب على المواطنين العرب في إسرائيل الذين يشكلون أكثر من 20 من مجموع عدد السكان فهذا القانون اعتداء على مكانتهم وعلى حقوقهم الأساسية ويعرض وجودهم في وطنهم ومستقبلهم للخطر ويضعهم تحت رحمة حكومات إسرائيل العنصرية اليمينية
منذ أكثر من عقد تحاول الأحزاب اليمينية تمرير تشريع هذا القانون لعرقلة المفاوضات مع الفلسطينيين لحل المشكلة الفلسطينية فحكومة نتنياهو اشترطت في مفاوضاتها اعتراف الفلسطينيين يهودية الدولة كشرط لأية تسوية قادمة بين إسرائيل والفلسطينيين لكن الملفت للنظر أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تضع مثل هذا الاشتراط لدى مفاوضاتها مع بعض الدول العربية والتوصل إلى حلول معها منها مصر والأردن فلم يضعوا مثل هذا الاشتراط الذي وضعوه في مفاوضاتهم مع الجانب الفلسطيني
إن هذا القانون الذي يطلقون عليه إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي هو قانون عنصري إضافي يفوق خطورة عن عشرات القوانين العنصرية التي شرعتها ضد المواطنين العرب في إسرائيل فهدف هذا القانون اقتلاع عرب الداخل من حقوقهم ويشكل خطرا على تواجدهم ومن دلائل خطره أنه يحظى بشبه إجماع صهيوني على ما جاء فيه من استهداف للشعب الفلسطيني ليس المتواجدين على أرض وطنهم بل في جميع أماكن تواجدهم بيمنا يعتبرون بأن اليهود في العالم شعب واحدا وليس ديانة لا أساس لهذه البدعة التي اختلقوها لتبرير وجودهم على أرض فلسطين فهذا القانون يحدد في بنده الأول أن فلسطين وحسب تسميتهم بـ أرض إسرائيل هي مكان تقرير المصير للشعب اليهودي وحده ما يعني أن لا حق للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في وطنه لسد الطريق امام إقامته دولته الفلسطينية وبالتالي لغلق الطريق أمام عودة اللاجئين الفلسطينيين والمهجرين في وطنهم ويجعل من مواطني فلسطين 1948 الذين يزيد عددهم عن مليون وثماني مئة ألف مواطن رعايا في وطنهم لا حقوق قومية لهم واعتداء على تداول لغتهم العربية وبطبيعة الحال فإن شرعية وجود فلسطينيي الداخل وتطلعاتهم القومية لا يستقيها من خلال القوانين العنصرية الصهيونية فقد تمادى القانون على مكانة لغتهم العربية فهم مواطنون أساسيون من مواليد هذه البلاد فالقانون يستهدفهم ويستهدف وجودهم ففي عام 2015 حاول نتنياهو تشريع هذا القانون على الكنيست لكن جرى تجميده بسبب المعارضة والانتقادات الكثيرة التي جوبه بها لكن العنصرية تتفاقم والفاشية ترفع رأسها مما جرى طرحه على الكنيست من جديد وعندما بحث هذا القانون في اللجنة التشريعية للحكومة صوت أعضاء الحكومة بالإجماع عليه بينما رفض هذا التشريع في السنوات السابقة فالوزير نفتالي بينت رئيس حزب البيت اليهودي وحسب صراحته الوقحة عن التسوية السياسية مع الفلسطينيين قرر قول الحقيقة على حد تعبيره أنه لن تقوم هنا دولة فلسطينية
أثنا التصويت في الكنيست على هذا القانون قاطع النواب العرب الجلسة وخرجوا منها بشكل تظاهري بعد أن وجدوا أن هناك أغلبية يهودية للمصادقة على هذا القانون
لكن علينا أن نشير أن هذا القانون حمل في طياته موضع خلاف عقائدي بين التيارات الدينية اليهودية والصهيونية ويثير خلافات يهودية يهودية يثير تحفظات كثيرة لدى اوساط الديانة اليهودية في العالم بما يشمل منظمات وجمعيات ناشطة في اللوبي الصهيوني الأميركي لها أهميتها في دعم إسرائيل وأن هذه الخلافات وأشدها ظهرت لدى التيار الديني المتزمت الحريديم المناهضين للصهيونية مع أن قسمهم الأكبر يعترف بإسرائيل ككيان فقط ويشارك في الحكم وانتقادهم للقانون كونه لا يمنح مكانة كاملة وحاسمة للشريعة اليهودية كمرجعية أولى للتشريعات أما العلمانيون فإنهم يتخوفون من تثبيت الشريعة اليهودية على الحياة المدنية العامة في إسرائيل وقد وصف وأعلن رئيس حزب يوجد مستقبل النائب يائير لبيد بأن قانون القومية هو قانون كراهية وتحريض فئات المجتمع ضد بعضها البعض ومن الطبيعي أن معظم الانتقادات والمعارضة لهذا القانون جات من قبل المجتمع العربي في إسرائيل
وحسب نص صيغة هذا القانون العنصري التي وضعها رئيس الوزرا بنيامين نتنياهو تحديد هوية دولة إسرائيل يصنفها الدولة القومية للشعب اليهودي وأن ما يطلقون عليه بأرض إسرائيل أي أرض فلسطين الانتدابية هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي الذي يجسد فيها حقه في تقرير المصير وبمزاعم تراثه الحضاري والتاريخي ويقر القانون بأن النشيد الوطني للدولة هو هتكفا بالعبرية وترجمتها الأمل بالعربية وأن علم الدولة أبيض مع خطين سماويين في جانبيه تتوسطهما شارة نجمة داوود باللون السماوي وأن رمز الدولة هو الشمعدان السباعي وعلى جانبيه غصنان للزيتون وأسفله كلمة إسرائيل ويؤكد القانون على مبدأ حق العودة لأي يهودي في العالم القدوم إلى البلاد والحصول على الجنسية الإسرائيلية بمقتضى القانون ضمن مبدأ جمع الشتات اليهودي ورفض جمع شتات الفلسطينيين وتعزيز التواصل مع الشعب اليهودي في الشتات وستعمل الدولة على تدريس تاريخ الشعب اليهودي وتراثه وتقاليده في جميع المؤسسات التعليمية وأن التقويم العبري يعتبر التقويم الرسمي للبلاد وسيكون القضا العبري مصدر الأحكام في المحاكم الإسرائيلية
وخلاصة القول فإن مضمون هذا القانون العنصري لا يحتاج إلى تعليق بل أنه يتحدث عن نفسه بنفسه ونضيف أن ما كان معروفا لنا من قبل فإن إسرائيل تريد الأرض بلا فلسطينيين وتنتهج سياسة التوسع والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني إنها دولة تعتمد في حكمها البلاد على القوة العسكرية والبطش وهي والسلام نقيضان وكلمة أخيرة فإن مضمون هذا القانون يتطلب من العالمين العربي والإسلامي أخذه بعين الاعتبار في رسم سياستهم الدولية وبخاصة في الصراع العربي الإسرائيلي
انتهى

بقلم غازي السعدي