كل الأنظار كانت تتجه إلى ما سيحدث في غزة بعيد عيد الفطر، والآن هذه الأنظار نفسها تتساءل عن مدى تطبيق تفاهمات حماس – دحلان عمليا على أرض الواقع بعد بدء توريد الوقود لمحطة كهرباء غزة، واقتراب وصول وفد من حركة فتح"التيار الإصلاحي"الذي يقوده النائب محمد دحلان برئاسة المسؤول الثاني بالتيار سمير المشهرواي لغزة، في خطوة وصفت بأنها إيجابية جدا.
وعلى الطرف الآخر،تنظر السلطة الفلسطينية بعين الخطورة إلى تفاهمات حماس– دحلان، وتعتبرها خارج نطاق الشرعية ومشروع انفصال تدريجي ما بين غزة و الضفة.
حماس- دحلان- عباس
وفي ظل هذه الأزمة الطاحنة التي تعصف بالوضع الفلسطيني، ما هي سبل الإنقاذ ولم الشمل الفلسطيني، بدلا من سياسية التفرق التي أدت إلى تدهور الأوضاع في قطاع غزة، وهل يمكن للقاهرة أن تنجح في عقد لقاء ثلاثي بين (حماس- دحلان- عباس) لحل هذه الأزمة، أم أن زواج حماس– دحلان سيقود لطلاق الضفة؟
الكاتب و المحلل السياسي سميح خلف، عقب بالقول وفق ما رصده تقرير " وكالة قدس نت للأنباء" :" ربما تعمل القاهرة هذه الأيام على ائتلاف قد يعيد الحالة الوطنية بخطوط سياسية وتنفيذية لاكتمال المثلث الفلسطيني ، ويتمثل ذلك بالتيار الإصلاحي " أبو فادي - حماس - أبو مازن، وتلك مجرد محاولة قابلة للنجاح والفشل والكرة في ملعب أبو مازن.
وأضاف خلف أن" المرحلة القادمة نضال يتجاوز الصاروخ هو بناء الجيل الفلسطيني على أسس ثقافية وعلمية سليمة وهو المهم في الصراع وحدة أبناء حركة فتح ضرورة حتمية."
هذا و من المقرر أن يصل الرئيس محمود عباس إلى مصر بعد ختام جولته الأفريقية الأوروبية و التي تشمل أثيوبيا وتونس ومصر في القارة الأفريقية ، وفرنسا في أوروبا.
لا داعي للمبالغة في موضوع دحلان
بينما رأى الكاتب و المحلل السياسي محمد خليل مصلح، أن علاقة حماس مع دحلان استعراض لقدرتها على التحالف والمرونة قد تكسر قواعد وقوالب قديمة وهي استرضاء ورسالة تطمئن الجانب المصري وحسابات أخرى ستكشفها الأيام لكن لا أشك في نواياها.
وقال مصلح لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، إن انفصال غزة عن باقي الوطن فكرة غير واقعية وهي أمنيا تحمل سلبيات ومخاطر كثيرة على النظام المصري القائم من العلاقة الطبيعية والفكرية بينهما و بين الإخوان المسلمين والصراع القائم مع النظام ومخاطر العدوى العسكرية لإخوان مصر من حماس غزة والتشابك الجغرافي.
فهل وصل الأمر لحد المبالغة في هذا التحالف وتبعياته، الكاتب و المحلل السياسي الدكتور نهاد الشيخ خليل يقول إنه " لا داعي للمبالغة في موضوع دحلان، و ألاحظ وجود شيء من المبالغة في تقييم التفاهمات بين حماس ودحلان."
مواصلا حديثه، "والمبالغة في اتجاهين، الأولى المتفائلون الذين يعتقدون أن جروح غزة ستلتئم على يد "المنقذ"، ويعمل تيار دحلان بكل قوة على ترويج هذا التفاؤل، وربما يشاركه بعض الحمساويين ، والثانية المتشائمون الذين يخشون أن يتمكن دحلان من هزيمة حماس والتغلب عليها، وهؤلاء في غالبيتهم من أصدقاء حماس."
وهل من أفق لنجاح الاتفاق يقول خليل وفق ما رصده تقرير " وكالة قدس نت للأنباء" من الناحية الإجرائية، فإن دحلان لن يُعطي قبل أن يأخذ، وحماس لن تُعطي قبل أن تأخذ، ولا أتوقع أن يكون عطاء دحلان مشجعاً لحماس ، و من الناحية الإستراتيجية، دحلان يتبع محور عربي معادي للمقاومة، ومعادي لإرادة الشعوب، وهو عبّر عن هذا في مناسبات كثيرة، والتسجيلات تملأ اليوتيوب ، وحماس خاصة قيادة غزة، تُعوِّل على المقاومة، وتؤمن بجدواها، وتوظف أغلب مواردها لخدمة المقاومة ،ولهذا انصح بالابتعاد عن المبالغة، سواء في مجال التفاؤل أو التشاؤم!
