أعود للكتابة بعد انقطاع مدة ليست بالقصيرة تخللها أحداث وتطورات كبيرة على الصعيد الفلسطيني والعربي ، وأهمها الصراع الفلسطيني في خيمة الانقسام ، والثانية المسالة القطرية وتأثيراتها على مجمل الأحداث في المنطقة الغربية ، فلسطينيا ، هناك أمرين الأول بدأ قبل نحو شهرين حيث أثيرت زوبعة كبيرة كانت محط الأحاديث الفلسطينية في كل مكان حول إجراءات قاسية وحازمة ستتخذها السلطة برئاسة الرئيس محمود عباس لإنهاء الانقسام ، وإجبار حركة حماس على التخلي عن سيطرتها على قطاع غزة ،عندها توقعنا أن قطاع غزة قد دخل في مرحلة مخاض عسير ، بدأت هذه الإجراءات بمفاجأة أصابت موظفي قطاع غزة الذين يتقاضون رواتبهم من وزارة المالية الفلسطينية ألا وهي خصم ما نسبته 30 من رواتب الموظفين ما اثأر حفيظة المواطنين جميعا في قطاع غزة ، تم تمرير هذا الخصم للشهر الثاني والثالث ، مع إجراءات مثل تقليص كمية الكهرباء الموردة إلى قطاع غزة ، الأمر الذي أصبح فيه جميع المواطنين لا يحصلون على اكسر من أربع ساعات وصل مقابل 12 ساعة قطع ، وإيقاف التحويلات الطبية للعلاج في خارج القطاع ، ما أدى إلى وفاة العديد من المرضى ، ونسمع عن إجراءات أخرى قادمة ، السؤال الآن ، وبصراحة لمن هذه الإجراءات وضد من ، هل هي ضد حركة حماس أم ضد الشعب الفلسطيني برمته في قطاع غزة ، الواضح تماما أن حركة حماس لم تتأثر بهذه الإجراءات بل الشعب الفلسطيني المغلوب على أمرة هو من يتلقى مثل هذه الضربات إجراءات طالت كل بيت ، ولم تغير ساكنا ، وما زال شعبنا يعاني من هذه الإجراءات لنزيد من معاناتهم المتواصلة منذ عشر سنوات .
الثاني ، في أعقاب الإعلان عم مقاطعة بعض الدول العربية لدولة قطر واتهامها بمساعدتها وتمويلها الإرهاب في المنطقة ، سارعت مصر بدعوة بعض من قيادات حركة حماس لزيارة مصر والتباحث في أمور تهم الجانبين وبعد التقاء الوفود وتسرب أنباء متفائلة حول اللقاءات بين قيادات حماس والمسئولين المصريين ، إذ بنا نسمع خبرا كالقنبلة المدوية عن وجود تفاهمات بين حركة حماس وما يسمى بالتيار الإصلاحي لحركة فتح الذي يتزعمه محمد دحلان ، تفاهمات تزف البشرى لسكان قطاع غزة تشير إلى بوادر انفراج لهذا القطاع المحاصر ، وعود بحل مشكلة الكهرباء ، وعود بفتح المعبر ، وعود بالمصالحة الوطنية وعود بفتح الآفاق أمام سكان قطاع غزة بشبابه وشيوخه رجاله ونساءه ، وما زالت هذه التفاهمات يتبادل أطراف الحديث عنها ، مسئولون سواء من حركة حماس أو من مسئولي التيار الإصلاحي ، وبين همهمات المواطنين في مجالسهم الخاصة ، في الوقت الذي أعلنت فيه حركة حماس عن عدم وجود أي تفاهمات أو وثائق موقعة بين الطرفين ، وكذلك السلطات المصرية التي أشارت إلى أن عنوانها الرئيسي في التعامل مع الشأن الفلسطيني هو السلطة الفلسطينية ورئيسها الرئيس محمود عباس ، وعلى العموم لا توجد حتى الآن أي وثيقة أو بيان رسمي من الطرفين حول هذه التفاهمات وما نشر هو عبارة عن تسريبات مجهولة المصدر نشرت في وسائل التواصل الاجتماعي .
إذن فقطاع غزة تتنازعه سياستان متناقضتان ، الأولى سياسة العقاب الجماعي والتجويع سوف تصيب كل مناحي الحياة في القطاع تحت دعوى إنهاء الانقسام بعد أن فشلت كل الجهود التي بذلت لإنهائه ، والثانية مبشرة بأمل ورجاء بانتهاء عهد المعاناة التي دامت لمدة عشر سنوات معاناة خسر فيها القطاع وسكانه الكثير من أبنائه وممتلكاته ومستقبلهم .
ويبرز أمامنا سؤال لماذا يتعرض قطاع غزة لمثل هذه السياسات هل أصبح حملا زائدا على البعض واقصد هنا بالتحديد السلطة الفلسطينية يجب التخلص منه ، أم أن قطاع غزة ومشاكله يقف عقبه أمام بعض المخططات التي يجري إعدادها للمنطقة ، أم أن قطاع غزة جزء من عمليات التغير والتكتل والتمحور الجارية في المنطقة والتي برزت بشكل كبير بعد قرار بعض الدول العربية بمقاطعة وحصار قطر .
أيا كانت الأسباب الاجابه يمكن رؤيتها ومعرفتها في وجوه الناس في كل مكان من قطاع غزة ، حيث اليأس والإحباط لدى الجميع ، الجميع يطالب بحياة كريمة ترقى إلى مستوى قيمة الإنسان كانسان ، الفقر والبطالة والمرض والجوع ، وإهدار الكرامة الإنسانية باتت السمة الغالبة في هذا القطاع ، وما زال الوضع على حاله ، ما زالت حالة الترقب والانتظار لما هو قادم بين الأمل والمجهول المرعب لأناس لا ذنب لهم إلا صمودهم وتضحياتهم ، وتشبثهم بأرضهم وتصديهم للاحتلال ، إننا نترقب ما يأتي بعد سوف ، فماذا سوف يأتي ، أو ماذا خلف الضباب الكثيف الذي يحيط بنا .
بقلم/ أكرم أبو عمرو