نميمة البلد: الصحفيون خط أحمر ... والحرية لا تتجزأ

بقلم: جهاد حرب

رفع الصحفيون أمس الخميس شعارات متعددة في الوقفة التضامنية التي نظمتها نقابة الصحفيين الفلسطينيين أمام، وبضيافة، هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية مع الصحفي فؤاد جرادة مراسل تلفزيون فلسطين والمحامي عامر بعلوشة المحتجزان لدى سلطات حماس في قطاع غزة الأول بتهمة التخابر مع رام الله والثاني لكتابته بوست (Post) على صفحته في الفاسبوك. وهي نفس الشعارات التي رفعها المتضامنون مع الصحفي جهاد بركات مراسل تلفزيون فلسطين اليوم الأسبوع الفائت الذي نال حريته.

الشعاران اللافتان اللذان حملهما المشاركون " الصحفيون خط أحمر" و"الحرية لا تتجزأ" تعبران عن الحالة التي وصلت اليها حرية الاعلام في البلاد فهي ضحية الانقسام الذي نخر "الجسم الصحفي" بتغييب الدفاع عن مبدأ حرية التعبير باعتباره قاعدة لطيف واسع من الحقوق كالإخبار وحق الوصول للمعلومات وتلقيها وإعادة نشرها، وهي أيضا "حرية التعبير" تتضمن أشكالا متعددة ومختلفة كتنظيم المسيرات والتظاهر والاضراب وغيرها؛ فالصمت أيضا حرية تعبير.

تلقى جميع المعتقلين من الصحفيين والإعلاميين تهما سخيفة لا تنم عن عقلية الدولة أو المنطق القادر على الاقناع، وعجز النظام عن الدفاع عن افعاله بتورطه لتلبية رغبة هنا أو هناك تجلب الويلات للنظام وتخرق التزاماته المحلية والدولية وتضعف حجة الجميع في الدفاع عنه في المحافل الدولية وفي مواجهة الإجراءات الإسرائيلية القمعية التي تطال الصحفيين والفعل الاحتجاجي المقاوم في مواجه الاستعمار الاستيطاني. وتغرق من يدعي "المقاومة" في نظام استبدادي يكبت الحريات ويمنع التعبير بحجج واهية بل سخيفة لا تنطلي على أحد.

الحرية لا تتجزأ مبدأ أساسي لتفعل العمل التضامني بين الصحفيين والإعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني بهدف حماية الحريات الاعلامية في الضفة والقطاع بغض النظر عن شخص المعتقل وانتمائه السياسي ومؤسسته الإعلامية التي يعمل بها. فالمساس بأي أحد منهم على خلفية عمله الصحفي أو حرية التعبير أو مكان تواجده أو الصورة التي يلتقطها؛ فالصحفي بالضرورة يتواجد في الأماكن المشبوه سواء في زمن الحرب أو السلم، لنقل الحقيقة بالخبر والتحري. فهو "الصحفي" كالثائر الذي يعرف من رائحته النتنة كما كنا نقول في زمن الثورة، وبكل تأكيد الصحفي يعرف لمخاطرته ومجازفته وتواجده في الأماكن المشبوه أيضا.

سأل بعض الأصدقاء لماذا تخرجون للاحتجاج في رام الله ولا تخرجون في قطاع غزة، وهو سؤال حق أو يحتاج الى إجابة منطقية وعقلانية. في ظني الإجابة تتضمن أمرين؛ الأول: أن صاحب القضية هو من يُفعل أدوات الاحتجاج من خلال المبادرة بالدعوة للدفاع وتبني قضية هذا الإعلامي أو ذاك، وهنا لا يعني بالمطلق نفي أو التقليل من مكانة نقابة الصحفيين في الدفاع عن الحريات الإعلامية أو جهدها المبذول في هذا المجال. والامر الثاني: أن مساحة الحرية، على ضيقها، في الضفة أوسع من القطاع ما يتيح لحرية الاحتجاج دون توقع قمع أو مواجهة عنيفة بين الإعلاميين وقوى الامن. وفي ظني كان على الحكومة وقوى الامن بما فيها الشرطة في الضفة الغربية ان تشعر بالراحة أو أن تستثمر بشكل إيجابي هذه الحالة باعتبارها حامية للحرية لا أن تعتبرها عبء عليها.

 

ملاحظة: أود أن أشكر نائب مدير الشرطة رام الله وقوات الشرطة التي تواجدت يوم الاحد الفارط أمام مجمع المحاكم لتفهمها للوقفة التضامنية مع الزميل الصحفي جهاد بركات وترتيب أماكن الوقوف للمحتجين وضمان حركة السير بشكل سلس والتي عبرت علاقة طبيعية وإيجابية بين جهاز الشرطة والمواطنين والإعلاميين.   

جهاد حرب