الأقصى يستصرخكم،، فلا تخذلوه!

بقلم: رضوان أبو جاموس

يوما بعد يوم، تزداد الأوضاع خطورة في القدس جراء تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، فلا زالت سلطات الاحتلال تغلق المسجد الأقصى وتمنع المصلين من دخوله إلا عبر بوابات الكترونية، في الوقت الذي تسمح فيه لعناصر الجماعات المتطرفة والمستوطنين باقتحامه تحت حماية شرطة الاحتلال ومخابراته .

إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على جريمة اغلاق الأقصى لأول مرة منذ عام 1969، بمثابة خطوة تصعيدية "غير مسبوقة"، تحمل دلالات خطيرة في التوقيت ورمزية القرار، فمن حيث التوقيت جاء القرار تتويجاً لسلسلة من الانتهاكات والاقتحامات المتكررة ضد الأقصى، ومن حيث رمزية القرار هو لجس نبط ردٍّ العالم العربي والإسلامي .

إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، على مرأى ومسمع من  المجتمع الدولي الظالم، ما كان لها أن تتم لولا التخاذل العربي المهين، والانقسام الفلسطيني المقيت، الذي أدى لانحراف البوصلة عن القدس واستبدال الأولويات بالثانويات.  

دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تحتاج ذريعة كي تواصل مخططاتها ضد الأقصى والمقدسات الاسلامية، فهي تسابق الزمن لفرض السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، وتنفيذ مخططاتها الخبيثة الرامية لإقامة الهيكل المزعوم وفق النصوص التوراتية المزيفة، مستغلةً عملية "القدس البطولية" لتبرير هذا الإجراء الخطير ضد المسجد الأقصى .

قرار إغلاق الأقصى يعيد بالذاكرة الفلسطينية لسنوات تسعينات القرن الماضي، إذ بان ما حدث للمسجد الإبراهيمي من مؤامرة حيكت بليل ونُفذت بنهار، وبدأ القرار آنذاك بالإغلاق المؤقت، مروراً بالتقسيم الزماني والمكاني، وانتهاءً بالسيطرة الكاملة على الحرم الابراهيمي الشريف، فعجباً على أمة لا تقرأ التاريخ ولا تستخلص عبر الماضي .

القرار "الإسرائيلي" الخطير ضد الأقصى، يأتي في خِضًم حالة من التخاذل والتواطؤ المعيب لبعض المتهافتين على تطبيع مفضوح، أو اللاهثين خلف سلام مزعوم مع هذا العدو المتغطرس، الذي يمّعن إذلالا وتنكيلاً بشعبنا الفلسطيني وانتهاكاً لمقدساتنا الاسلامية واغتصاباً للأرض والحرائر الفلسطينية.

ردّ الفعل العربي والاسلامي على القرار الاسرائيلي جاء باهتاً وخجولا، كما كان عندما المتطرّف الصهيوني "دينس مايكل" على إحراق الأقصى 21 أغسطس 1969، حينها صرّحت رئيسة وزراء الاحتلال في حينه، غولدا مائير، على الموقف العربي قائلة: "عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستُسحق، لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سباتٍ عميق"

ما أشبه الليلة بالبارحة، فمن حرق الأقصى إلي إغلاقه، سنوات عديدة، ومؤامرات شديدة، بينما لم تختلف ردود الأفعال العربية والاسلامية الإ باستبدال عبارات الشجب والاستنكار بأخرى تنسجم مع الواقع العربي المهترئ، وفي أحسن الأحوال ربما تصل الأمور لعقد قمة طارئة للجامعة العربية ومنظمة العالم الاسلامي إذا اقتضت الضرورة.

السلطة الفلسطينية هي الأخرى اكتفّت بالتحذير من تبعات القرار الاسرائيلي، مطالبةً بوقف تلك الاجراءات التعسفية غير المسبوقة ضد المسجد الأقصى ومدينة القدس، بينما الفصائل الفلسطينية لم تكن أفضل حالا، فقد دعت القوى والفصائل الفلسطينية الجماهير إلي تصعيد انتفاضة القدس، وتنظيم المظاهرات الحاشدة في كل أرجاء الوطن رفضاً للعدوان الصهيوني، ونصرةً للمسجد الأقصى .

القرار الإسرائيلي بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين وما تبعه من إجراءات عنصرية، تستوجب ردّ عربي واسلامي وفلسطيني بحجم الجريمة النكراء، وحتى نكون موضوعيين ومنصفين ولا نحمل الأمور أكبر من طاقتها، فعلى الجميع تحمّل مسئولياته للدفاع عن المسجد الأقصى حتى لا يتكرر مشهد الحرم الابراهيمي مرة أخرى في القدس .

يجب التأكيد على أن ردّة فعل الدول العربية والاسلامية، لا يجب أن تكون كردة فعل شعوبها المقهورة، وردة فعل السلطة والفصائل لا يفترض أن تشابه ردة فعل الجماهير الغاضبة، فلا يعقل أن تقف ردة الفعل للجميع عند حدّ بيانات الشجب والاستنكار والمسيرات الغاضبة.

ليس خروجاً عن الصف الوطني أو انفعالا عاطفياً مؤقتاً، بل هي رسالةً وُجّب الصدّح، ابراءً للذمة  وكشفاً للغمة، وحشداً للهمة، نقولها عالياً إن دولة الاحتلال لا تخشى الخطب الرنانة والتهديدات الجوفاء، المسيرات الشعبية العارمة، بل تخشي العمل الجهادي المقاوم الذي يعيد الأوطان ويحمي المقدسات ويذيق عدونا الويلات ويعزنا بماضينا التليد .

المسجد الأقصى لن يُترك وحيداً، وسيدافع عنه كل فلسطيني ومسلم شريف، وهنا نتوجه بالتحية والاكبار إلي أحرار وحرائر القدس، الذين صّبوا جام غضبهم على قوات الاحتلال وخاضوا مواجهات عنيفة اندلعت في مناطق عدة من القدس، أسفرت عن إصابة العشرات، كان من بينهم خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري.
يبدو أن الأمور آخذه بالتصعيد، فدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة طالبت بإغلاق كافة المساجد يوم الجمعة، داعية المصلين للتوجه لأداء الصلاة في محيط المسجد الأقصى، وحركتي الجهاد الاسلامي وحماس دعتا لإعلان يوم الجمعة القادم يوم غضب وتصعيد ضد قوات الاحتلال في كافة تواجده .

الأمر جدّ خطير والمخطط الاسرائيلي كبير، والتصعيد قادم شاء البعض أم أبى، فدولة الاحتلال اتخذت قرارها بالتصعيد، فلا يعقل أن يكون تصعيد إسرائيلي يقابل باستجداء فلسطيني، الجميع مطالب بتحمل مسئولياته والكل يعلم تماماً ما هو المطلوب منه، "سلطةً وأحزاباً وعلماءً واعلاميين الخ،،، .

من فلسطين أرض الإسراء والمعراج، نوجه نداءً عاجلاً إلى المسلمين كافة في مشارق الأرض ومغاربها قادةً وشعوباً، ونخص بالنداء شعبنا الفلسطيني بمختلف شرائحه وتوجهاته السياسية، الأقصى في خطر، فماذا أنتم فاعلون؟

 

بقلم : رضوان أبو جاموس