الوضع الكارثي في غزة، يجعل الناس ترفع مستوى توقعاتها من تفاهمات القاهرة، الجميع يعتقد انك الساحر الذي سيعالج الكارثة.
معظمهم ينتظر وظيفة بعد أن أعياه الإنتظار، او عودة لتيار كهرباء مدته 24 ساعة، التجار يفكرون بطرق الاستثمار لتعويض الخسائر، الاعلاميين يبحثون عن وظيفة في الكوفية او الغد او سكاي نيوز وغيرها من وسائل الإعلام، المرضى يطمحون بفرصة علاج وتوفير الدواء، الطلبة يفكرون كيف ستقوم بتسديد اقساطهم الجامعية، والشباب يراهنون على مساعدتهم في نفقات زواجهم، حتى موظفين حماس يعتقدون أنك ستوفر لهم رواتبهم.
الموضوع الوطني لم يعد أولوية في ذهن الناس، بفعل مأساوية الواقع وتزايد الحاجات الأساسية للحياة، يبحثون عن فرص العيش الكريم، الفقير يفكر في رغيف الخبز قبل القدس، والمريض في فرصة للشفاء.
مصيبة غزة كبيرة، لن تحلها الأحزاب ولا السلطة، ولا حتى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، معقدة ومتشابكة وتتفاقم، تحتاج إلى معجزة لوقف الكارثة عند حدها الحالي، هي أكبر من حلول المصالحة والتفاهمات، وأخطر.
حتى لا يصدم الناس، ما بين الواقع والمأمول، من الضروري مكاشفتهم بحقيقة الإمكانيات، وأن جهودك في انقاذ 2 مليون مواطن في غزة هي جهود اغاثة وليست حلولا استراتيجية تضع المواطن في المكان الآمن، وأن الحلول الجذرية تتطلب تدخلا أمميا وارادة فلسطينية تشارك فيها كل القوى الحريصة ورجال الأعمال الوطنيين ومسؤولية من المواطنين.
الكارثة موجودة وستتفاقم في ظل جرائم عباس المتواصلة، سيزيد من أعباء غزة تدريجيا، سيوصلها إلى مرحلة الإحتراب إذا لم يسقط هذا الديكتاتور تحت أقدام الشعب.
بعض الأطراف في حماس تشارك عباس الجريمة، هذا ليس خافيا على أحد، وجماعات المصالح والبزنس واللصوص ممن أثراهم الإنقسام ومعاناة الناس، ويحرسهم الإحتلال ويدعمهم، مواجهتهم ليس بالأمر السهل، ولكنه ممكن.
اعادة ترتيب أوضاع الفلسطينيين ليس بالأمر اليسير، فالواقع السياسي مزدحم بالألغام، والقانون في خبر كان، القضاء عبارة عن عصا في يد جلاد، المؤسسة التشريعية شبه معطلة، ومنظمة التحرير يهان قادتها شخصيا وسياسيا بعد أن شطبها عباس ككيان معنوي وسياسي يجسد وحدة حال الشعب.
الحاجة أكبر من تفاهمات ما بين التيار الإصلاحي في فتح وحركة حماس، قد لا تعالجها جبهة وطنية للإنقاذ مع نهاية عام 2017.
رئيس السلطة عباس لا يقل خطورة عن الإحتلال، هو يعاقب الشعب جماعيا كما فعل ويفعل الإحتلال، لم يكن يجرؤ الإحتلال الإسرائيلي على قطع التيار الكهربائي عن 2 مليون نسمة، أو يوقف خدمة العلاج عنهم، لم يرتكب جريمة إحالة موظفين بشكل جماعي إلى التقاعد المبكر في قطاعي التعليم والصحة كي يبقى المرضى بلا طبيب، والطالب بلا معلم، لو فعل ذلك لواجهة ادانات دولية أجبرته على التراجع.
بعض أطراف الحركة الوطنية تصمت عن المؤامرة، خوفا أو تقربا من عرش الديكتاتور، هم شركاء في الجريمة، لا يمكن التغاظي عن صمتهم، فالصمت في محطات تتطلب الصراخ خيانة.
إسقاط الديكتاتور وعصابته وكل الأطراف التي تشارك في الجريمة يجب أن تضاف بندا أساسيا في تفاهمات القاهرة، من الضروري أن يتفهم الأشقاء العرب هذا الموقف، هم يعلمون سبب رفض عباس لمبادرة الرباعية العربية للمصالحة، ومراوغاته المستمرة في هذا الشأن، ويعلمون تحالفه مع قطر وتركيا لتقويض الدور التاريخي للشقيقة مصر.
التفاهمات إن لم تكن شاملة لإعادة ترتيب كل الأوضاع الفلسطينية وبشكل عاجل ومتفق عليه فلسطينيا وعربيا ستكون بمثابة فرصة إضافية لإطالة المأساة والتوحش في هجوم عباس على الشعب.
مصارحة الشعب لا تقل أهمية عن تعزيز الثقة والأمل.
بقلم/ محمد أبو مهادي