مخاوف حول الرؤية اللبنانية للفلسطينيين في لبنان

بقلم: علي هويدي

تشكل وثيقة "الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان" التي أطلقتها "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" من السراي الحكومي يوم 20/7/2017 بحضور حشد سياسي لبناني وفلسطيني ودبلوماسي ومدني لافت، خطوة إيجابية لتنظيم العلاقة بين الدولة اللبنانية واللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد ما يقارب من 70 سنة على اللجوء، على أمل ألا يتأخر تبنيها وقوننتها وترجمتها على أرض الواقع، خاصة في ظل تحفظ جزئي لحزب الكتائب اللبناني على بعض ما ورد، لكن التحفظات كما علقت الكتائب نفسها لا تشكل عائق أمام رفعها لمجلس الوزراء ومجلس النواب للإعتماد، كما أن هناك مخاوف موضوعية يُمكن أن تشكل عقبة أمام التنفيذ لا بد من التطرق إليها.

جاءت الوثيقة بعد 52 إجتماعاً حوارياً لبنانياً داخلياً امتد لسنتين شارك فيه 7 أحزاب لبنانية يمثلون "مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين"، هم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وبمشاركة خبراء ومختصين. تأسست "المجموعة" في كانون ثاني/يناير 2015 وهي المشكّلة في إطار "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" التي تتبع لرئاسة مجلس الوزراء منذ تاسيسها في العام 2005، وتضم 7 وزارات وهي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وزارة الصحة العامة، مؤسسة كهرباء لبنان، قيادة الجيش في وزارة الدفاع، وزارة العدل، مديرية الامن العام في وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية والمغتربين.

عن المخاوف، أولاً جاءت الوثيقة في صيغة "مقترحات" وهي بالتالي غير ملزمة لصانع القرار، وثانياً في ختام الكثير من المقترحات الـ 38 تأتي عبارة بالنص أو المضمون "بما لا يتعارض مع مصلحة لبنان العليا وقدراته الواقعية ومصالح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان" وهذا يعيدنا إلى ما ورد في البروتوكول الذي صدر عن القمة العربية المنعقدة في الدار البيضاء عام 1965 بإعطاء اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية في الدول العربية أسوة بالمواطنين مع احتفاظهم بجنسيتهم الفلسطينية، وتحفظ لبنان حينها على المادة الأولى (بقدر ما تسمح به احوال الجمهورية اللبنانية الإجتماعية والإقتصادية)، والثانية (ضمن نطاق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء)، والثالثة (متى اقتضت مصلحتهم ذلك، أي مصلحة لبنان)، وكما يقول المثل الشائع بين حانا "مصلحة لبنان" ومانا "مصلحة الفلسطينيين" ضاعت لحانا، ولاحقاً تم وضع المزيد من القيود على بروتوكول الدار البيضاء مع تبني جامعة الدول العربية إقتراح المملكة العربية السعودية والكويت للقرار رقم 5093 للعام 1991 والذي قرن تطبيق البروتوكول بعبارة "وفق النظم المعمول بها في كل دولة"، والثالثة بأن لا تمثيل فلسطيني في لقاءات الحوار والبحث والنقاش، إذ حددت "مجموعة العمل" أهدافها الثلاثة أولاً بـ "إقامة حوار رسمي بين الأطراف السياسية اللبنانية بشأن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين"، وثانياً "العمل على بلورة نص جامع يعبر عن وجهة النظر المشتركة للأطراف اللبنانيين المشاركين في الحوار"، وثالثاً "تقديم إقتراحات للحكومة والأطراف الرسمية اللبنانية المعنية بشأن السياسات والخطوات التي يمكن إتخاذها من أجل معالجة المشكلات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين وعلاقاتهم بالدولة اللبنانية".

اما عن سؤال الفلسطينيين للرسميين اللبنانيين عن سبب عدم تمثيل الفلسطينيين سواء في "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" أو في "مجموعة العمل"، ياتي الجواب بأن لجنة الحوار هي إطار رسمي تابع لرئاسة مجلس الوزراء ولا يعقل أن يكون مشاركون في الحوار من غير الإطار الرسمي اللبناني، لكن هذا يتناقض مع ما قامت به الحكومة اللبنانية بعد توقيع إتفاق الطائف في العام 1991 الذي أنهى 17 سنة من الحرب الأهلية، فقد تم تشكيل لجنتين واحدة لبنانية بعضوية كل من الوزراء عبد الله الأمين وشوقي فاخوري ومحسن دلول وواحدة فلسطينية بعضوية صلاح صلاح والمرحوم فضل شرورو، وعقد لقاء حواري حول توفير الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.. بغض النظر عن نتائج الحوار حينها، لكن منهجية مشاركة الفلسطينيين في الحوار مع الإطار الرسمي اللبناني تحققت في العام 1991، لهذا تبقى المخاوف من عدم الإعتماد قائمة إلا إذا ظهر ما يبددها..؟

بقلم/ علي هويدي