سلام لمن حمل الورود بوداعه مصطفي ابو عيادة

بقلم: كرم الشبطي

سكن الحارة وهو صغير هذا الشاب الأسمراني الجميل وكان بسمته واضحة دوما بالخفة والنكتة وعطر الكلمة أينماقابلته بالتحية والسلام وزادت المعرفة به عن قرب عندما تقرب من أخي وصادقه وبدأت الرحلة لهما في مشقة الحياة وكان عنوان للمثابرة والتحق بالصفوف التنظيمية وكان له بصمات من حكاياه المثيره عندما كنت أسمعها عنه تضحك وتبهر الجميل تصرفاته التلقائية من كل حدث برغم المرار الذي كان يواجه والذي سمعته منه تكرارا وتعبيرا عما حصل في غزة ولم يعد له أمل في الحياة هنا وبدأ البحث سريعا عن
مخرج مهما كلف الثمن ونحن لا نختلف عنه وكما تحاكي القصة كل من يعيش هنا ويبحث عن الأمل بتوفير لقمة العيش له ولعائلته وكانت ميزة مصطفي بانه لم يستسلم للقدر وجرب حظه في كثير من الصنعات وحتي سياقة السيارات وهنا أذكر وقت ما جاء وطلب أن يشتري سيارتي وهي بدون أوراق وقديمة جدا من نوع بيجو وكنت قد جربت ذلك في أزمات الحياة وقلت له أمام الجميع ضع السعر والرقم الذي تريده ولم أختلف معك ولا أريد مناقشته وبالفعل قدم مبلغ وترك الباقي عندما يتحصل عليه من العمل وسدد الحق بالكامل وكان مكافح جدا وصبور وبعدها قامت الحرب وقصفت السيارة أثناء الضربات الصاروخية والهمجية للمحتل وعاد يفكر من جديد وتوصل لنتيجة حتمية بانه لا بد ان يسافر ولم يعد له مكان في هذا البلد وشاورني بذلك ويعلم باني حاولت مثله من قبل في وقت الشدة ولم يحالفني الحظ أن اتحصل علي فيزا من اجل الهجرة والمغادرة لقطاع غزة المحاصر والذي ضاق به الحال ومن حق اي انسان بالبحث عن الأمان وليس حب ولا رفاهية بقدر ما هو الألم بعينه ونحن نفكر بهجرة أرضنا والذي دافعنا عنها وضحينا بالكثير من كل سنوات عمرناوبعد التكرار و المحاولات نجح بالخروج ووصل ليبيا وعمل هناك سنوات وبعد ما حدث بها غادرها وتوجه الي اوروبا كما كان يحلم كأي شاب ينظر للمستقبل ويريد تحقيق ذاته بنفسه وبعيد عن كل ما يحدث من انقسام للوطن قتلنا في كل يوم مليون مرة ونحن نري العذابات بأهلنا وكيف يعانون الأمرين من ذلك وفرحت الدنيا له وكان سعيد لحد ما وبرغم قساوة الغربة هناك وبعده عن الاهل والأصدقا والاحباب جاء الخبر الفظيع بحادث غريب من نوعه ولا نعلم كيف بلع لسانه وهو كان سمته الوحيدة برسم الضحكة علي الوجوه ومكث في العناية المركزة حتي فارقنا الحياة في السويد وهنا نطرح مليون سؤال لماذا لم تتكفل السفارة بارجاعة الي أرضه ودفنه بها وعائلته لم يتوفر لها دفع رسوم كبيرة وتقدر بلاف الدولارات وهي تعاني الكثير وله أخ خر فكر بالهجرة وبالفعل خرج ويمكث في المغرب حتي الن وله كلمات مؤثرة لسماع خبر أخيه وهما في الغربة وبعيدون عن بعض وكل تواصلهم عبر المواقع الاجتماعية وهذا يعبر عن لاف من شردوا من غزة وعن كل من هجر وطنه مرغما وليس راغبا وهو يفقد النور في ظل الظلام الدامس والمخيم علينا بدون رحمة للفقير ولا أملك غير ان أقدم التعازي لعائلته ولشعبنا وكان الله بعوننامن سماع كل خبر ونحن نحاول أن ننهض من كبوتنا ونخرج من سياق الكهف والنفق المظلم للانسانية ويبقي القدر وحده من يلعب بنا ويقدفنا مع كل موجه ونحن عبارة عن قشة في مواجهة الرياح العتيدة والأعاصير وقت ما تهب وتقلعنا من جذورنا لنموت خارج ما تمنينا
وعكس ما عشقنا بروح هذا الجميل الأسمراني ولروحه السلام صديقنا الغالي شهيد الغربة مصطفي ابو عيادة


كرم الشبطي ksh
ksh كرم الشبطي