الاستيطان وأمريكا وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن لعاقل أن يتصور بالمطلق أن الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب يمكن أن تعمل على تقديم خطوات فعلية لعملية السلام المتوقفة بسبب الاستيطان وجرائم الإحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وبين الفينة والأخرى تظهر تسريبات لجس النبض بان هناك أفكار أمريكية وأحيانا جلسات لطرح أفكار لعملية التفاوض، وكلها تدور في نفس الدائرة ولا توقف للاستيطان في ظل ذلك، ونلمس ذلك من خلال طرح المخطط الإستيطانى الكبير الذي أعده مجلس المستوطنات في الضفة الغربية ببناء حوالي 67 ألف وحدة استيطانية.
فأي سلام يطرح تحت سيف الاستيطان، وأي خطط تطرح لن يكتب لها النجاح، خاصة أن نتنياهو تعهد بإبقاء السيطرة على الضفة بأي اتفاق مستقبلي.
وتعقيبا على تصريحات نتنياهو باستمرار السيطرة الأمنية على كل أراضي الضفة وبضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، كشرط لصنع السلام، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مازن صافي في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء": "إن ما يقوم به نتنياهو وحكومته المتطرفة هو إعادة السيناريوهات القديمة وتأزيم المواقف ورفضا للمساعي الأمريكية وإفشال خطة الرئيس الأمريكي ترامب والدخول في مفاوضات بلا برنامج أو هدف أو مدة زمنية أو سقف ومرجعية دولية.
وأضاف صافي، ولهذا فانه من غير المتوقع أن نشهد تغيرا قريبا في المواقف اﻻسرائيلية وأتوقع دخولها في عزلة داخلية تنتهي بحكومة إسرائيلية جديدة، وهذا يعتمد على الخطوات التي يمكن ان يتخذها ترامب لتنفيذ ما تحدث به.
استمرار السيطرة العسكرية والأمنية
وكان رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" تعهد باستمرار السيطرة العسكرية والأمنية على الضفة الغربية المحتلة في إطار أي اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية، رافضا الحديث عن حق العودة قائلاً إنه غير مستعد لسماع شيء عن حق العودة.
وأعرب نتنياهو عن اعتقاده بان الفرصة الأفضل حالياً هي البدء بالتصالح مع الدول العربية المعتدلة والتطبيع معها وبعدها العودة للمسيرة السلمية لأن فرصة نجاح هذه الخطة أفضل من البدء بالفلسطينيين.
من جهته قال نبيل أبو ردينه الناطق الرسمي باسم الرئاسة، إن تصريحات نتنياهو بشأن قرار حكومته مواصلة الاستيطان، وبناء مستوطنة جديدة على أراضي دولة فلسطين، "يؤكد للمجتمع الدولي مرة أخرى، أن إسرائيل ما زالت تضع العراقيل، وتدمر فرص استئناف المسيرة السلمية".
وأضاف، في تصريح صحفي: هذه التصريحات تشكل تحديا للإدارة الأميركية، ومساعيها الرامية لخلق الأجواء المناسبة لعملية سياسية جادة، وتحديا سافرا للمجتمع الدولي بأسره، الذي اعترف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولقرارات مجلس الأمن الدولي، التي أدانت بشكل صريح، الاستيطان في الأراضي الفلسطينية كافة، واعتبرته مخالفا للشرعية الدولية.
الصدام السياسي والسيادة الفلسطينية
وفي معرض رده على سؤال حول طرح واشنطن لأفكار جاهزة للتفاوض حولها في ظل استمرار التغول الإستيطانى، فكيف يمكن أن تركب هذه المعادلة وهل يمكن فعلا أن تنجح هذه الأفكار، قال صافى :"نتطلع ﻻن تأخذ اﻻدارة اﻻمريكية القضية الفلسطينية على محمل المسؤولية واﻻ تمارس اﻻنحياز السياسي لصالح إسرائيل وأيضا اﻻ تطالبنا بان نقدم تنازﻻت من أجل إنجاح خطتها او رؤيتها والتي حتى اﻻن المعلن منها هو اﻻعتماد على اتفاق الطرف الفلسطيني مع اﻻسرائيلي وهذا بالضبط نفس الخطأ والخديعة التي مارستها اﻻدارة اﻻمريكية متعمدة بعد بدء تنفيذ اتفاق اعلان المبادئ أوسلو حتى وصلت اﻻمور الى الصدام السياسي وتفريغ اﻻتفاق من مضمونة وتعطيل كافة المسارات وكان واضحا ان الهدف هو عدم الوصول الى الخطوة الثانية بما تمثل الملفات النهائية ومنها القدس والحدود والمياه واللاجئين، وملفات أخرى كان الهدف منها هو السيادة الفلسطينية على كافة اﻻراضي التي تتسلمها وبما يشمل كافة الحدود البرية والمائية والجوية، وحين تسلم نتنياهو الحكومة اعتبر ان اﻻتفاق بمثابة الكارثة على اسرائيل وان القدس هي العاصمة اﻻبدية لإسرائيل وانه ﻻ يوجد سيادة او دولة فلسطينية وبدأ في تكثيف البناء اﻻستيطاني حتى انفجرت اﻻوضاع كاملة .
