قانون الجرائم الالكترونية في الضفة الغربية يصادر الحريات ويقلب الحقائق

بقلم: محمد مصطفي شاهين

قبل أيام صادق السيد محمود عباس علي القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية وهذا القرار قام بإعداده مجلس وزراء حكومة الحمد الله ورفعه للسيد محمود عباس للمصادقة عليه.

أولاً: ان المتفحص للجانب القانوني يجد أن المجلس التشريعي الفلسطيني هو الجهة المسؤولة عن اصدار التشريعات واصدار السيد محمود عباس لهذا القرار يعد باطلاً من الناحية القانونية، لأن عباس انتهت ولايته في 9-1-2009 واستناداً للقانون الأساسي الفلسطيني فإن المادة 43نصت علي "عدم جواز اصدار الرئيس لقرارات بقانون  الا في حالات الضرورة القصوى التي لا تحتمل تأجيل أو تأخير علي أن يتم عرضها علي المجلس التشريعي في أول جلسة له" ،  وبناء علي ما سبق يتضح لنا أن القرار بقانون بشأن الجرائم الالكترونية الصادر عن السيد محمود عباس  باطل قانونياً .

 

ثانياً: إن  مضمون المواد و النصوص الواردة في القرار شملت مواد تشمل خطورة تخالف القانون الأساسي  وتخالف قوانين حرية التعبير  وتمس بحرية الرأي والخطورة تكمن في أن هذا القرار بقانون تم بدون إشراك أي جهة في المجتمع المدني أو هيئات حقوقية أو نقابية ، فعند تفحص المواد الواردة في القرار نجد  في ثناياها  التلبيس والتدليس و اعتماد الحجج الملتوية و كبح للحرية الرأي والتعبير ضمن سلسلة من المواد التي تفرض الوصاية علي الحريات  ومصادرة للحقوق  يهدفون من وراء ذلك ترسيخ مغالطات السلطة التنفيذية وتغولها علي السلطات الأخرى  في انزلاقات تضليلية وتمويهية  هدفها السيطرة  وقمع الحريات وتعزيز الصوت الواحد للسلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية  .

ومن جهة أخري يتضمن القرار بقانون بشأن الجرائم الالكترونية الصادر عن السيد محمود عباس أحكام تنطوي على خطورة على الحريات في إطلاق

العنان للأجهزة الأمنية بإغلاق المواقع الالكترونية التي تتبني روايتهم ورؤيتهم، اضافة لحبس المعارضين وتغريمهم مالياً وفق ما نص عليه القرار من أحكام وعقوبات.

 

ثالثاً: يسمح هذا القرار للسلطات الأمنية تقييد حرية حق وصول الجماهير للمعلومات وذلك من خلال اعتماد مصطلحات فضفاضة مثل تهديد الأمن العام ، تهديد سلامة الدولة، اضعاف الشعور الوطني ، وهذه كلها مسميات واسعة تحتمل التأويلات والتفسيرات المختلفة  فيمكن أن يؤل أي لفظ لمعني مخالف للمقصد الأساسي له و كذلك الباس الحق صفة الباطل وأن تعتمد التفسير السيء وتعاقب علي ذلك كل من يختلف مع الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية.

رابعاً:  ان هذا القرار بقانون سيترتب عليه آثار أمنية واقتصادية تضر بالدولة ، بداية فإن التشديد والترهيب الذي تحمله مواد هذا القرار ستدفع الجمهور  الي العزوف عن الاشتراك في الشركات الفلسطينية للأنترنت وتكنولوجيا المعلومات ومزودي الانترنت الفلسطينيين لان هذا القرار يستوجب علي هذه الجهات تقديم معلومات عن مستخدميهم للجهات الامنية  وكذلك السماح للأجهزة الأمنية بمتابعة معلومات وخصوصيات الجمهور عبر شبكة الانترنت  ،مما سيؤدي للجوء الجمهور للشركات التابعة لدولة الاحتلال للاستفادة من خدماتها، وهنا يرز الخطر الأمني حيث يصبح المستخدم الفلسطيني لدي شركات دولة الاحتلال الالكترونية صيد سهل وهدف للإسقاط والمتابعة الأمنية، اضافة لما سبق فان هنالك أثر مالي واقتصادي سيء لعزوف الجمهور الفلسطيني عن استخدام الشركات الوطنية الفلسطينية.

خامساً : حق الحصول والوصول للمعلومات حق أصيل ويعد أهم ركائز الحرية في الدول الديمقراطية فكيف لنا أن نفسر ونتفهم هذا القرار الذي يحمل في ثناياه مواد تعارض هذا الحق ، ومن أمثلة ذلك الهامة والخطيرة قيام سلطة رام الله بإغلاق عدد من المواقع والمنصات الاعلامية الوطنية و حجبها في الضفة الغربية واعتقال عدد من الصحفيين والاعلاميين بالضفة الغربية بحجج واهنة  وترهيبهم بالقبضة الأمنية .

سادساً: ينبغي علي المؤسسات الحقوقية و النقابية وهيئات المجتمع المدني الاعتراض علي قرار السيد محمود عباس بشأن الجرائم الإلكترونية  باعتباره باطل قانوناً و يصادر الحريات شكلاً ومضموناً ، وكذلك ضرورة العمل علي تعطيل تطبيقه لمخالفته للقانون الأساسي الفلسطيني وباعتباره باطل قانوناً و لأنه يحمل العديد من المواد المموهة التي تحتمل التدليس والتأويل وفق رغبة السلطات ، وفي ذلك مغالطات عظيمة ومصادرة للحريات .

بقلم: محمد مصطفي شاهين