يأبى الاحتلال الصهيوني إلا أن يؤكد للعالم أجمع أنه نقيض للسلام وأنه لا يدخر جهدا في الفكر والممارسة من أجل السيطرة على مزيد من الحقوق العربية مهما كانت التحولات في المنطقة وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي
ما قاله رئيس إسرائيل روفين ريفلين بمناسبة الذكرى الخمسين لاحتلال جزء من الجولان السوري دليل على ما ذهبنا إليه وهو يتزامن مع مؤامرة الربيع العربي التي نعيش مفاعيلها اليوم في عدد من الدول العربية ونلمس دور الأدوات المتمثلة بالحكام العرب الرجعيين والميليشيات الإرهابية في تدمير الأرض والإنسان ونهب الثروات والخيرات وصولا إلى محاولات تقسيم وتفكيك هذه البلدان ومنها سورية
في هذا السياق تماما زعم ريفلين بأن مرتفعات الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من منطقة الجليل وأضاف قائلا خلال احتفال نظمته إسرائيل في الذكرى الـ50 لاحتلال الجولان اليوم خصوصا في ضوء التغيرات الإقليمية يبدو لي أن لا أحد يخالف أن الجولان جزء إستراتيجي من دولة إسرائيل وهو أمر ضروري لوجودنا كشعب
وتابع إذا كان هناك من جدل إسرائيلي داخلي حول الجولان فقد انتهى ولن نترك سكان الجليل عرضة للقتل ويجب على دول العالم أن تعترف رسميا بأن الجولان جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل وأنه ضروري لوجودنا كشعب
في المصادر الجغرافية يحد الجولان نهر اليرموك في الجنوب وبحر الجليل ووادي الحولة في الغرب وجبل حرمون في الشمال ومنطقة وادي الرقاد في الشرق في حين احتلت المنطقة الغربية من قبل الاحتلال ولكن يتم التحكم في الثلث الشرقي من سورية
وفي المصادر التاريخية وقع الجولان عام 1967 تحت الاحتلال الصهيوني فبعد الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 واتفاقية الهدنة المشتركة في 20 تموز 1949 أصبحت الحدود السورية مع فلسطين المحتلة تضم أربع مناطق منزوعة السلاح كان الجيش السوري حررها من إسرائيل في أثناء الحرب المذكورة وهي منطقة بانياس ومنطقة الحولة كعوش ومنطقة العامرية الحاصل ثم منطقة بحيرة طبرية مع شريط الحمة وشاطئ بحيرة طبرية الشرقي وقد تعرضت هذه الأراضي لاعتداءات إسرائيلية متكررة خرها احتلال الجولان في 5 حزيران 1967 وترافق احتلال الجولان بتهجير معظم سكانه قسرا تلاه نقل مستوطنين صهاينة إلى مستوطنات في الجولان أقيمت بعد الاحتلال مباشرة
وفي عام 1973 قامت سورية في حرب تشرين المجيدة بتحرير القنيطرة وما حولها من أراضي الجولان المحتل على امتداد شريط يساير خط الهدنة الجديد ويضم مدينة القنيطرة وقرى الحميدية والقحطانية وبئر العجم والبريقة والرفيد وغيرها
لكن سلطات الاحتلال لم تتراجع عن سياستها الأساسية الهادفة إلى احتلال الأرض العربية والتوسع فيها إلى الحدود التي رسمتها المطالب الصهيونية لدولة إسرائيل الكبرى فغيرت معالم المنطقة المحتلة بتدمير المراكز العمرانية والمنشت العربية والمؤسسات وبيوت العبادة وأزالت عشرات التجمعات السكنية من الوجود ودمرت مدينة القنيطرة قبل تحريرها بأيام كما اتجهت إلى تحصين المواقع والمستوطنات الإسرائيلية تحصينا قويا وربطتها بشبكة كثيفة من الحواجز والتحصينات العسكرية إضافة إلى عشرات المستوطنات وجلب شذاذ افاق اليها
غير أن أخطر خطوة في هذا الاتجاه التوسعي الاستيطاني كان إصدار قانون ضم الجولان إلى إسرائيل الذي قدمته حكومة تل أبيب إلى الكنيست في 14 كانون الأول 1981 وتنص مادته الأولى على التي يسري قانون الدولة وقضاؤها وإدارتها على منطقة مرتفعات الجولان وبهذا أخذت إسرائيل تتعامل مع مسألة الجولان على أنه جزء منها وهو الأمر الذي يأتي في سياقه زعم روفلين في الذكرى الخمسين لسلبه
وفي إثبات الحق جاءت مقاومة عملية الضم من المواطنين السوريين الذين بقوا تحت الاحتلال الإسرائيلي وعدم التخلي عن الهوية السورية الوطنية انسجاما مع مقررات ومبادئ الوثيقة الوطنية التي صدرت عن مؤتمر وطني عقد في قرية مجدل شمس في أواخر عام 1980 حيث أعلن المواطنون السوريون في الجولان الإضراب العام إثر صدور قانون الضم ردت عليه سلطات الاحتلال باستخدام شتى وسائل القمع والإرهاب والقهر والحرمان فاعتقلت الكثيرين وهدمت المساكن وفرضت ضرائب جديدة وصادرت أراضي جديدة وغير ذلك من إجراءات أدت إلى صدامات بين قوات الاحتلال والمواطنين
قبل مدة زمنية ليست بالبعيدة تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم انسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان السورية المحتلة مشددا على أن الموقع الإستراتيجي على الحدود السورية سيظل للأبد تحت السيطرة الإسرائيلية وقال إننا موجودون في مرتفعات الجولان ومرتفعات الجولان ستبقى بيد إسرائيل إلى الأبد
إذا كان الجولان هدفا رئيسيا في الفكر والممارسة الصهيونيين منذ عشرات العقود الزمنية ويعمل الاحتلال على إبقاء سيطرته عليه إلى الابد فهل السلام ممكن مع المشروع الصهيوني
كل الحقائق والوقائع تنفي ذلك وتؤكد تمسك سورية شعبا وجيشا وقيادة بالجولان وحتمية تحريره وعودته إلى حضن الوطن والسبيل إلى ذلك يكون بالمقاومة بكل أشكالها ولا سبيل غير ذلك
بقلم/ نعيم إبراهيم