تقوم إسرائيل وعلى كافة المستويات وخاصة الأمنية والإستخبارية بالتحضير لليوم التالي الذي يعقب وفاة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس.
نحن بالطبع نتمنى للرئيس محمود عباس العمر المديد, لكن كل نقس ذائقة الموت وعلينا أن نأخذ بالأسباب في جميع الاحوال. نقول ذلك لأن فلسطين تنتظر منا أن نكون عقلاء وحكماء لا بل أذكياء حتى لا يصطدم شعبنا بمزيد من المطبات ويواجه مزيدا من المصائب والنكبات, فما يواجهنا يكفينا وزيادة.
صحيفة الجيروزلم بوست اليمينية الإسرائيلية نشرت مقالا يوم (أمس) حول توقعاتها لما قد يحدث في اليوم التالي لوفاة السيد عباس أشارت فيه إلى خمسة احتمالات أو سيناريوهات , وهي على النحو التالي:
1-تولي رئيس المخابرات العامة ماجد فرج دفة السلطة, (2) انتخاب السيد مروان البرغوثي رئيسا لحركة فتح وبالتالي رئيسا لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية, (3) انتخاب جبريل الرجوب خليفة لعباس, (4) حلول الفوضى في الساحة الفلسطينية , (5) سيطرة حركة حماس.
نحن بدورنا نستبعد قيام إسرائيل بإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي إلا إذا حصلت على مكسب سياسي كبير (مثل التنازل عن بعض الثوابت الفلسطينية التي يجمع عليها الكل الفلسطيني). ونحن نربأ بالطبع بالبرغوثي وهو الفتحاوي الأصيل أن يقدم مثل هذه التنازلات في المقام الأول, فضلا عن أن هذه المسألة هي مسالة وجودية لا يحق لأي فلسطيني مهما على شأنه البت فيها.
أما إذا أصر البرغوثي على التمسك بالثوابت الوطنية والعض عليها بالنواجذ, وهو ما يتوقعه منه جميع الفلسطينيين تقريبا, فلن تطلق إسرائيل سراحه حتى لو فاز بتسعين بالمائة من أصوات الفلسطينيين. أما احتمال سيطرة حماس على مقاليد السلطة في رام الله فغير قائم على الإطلاق لأسباب موضوعية معروفة.
وبخصوص انتشار الفوضى فذلك ليس في صالح إسرائيل على الإطلاق لأن ذلك معناه فقدان السيطرة على عشرات الالاف من قطع السلاح المنتشرة في الضفة بترخيص أو بغير ترخيص . لذلك ستفعل إسرائيل كل ما يمكنها لتجنب هذا الاحتمال مهما كان الثمن.
أما الاحتمالان المتبقيان (فرج والرجوب) فليسا هما الأفضل بالنسبة للشعب الفلسطيني لأسباب لسنا بصدد شرحها.
إن هذا الكاتب يرى أن على حركة فتح أن تلملم أوراقها من الآن وأن تقوم بانتخاب مرشحها لخلافة الرئيس عباس. ويشترط أن يكون المرشح شخصا مجربا ومحنكا يعرف مخاطبة العالم وفي نفس الوقت يجب أن يكون وطنيا حتى النخاع وعصيا على الضغوط والإغراءات من العدو والصديق على حد سواء. وفي هذه الحال ينبغي على الكل الفلسطيني أن يؤازر فتح لتخطي هذه المرحلة الحرجة, فإن دبت الفوضى في فتح لا سمح الله فسوف ينعكس ذلك على الشارع وتكون المصيبة والكارثة. لذلك فإن على الكل الفلسطيني أن يكون مستعدا لإنقاذ فتح من فتح إذا لزم الأمر لأن أمر فتح لا يخص فتح فقط وإنما يمس الكل الفلسطيني بشكل أو بآخر بسبب الانتشار الواسع للحركة وتبوئها مواقع المسؤولية.
وفي هذا الإطار ينبغي على حركة حماس وهي ثاني أكبر الحركات الفلسطينية أن تفكر من الآن وبصورة جدية كيف يمكنها مساعدة فتح على تجاوز العقبات التي ستواجهها, ليس حبا في فتح, ولكن خدمة للمصلحة الوطنية العليا.
ولعل أفضل مساعدة يمكن لحماس تقديمها لفتح وللشعب الفلسطيني في هذا الإطار تكون بالاتفاق مع فتح والفصائل الأخرى إن أمكن على مرشح موحد (مرشح إجماع) يحافظ على جذوة القضية ويحافظ على الثوابت ويحترم الخطوط الحمراء مهما كانت الظروف فالمستقبل لفلسطين وإن قال المشككون والمتخاذلون خلاف ذلك. والشعب الفلسطيني لن ينسى لحماس هذا الجميل.
لا أريد أن أذكر أسماء بعينها, فالساحة الفلسطينية مزدحمة بالأكفاء المخلصين.
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ..... قؤول لما قال الكرام فعول
كتب خالد عمايرة
1 أغسطس 2017