لأنهم صانعوا قرار .. فصانع القرار دائما لا ينتج قرارا سياسيا يتناسب مع السوق المحلية . بل ينتج قرارا يتناسب مع الحركة السياسية التي هو جزء من نظامها العام . فاقد الشيئ لا يعطيه ولكنه يحاول أن ينسب كل الأشياء لنفسه نتيجة أنه لا يملك شيئ . لا أخفيكم سرا . فأنا لا أستطيع أن أكون محايدا في هذا الموضوع لأن الحيادية لا تفرق بين الحق والباطل . تقبلوا رأيي بكل صدر رحب لأنني سأفرق بين الحق والباطل بالبيان الواضح والدليل القاطع . أنا أحمل المسئولية الكاملة عن فشل تحقيق المصالحة لحركة حماس . ليس من باب التحزب والتعصب بل من باب المنطق . فكيف ستستطيع السلطة الوطنية دفع رواتب لأكثر من خمسون ألف موظفا على قيود غزة وهي أصلا تعاني من أزمة مالية خانقة . هذا هو الشرط الجوهري التي تتمسك به حركة حماس في كل جولة للمصالحة . هذا شرط تعجيزيا وليس منطقيا . أما بالنسبة للنفوذ فحركة حماس لا يتعدى نفوذها حدود غزة . وهذا ما يجعلها تتمسك بمشروع دولة غزة . وبالتأكيد هذا المشروع لا يقبل القسمة على أثنين . وحلم دولة غزة هو دليل قاطع على أن حركة حماس لا تريد شراكة فتح في دولة غزة .
هذه هي الأدلة الذي أدعم فيها رأيي . ومع ذلك أيضا هناك أخطاء تكتيكية تتعلق بالمصالحة وإدارة الملف بشكل مهني . فلا أستثني أحدا من هذه الأخطاء .
هناك شيئ خطير يلعب دورا هاما في الإنقسام وللأسف الشديد الكثير من الناس يعتقد أنه يكمن في عدم التفاهم بين الفصيلين المتناحرين "فتح حماس" أو يكمن في الكراهية بين الفصيلين فحسب أو يكمن في تطبيق أجندة دولية ومصالح إقليمية تسعى لنشر نفوذها على الساحة الفلسطينية الداخلية . فهذه الأسباب موجودة كما يظن غالب الناس ولكنها واضحة وصريحة عبر ذهن الناس جميعا والسكوت عنها يعني عدم المقدرة على تغييرها ولكن أسباب الإنقسام الأكثر خطورة من هذه الأسباب التي ذكرتها هي مجموعة من الأخطاء القاتلة التي يمارسونها الأشخاص القائمين على ملف المصالحة وهي عدة نقاط .
أولا : الصولات والجولات المتكررة في ملف المصالحة وتسويقها في المجتمع الدولي والوطن العربي وتسويقها عبر وسائل الإعلام وتكرار الجلسات المنعقدة بين الطرفين المتناحرين يعطي إنطباعا للناس بأنهم جادين في المصالحة وأنهم يعملون ليلا نهارا لتحقيق هذا الملف الشائك . ولكن في الحقيقة ما هي إلا تقاليد واعراف سياسية الهدف منها الحفاظ على هيبة بعض الاشخاص أما الرأي العام .
ثانيا: الغريب في الأمر أن جولات المصالحة الوطنية الفلسطينية تتنقل بين العواصم العربية والدولية وتبحث على من يرعاها ويدير الحوار بين الأشقاء وهذا دليل واضح على أن الأشقاء أنفسهم لا يملكون القدرة على إدارة انفسهم وحل مشاكلهم بانفسهم . فكيف سوف يديرون الوطن سويا في حال إنتهت مهام الوسطاء بينهم وتركو الشئن لأصحابة .
ثالثا : من المؤسف أيضا أن بعد كل جلسة للمصالحة مباشرتا تبدأ الإتهامات بين الطرفين والتراشق بالألفاظ وتحميل المسئولية من طرف الى آخر عبر وسائل الإعلام وهذا ما يجعلهم يتنصلون من الإتفاقات السابقة بشكل سهل ويبقى الشعب المطحون في حيرة من أمره .
يجب علينا أن نعلم تماما أن مهما كانت الخلافات كثيرة ولكن الحلول كثيرة أيضا ومهما تراكمت المشاكل والملفات الشائكة سيكون حلها سهلا بشرط وجود النية الصادقة والوقت كفيل والجهد المتواصل كفيل أيضا في حل جميع المشاكل المتراكمة بشرط أن تكون النية صادقة لله وللوطن وللشعب ودون تأخير ولا تأجيل ولا تردد عن خدمة الخير للجميع .
بقلم الكاتب الصحفي : أشرف صالح