هذا و كان القيادي في حركة حماس محمود الزهار قال "ان حركته لن تسمح بأي حالة أمنية أو عسكرية في قطاع غزة تضر ببرنامج المقاومة".
وكشف الزهار أن وفد حماس الذي زار العاصمة المصرية القاهرة مؤخرا التقى بوفد من تيار القيادي الفلسطيني محمد دحلان.
و أوضح الزهار أن اللقاء الذي جمع وفد حماس بتيار دحلان أسفر عن الاتفاق على مجموعة قضايا، أبرزها تفعيل المجلس التشريعي وإدخال الكهرباء والدواء لغزة والسعي لفتح معبر رفح والمصالحة المجتمعية.
اختراق في العلاقة بين الطرفين
إذا لماذا الجدل و الخشية من تفاهمات حماس دحلان؟ الكاتب و المحلل السياسي مصطفى إبراهيم عقب بالقول على هذه التفاهمات قائلا:" حركة فتح شنت ولا تزال تشن هجوماً على حركة حماس ودحلان بعد التفاهمات وإدخال وقود مصري لتشغيل محطة توليد الكهرباء المتوقفة عن العمل منذ ثلاثة أشهر، بعد ان اتخذ الرئيس عباس قراراته غير المسبوقة ضد غزة بحجة الضغط على حماس لإستعادة الوحدة الوطنية."
وأضاف إبراهيم وفق ما رصده تقرير"وكالة قدس نت للأنباء" ، يبدو ان تفاهمات حماس دحلان لم تزعج حركة فتح فقط، إنما أزعجت قطر، خاصة انها تعطي للإمارات دورا في التخفيف من الأزمة الانسانية في قطاع غزة بواسطة دحلان، إضافة إلى تحسن العلاقات المصرية الحمساوية منذ عدة أشهر والزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار عمقتها، وأحدثت اختراقا مهما في العلاقة بين الطرفين كما ورد على لسان السنوار وإعتبرها إيجابية، لذا بدأت الحركة بإقامة المنطقة العازلة على الحدود كخطوة لبناء الثقة وإثباتها جدية في ترميم العلاقة مع مصر وتطويرها."
مواصلا حديثه، "وعلى إثر لقاءات القاهرة قال الدكتور خليل الحية أنه لا وجود حساسية في التعامل مع تيار دحلان، وأن اللقاء مع أعضاء من تيار دحلان جاء في إطار استكمال الجهود الإنسانية والتكافلية بالقطاع التي بدأت منذ سنوات. وأن اللقاءات لم تنقطع، وفي نهاية المطاف هم جزء من شعبنا الفلسطيني، وتجمعنا قواسم مشتركة في العلاقة، وعندما نذهب للقاهرة غالباً ما نلتقي بشخصيات من فريق دحلان، والتقينا كثيراً مع سمير المشهراوي الذي تربطنا به علاقة صداقة وأخوة، وبحثنا مع تيار دحلان إلى جانب الأوضاع الإنسانية في غزة ضرورة إتمام ملف المصالحة المجتمعية."
تنصيب دحلان زعيما
ومن الأسئلة المطروحة هل يمكن ان يصبح دحلان زعيما للفلسطينيين، يجيب إبراهيم بالقول :" تنصيب دحلان زعيما للفلسطينيين ربما حلم بعيد المنال، فالأمور ليست بهذه البساطة لأسباب كثيرة، وأن حماس لن تتخلى عن غزة حتى على جثة أخر عنصر فيها، غير انه لا يخفي طموحه بالعودة للساحة الفلسطينية عبر بوابة غزة والتفاهمات مع حماس تسهل له ذلك، حتى لو كان بواسطة الدعم والمشاريع الاماراتية التي ستنفذ في الفترة القادمة. وينظر كثير من الفلسطينيين بريبة وفي مقدمتهم فتح الرسمية ممثلة بالرئيس محمود عباس لمحمد دحلان وإصراره على العودة."
وأضاف، "كما لا يخفى على أحد طموح اسرائيل بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وحتى توطين الفلسطينيين في سيناء وقدم عدد من المسؤولين والباحثين الاسرائيليين رؤيتهم في ذلك من خلال مؤتمر هرتسيليا في العام 2002، و2003، و2004، و2008، وهناك خشية كبيرة لدى الفلسطينيين من دفع غزة تجاه مصر، ويحاول رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو جاهدا لتنفيذ ذلك والتملص من مسؤولية اسرائيل تجاه قطاع غزة، وقد قال خلال أزمة تقليص كهرباء غزة انه أجرى اتصالات مع دول اوربية ومصر لتزويد القطاع بالكهرباء، وقد مارست إسرائيل ضغطاً كبيراً على السلطة الفلسطينية للعودة عن قراراها بوقف تحويلات العلاج في الخارج وتمويلها لمرضى القطاع.