وأضاف صافي، في حديثه لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، واليوم بعد تعاقب الحكومات اﻻمريكية واﻻسرائيلية وفي نهاية فترة اوباما حصل الفلسطينيون على قرار اممي 2334 وهو يعتبر اﻻستيطان غير شرعي وما بني فوق اﻻرض الفلسطينية يعتبر مخالفا للقرارات الدولية وفي بداية وﻻية ترامب ايضا حصل الفلسطينيون على قرار من اليونسكو يعتبر حائط البراق فلسطيني ويمتد الى مساحة باب المغاربة وما امامها وان التهويد فيها غير شرعي ومخالف للقرارات الدولية.
مواصلا حديثه، وبعد زيارة ترامب ﻻسرائيل ولفلسطين وعقد مؤتمرات ومباحثات سياسية اصبح واضحا ان المساعي اﻻمريكية للحل غير واضحة المعالم وتراجع ترامب بما يخص سفارة بلاده للقدس واعتبر هذا نجاح للدبلوماسية الفلسطينية ورغبة امريكية في ترتيب اوراق المنطقة واﻻبتعاد عن تحويل الصراع من سياسي الى ديني كما حذر من ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ليعود نتنياهو ليرد على ترامب محاوﻻ القفز على نتائج زيارته ومتهما الفلسطينيون بانهم يريدوا انهاء اسرائيل ولكي يثبت الفلسطينيون حسن النوايا عليهم اﻻعتراف بالدولة اليهودية وانه في حال وجود اي حل مستقبلي يجب ان تكون السيادة اﻻمنية ﻻسرائيل .
وبالتالي تحويل التجمعات الفلسطينية الى كنتونات امنية ﻻ تشبه باي وجه المطالب الفلسطينية المتمثلة بحل الدولتين وان تكون الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وتتمتع بالسيادة الكاملة وحق الحركة دون وصاية او استعمار امني احتﻻلي ، وفي نفس الوقت ووفق ما صرحت به القيادة الفلسطينية ان الدولة اليهودية لن نعترف بها وان اسرائيل تسمي نفسها بما شاءت فهذا امر غير ملزم للفلسطينين بالمطلق وان اﻻمن بالمفهوم الفلسطيني هو اوﻻ انهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ذات السيادة وحق العودة وتقرير المصير .
خطة أميركية لإستئناف المفاوضات
هذا وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة إن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ينتظران خطة أميركية يفترض أن يطرحها البيت الأبيض على الجانبين من أجل استئناف المفاوضات.
وتوقعت المصادر وفق ما ذكرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أن يطرح الأميركيون خطة للحل تتضمن أفكارا أميركية جاهزة حول القضايا الأكثر حساسية، وهي: الحدود، والقدس واللاجئين، على أن تجري مناقشة هذه الأفكار وتعديلها خلال المفاوضات بطريقة ترضي الطرفين.
وأكدت المصادر أنه لا توجد ملامح واضحة للتصور الأمريكي المرتقب، لكنه سيضع رؤية لطبيعة الحلول بالنسبة للقضايا المصيرية والتي هي محل خلاف كبير.
وقالت المصادر إن الرؤية الأميركية ستتضمن أفكارا سياسية وخططا أمنية، باعتبار الولايات المتحدة ضامنا للحل، بما في ذلك الحل الأمني الذي ستشارك فيه.
ويفترض أن يسافر وفد فلسطيني مكون من 5 مسؤولين، إلى الولايات المتحدة من أجل مباحثات مع وفد أميركي مكون من 5 مسؤولين أيضا، لبحث تفاصيل متعلقة بالملفات النهائية للحل.
