مهلة ترامب، واشتراطات صفقة العصر

بقلم: مازن صافي

كم هي المهلة التي منحتها إدارة ترامب للقيادة الفلسطينية، للتجاوب مع "خطة الحل النهائي" أو "صفقة العصر"، ودون انتظار معرفة المهلة أو نهايتها، فلقد وضحت الصورة كاملة في تصريحات القادة الفلسطينيين، من قلب المحافل الدولية وعبر اللقاءات المختلفة، فلا اعتراف بالدولة اليهودية، ولا تنكر لتاريخ وحق الأسرى الذين قضوا سنوات من عمرهم في معتقلات الاحتلال لأنهم دافعوا عن الحق الفلسطيني، ولا تجفيف لمصادر رزقهم، وفي المقابل أيضا لا تجاوب مع ما طرحه ترامب وفريقه الأمني في أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة باعتبار حركة حماس إرهابية، وجاء التأكيد على ذلك من خلال تصريح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، برفضه الاتهامات والادعاءات الزائفة التي تروجها إسرائيل حول ما تسميه "التحريض الرسمي الفلسطيني"، ووصف حماس والجبهة الشعبية بالحركات الفلسطينية الإرهابية، وفي نفس الوقت الرفض الفلسطيني لمشروع أيلون القديم وما تروج له الصحافة العبرية عبر إخبار "موجهة" وتوتيرية، أن "شعب غزة" على بُعد خطوات من تسمية كيان مستقل بإسمهم، وانفصال شطري الوطن كاملا، والتصريحات الغاضبة للمبعوث الأمريكي التي جاءت بعد التأكيد له أن المواقف الفلسطينية ثابتة وان الحل يبدأ من القدس عاصمة للدولة الفلسطينية وانه لا دولة في غزة ولا انفصال لشطري الوطن، وان حل الدولتين الذي تعمل "إسرائيل" بكل قوة على شطبه ومعاداة كل من يعمل تجاهه، وممارستها كل أنواع العنصرية ضد الشعب الفلسطيني كافة لقطع الطريق على أي حلول ممكنة، هي الحل الممكن الآن، والذي يعني زوال الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية فوق الأرض التي احتلت عام 1967م وعاصمتنا القدس وحق العودة وتقرير المصير والوضع السيادي للدولة وتثبيتها كدولة عضو كامل العضوية والحقوق في الأمم المتحدة.

إن قضيتنا الفلسطينية ومشروعنا الوطني هو الخاسر الأكبر من الانقسام وتبعاته، وهذا الانقسام الذي استغلته "إسرائيل" أبشع استغلال، وتقوم بعض الدول بتغذيته ورعايته، لا يمكن أن يمنح الحماية والاستقرار لأي كان، وكل الحسابات المبنية عليه تقود للكارثة، ومن يرعى الانقسام بالمال أو المواقف، لا يهمه مصلحة شعبنا وقضيتنا ومستقبلنا، بقدر اهتمامه بحساباته الخاصة ومدى الاستفادة من الورقة الفلسطينية لتحقيق أهدافه.

إن وضع مصلحة شعبنا الفلسطيني فوق أي حسابات، ورفض الاملاءات والاشتراطات الأمريكية والإقليمية، ومعالجة التباينات على قاعدة حاضرة ومستقبل وطننا المحتل، هو الانتصار الحقيقي، وفي نهاية الأمر نتفق جميعا أن الشعب الفلسطيني الذي يقع تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي ووفق القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، يحق له مقاومة هذا الاحتلال بكل الطرق المشروعة، ووطنيا علينا أن نترك التعنت من أجل التعنت (وان نتجه بشكل اقوى من ذي قبل باتجاه اعادة اللحمة بين شقي الوطن، فلا يعقل ان نتخذ ابناء شعبنا رهينة هذه الانقسام ) ولا مجال لأن يستمر هذا الوضع المعقد لأنه لن يحقق ( أحلام وطموحات ومستقبل شعبنا الذي ضحى بدمه وبالغالي والنفيس من اجل الوطن وهو بالتأكيد غير مستعد وبالمطلق بالتضحية من اجل استمرار هذا الانقسام البغيض).

وقفة: الإجماع الوطني على صوابية الموقف القيادي الفلسطيني المتمثل فيما قاله د.صائب عريقات في الأمم المتحدة، يتوجب ليس فقط تقديم رسائل شكر لهذا الموقف الشجاع، بل ان تقف كل الفصائل الفلسطينية عند مسؤولياتها ليكون الموقف الفلسطيني موحدا امام العالم.

بقلم/ د. مازن صافي