اربع مسائل محظورة في المفاوضات القادمة

بقلم: هاني العقاد

تتواصل المشاورات واللقاءات الامريكية الفلسطينية من ناحية والأمريكية الاسرائيلية من ناحية اخري لبلورة خارطة مبادئ تشكل اساس  للعملية السياسية  كما ويتواصل الاعداد لترتيب لقاء قمة ثلاثي يجمع الرئيس ابو مازن ونتنياهو في مزرعة الرئيس ترامب وبقدر هذا التسارع  هناك تسارع دراماتيكي اخر وكبير في المنطقة بالتوازي يسير باتجاه تشكل جبهة عربية واسعة لمحاربة الارهاب تكون اسرائيل عضوا مهما فيها  وبالطبع هذا مدخل للتطبيع  العلني والشامل بين اسرائيل و الدول العربية , هذا التطور يعني ان الايام القادمة سوف تتكثف الاتصالات الدبلوماسية بين الأميركيين والفلسطينيين  بهدف احداث تقدم حقيقي على هذا المسار  يتيح فتح الطريق امام التقدم على المسار الثاني وهو الحلف الجديد  الذي تقوده السعودية ومصر , بالفعل هناك وفد  دبلوماسي فلسطيني  رفيع المستوي ينوي التوجه الى واشنطن  خلال الايام القادمة  للقاء  طاقم السيد جيسون غرينبلات لاستكمال المشاورات والتنسيق لانطلاقة حقيقية لمفاوضات مباشرة بين الطرفين  وستكرس الزيارة ايضا   لنقل الرؤية الفلسطينية لاستئناف المفاوضات وترتيب وتهيئة الاجواء لإنجاح اللقاء الثلاثي الذي يجمع ترامب وابو مازن ونتنياهو والتهيئة لإطلاق مفاوضات فلسطينية اسرائيلية موسعة ومباشرة بالتزامن مع اللقاء الثلاثي.

 الادارة الامريكية تعمل منذ فترة على اعداد خارطة   مبادئ   تعتبرها اساسية كي تبني عليها  قاعدة تسمح  باستئناف المفاوضات بين الطرفين وهذه المبادئ حسب وجهة نظر الادارة الامريكية انها ستمكنها من عقد لقاء قمة ثلاثي يجمع الرئيس ابو مازن ونتنياهو وفي حضور الرئيس ترامب في واشنطن وسوف تنجح في اطلاق المفاوضات بعد ذلك مباشرة برعاية كبيرة وتقترح الادارة الامريكية ان تنطلق المفاوضات  على مرحلتين , المرحلة الاولى تركز المفاوضات على بناء الثقة بين الطرفين واذا نجحت واشنطن بإقناع اسرائيل بكبح النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس ستنجح المرحلة الاولى في اعادة الثقة وخلال هذه المرحلة   ستقترح واشنطن رزمة اجراءات امنية في الضفة الغربية بالمقابل  تنفذ بمساعدة امريكية  ودعم امريكي غير مسبوق للأجهزة الامنية هناك , وسوف  تحفز السلطة على  المشاركة في كافة الاجراءات التي تتخذها السعودية ومصر باتجاه محاربة الارهاب والاسلام المتطرف هذا سيكون كافيا للبدء بإجراء اتصالات عربية اسرائيلية تهيئة للتطبيع الكامل, اما المرحلة الثانية   فانه سيتم التفاوض على الوضع النهائي للقدس وقضية اللاجئين أي ان قضية اللاجئين والقدس لن تدرج ضمن ملفات التفاوض في المرحلة الاولى. وبهذه المرحلة ستكون المبادرة العربية قد قلبت والمفاوضات جزئت واصبحت دون المسار المنطقي الذي قد يفضي الى حل  شامل وقريب للصراع  .

جيسون غرينبلات على راس وفد دبلوماسي امريكي كبير اجري  مؤخراً محادثات هامة مع الرئيس ابو مازن ونتنياهو كل على انفراد  , هنا قالت التقارير انها محادثات معمقة مع اطراف الصراع الفلسطينيين والإسرائيليين واعتقد ان كوشنر وغريبلات  سلموا نتنياهو وابو مازن مسودة خارطة المبادئ  التي اعدها فريقه حول المبادئ التي تري واشنطن انها كفيله بإعادة الطرفين الى مفاوضات جدية يكن ان تحقق اختراقا سياسيا ما اتجاه التوصل الى اتفاق تاريخي يقضي بإنهاء الصراع الطويل واتمنى ان لا تكون المبادئ الامريكية من بينها  شرط الاعتراف المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالدولة اليهودية لأنني اعتبر ان هذا ملف محظور تناوله وحتى من المبادئ القاتلة لأي حل سلمي , وانا اعتبر ان هذا من اخطر المسائل المحظور  طرحها واعتبر ان  طرح  هذا الملف على الطاولة يبرهن ان واشنطن تدير المفاوضات بالوكالة عن اسرائيل وهي لا تريد ان ينتهي الصراع بل تجدد الصراع بطريقة ايدلوجية بحته من خلال طرح مسالة الاعتراف بالدولة اليهودية .

لقاء القمة الثلاثي الذي سيجمع ابو مازن ونتنياهو ترامب سيكون صافرة بداية المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين  واعتقد ان هذه المفاوضات يمكن ان تنطلق في واشنطن اولا ومن ثم تنتقل الى القاهرة او الاردن ولعل هناك اربعة مسائل محظورة في المفاوضات اولها التفاوض و الاستيطان الإسرائيلي مستمرا وتهويد القدس دون توقف فلابد من بوادر حسن نية تعيد الثقة للفلسطينيين بان يتوقف الاستيطان تماما اثناء المفاوضات ولعل التفاوض تحت نير الاستيطان والتهويد و سرقة الاراضي وبناء الالاف الوحدات السكنية يعتبر مواقفة رسمية من المفاوض الفلسطيني  لكل  اشكال الاستيطان , وانصح بوقف التفاوض اذا ما رفضت اسرائيل ايقاف او تجميد الاستيطان اثناء فترة المفاوضات في الضفة والقدس ,المسألة  المحظورة الثانية   هي التأجيل او ترحيل بعض القضايا الى سنوات قادمة ليستمر التفاوض الى  عشرات السنوات وبالتالي تفلح اسرائيل و واشنطن طرح الحل على مراحل طويلة وهذا من اخطر ما يهدد عدم التوصل الى حلول و الذي من شأنه ان يفشل   العملية السياسية بالكامل حتى لو انهي العرب الخصام مع اسرائيل وطبعوا بعلاقات سياسية واقتصادية وامنية ,المسألة الثالثة وهي الاكثر خطرا القبول بشروط اسرائيل لأنهاء الاحتلال و المتمثل في فرض اعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهودية وهذا يعني ان اسرائيل اخذت ما تريد ولان تعطي الفلسطينيين ما يريدوا واعتقد ان اذا اصرت وانطن على هذا المطلب سو تتفجر المفاوضات ولن يصل الطرفان الى حل .والمسألة الرابعة وهي من المسائل المحظورة في المفاوضات القادمة ان تنطلق المفاوضات دون جدول زمني  وهذا يعني ان اسرائيل حققت غايتها بان تسير المفاوضات دون نهاية وبلا نهاية وهذا يمكن اسرائيل من اطالة عمر المفاوضات لتحقيق شئيا على الارض .

بقلم/ د. هاني العقاد