أفقدت الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي يعيشها سكان قطاع غزة، بسبب الحصار، والأحداث السياسية الداخلية، عيد الفطر المبارك بهجته المُعتادة في القطاع، أسوة بباقي المناطق في العالم العربي والإسلامي.
وشهدت القطاع مؤخرًا، تفاقمًا في الأوضاع المعيشية، بعد إجراءات السلطة الوطنية الفلسطينية، تجاه القطاع، والتي شملت استقطاع جزءًا من رواتب الموظفين التابعين لها مدنيين وعسكريين، وقطع رواتب جزء أخر، على وقع خلافات سياسية.
تلك الخلافات، وما ترتيب عليه، كان ضحيته كالعادة الشعب الفلسطيني، الذي يمر في أصعب ظروفه، منذ أحداث عام 2007؛ وترتب على ذلك تراجع كبير في نسبة الشراء والإقبال على السلع والبضائع طيلة شهر رمضان، وخلال الأيام التي تسبق العيد.
فالزُحام في الأسواق، تراجع عن السنوات الماضية، فالأسواق منذ منتصف شهر رمضان تكتظ بالسلع، ويبدأ المواطنون بمراسم استقبال عيد الفطر، من خلال شراء الملابس والحاجيات، لكن لم تكُنّ تلك الأجواء حاضرة هذا العام، سوى في الثلاث أيام الأخيرة من الشهر.
والناظر لحالة السوق يتلمس تأثيرات الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي يمر بها الفلسطينيون في القطاع، من خلال التراجع في نسبة الشراء، وتكدس البضائع، التي أجبرت أصحابها لعرض بأثمان زهيدة، وتقديم عروض عليها، لجذب الزبائن.
وضع سيء
مالك أحد محال بيع الملابس الشبابية بمحافظة خان يونس محمود شراب، يقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، : "هذا الموسم هو الأسوأ على الإطلاق، السنوات الماضية كان الوضع سيء، لكن هذا العام أكثر سوءًا من ذي قبل، بسبب الوضع الاقتصادي".
ويضيف شراب : "تبقى للعيد يوم، وكل أملنا في هذا اليوم أن تنشط الحركة بعض الشيء، بعد تلقي المواطنين مساعدات، والموظفين جزءًا من رواتبهم"؛ مُشيرًا إلى أنه من الواضح أن الوضع يزداد سوءًا سنة بعد سنة، ولا يتقدم، بل في تراجع.
ويلفت إلى أنهم وأصحاب محال تجارية يتخوفون، من خسائر كبيرة، في حال لم تتحسن الحركة؛ لافتًا إلى أن البضائع متوفرة وبكثرة، والأسعار مناسبة، لكن الزبائن يأتون بأعداد قليل، وإن أتى أي منهم، يريد بأثمان زهيدة جدًا، لعدم مقدرته على الشراء؛ حتى أن أجواء بهجة العيد بالكاد تظهر، بل أنها انعدمت.
تراجع الشراء
صاحب أحد محال بيع الشوكلاته والسكاكر، أشرف السعدي، يشتكي هو الأخر من تراجع نسبة البيع هذا العام؛ مؤكدًا لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، تراجع الكميات التي عرضوها في المحل هذا العام لأكثر من النصف، وجلبوا كذلك بعض الأصناف الشعبية زهيدة الثمن، التي يُقبل عليها الزبائن أكثر من الباهظة، لعدم مقدرتهم على شرائها.
وينوه السعدي، إلى أن السلع متوفرة هذا العام، والأسعار مناسبة، مقارنةً بالسنة الماضية، وذلك أيضًا بسبب الأوضاع، فمعظم التجار يعلمون جيدًا وضع البلد، والكميات التي أتوا بها، وقد لا يُباع جزء كبير منها في موسم العيد، الأفضل طوال العالم للمحال والتجار.
ويشير إلى أن الزبائن يسألون عند دخول المحل عن أرخص السلع، ويقبلون على شرائها؛ لافتًا أنه لا يخلوا منزل في العيد من الحلوى، خاصة الشوكلاتة والحلقوم، لذلك يتحول التوجه نحو الزهيدة، رغم علمهم برداءة جودتها؛ متمنيًا أن يتحسن الحال، وتستقر الأوضاع، التي تنعكس إيجابًا على حالة البلد.
كساد البيع
مالك أحد محال بيع الأكسسورات النسائية أحمد عاشور، يقول : إنّ "محله يفترض الأكثر إقبالاً في الشراء بموسم العيد، فمعظم النساء لا بد لها من شراء هذه الإكسسورات؛ لكن الوضع هذا العام سيء، وربما الأسوأ منذ سنوات طويلة".
ويوضح عاشور، إلى أنه لم يقُم بإنزال البضائع بشكلٍ مطلوب، كما كل عام، لأنهم يعوا أوضاع البلد الصعبة؛ مشيرًا إلى أن محلهم التجاري يقع في مكان بمحافظة خان يونس، الأفضل من حيث موقع البيع، والحركة ضعيفة، فما بال المحال التي تقع خارج نطاق هذا المكان.
ويضيف: "يدخل المحل عشر زبائن مثلاً، لا يشتري منها واحد أو اثنين"؛ لافتًا إلى أن أزمة الكهرباء أرهقتهم كذلك، من خلال استخدام بدائل أعلى تكلفة، كما أن التراجع في نسبة البيع، أثر على مُلاك المحل والعاملين به؛ متمنيًا أن يكون القادم أفضل، وتنتظم الرواتب والكهرباء، وتعود الحياة لطبيعتها، حتى تعود بهجة العيد لسابق عهدها.
ويمُر قطاع غزة، في ظروف إنسانية وحياتية صعبة جدًا، نتيجة الأوضاع الاقتصادية، والخلافات السياسية، والحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أحد عشر عامًا؛ ما انعكس سلبًا على كافة مناحي الحياة، وكبد قطاعات كثيرة خسائر فادحة.