أيا كانت الحقيقة حول طلب قطر تدويل الاماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة فان الموضوع قد تم وضعه على الطاولة حتى لو لم تكن قطر قد تقدمت فعلا بطلب من هذا النوع للأمم المتحدة تحديدا فالحديث يدور عن اماكن اسلامية وعلى ارض عربية وقد يكون من المنطق المقبول الى حد ما ان تتقدم قطر بمثل هذا الطلب الى منظمة المؤتمر الاسلامي او جامعة الدول العربية ليكون الحديث داخل البيت اما ان يتم بحث الامر بالأمم المتحدة او ادخال الامم المتحدة بالأمر فان الابواب ستكون مشرعة امام الغير لفعل نفس الشيء.
احد لم يتأكد بعد من صحة ما يدور فقطر تنفي ذلك ... ولم تؤكد أيا من منظمات الامم المتحدة مثل هذا الخبر ومع ذلك تصر دول الطوق او الدول الاربعة السعودية ومصر والامارات والبحرين على ان قطر فعلت ذلك رغم تكرار النفي القطري مع ان مجرد النفي وعدم ثبوت الواقعة كان سيكون امرا عاديا في الاوضاع العادية.
من الذي رفع شعار التدويل في مكة والمدينة ومن صاحب الفكرة ومن اول من اعلن ذلك ولماذا نبش الامر الآن وفي هذه الاوقات بالذات خصوصا وان القدس تعيش حالة من الغليان في موضوع الاماكن المقدسة ونحن في فلسطين نصر على انها اماكن عربية واسلامية والعالم يقف الى جانبنا فاذا اتيح لاحد طرح موضوع اسلامي خالص على طاولة امم امريكا واسرائيل فمن الذي سيمنع اسرائيل وحلفائها من طرح مثل هذا الموضوع فيما يخص القدس او بيت لحم حتى في المستقبل القريب واذا كانت قطر قد نفت اليوم فلماذا لا تتقدم اسرائيل غدا بطلب شبيه يطال مكة والمدينة والقدس وبيت لحم.
الموضوع اليوم مطروح اعلاميا وبقوة والكل يشارك بالأمر بين مؤيد ومعارض وخصوصا عند العرب والمسلمين بينما تصمت امريكا واسرائيل عن الامر وعلى ما يبدو حتى يصبح الحديث عن الفكرة مستساغا لدى العرب ومادة نقاش مقبولة لديهم كبوابة لتمرير السم في المستقبل بهذا الشأن حين يأتي من يضع السم ببساطة بالقول ولماذا لا يدور الحديث عن كل مقدس والكل المقدس قطعا هو فلسطين الارض العربية الخالصة فحين يصبح بحث تدويل الاسلامي ممكن فلم لا يجوز تدويل المشترك ولماذا لا تجد اسرائيل لنفسها فرصة لطرح حقها في القدس وبدل ان يدور الحديث عن الاوقاف الاسلامية يدور الحديث عن الاوقاف الاممية وبدل الصراع على الادوار بين اسرائيل المحتلة والاردن كدولة راعية وفلسطين كصاحبة حق يضيع الحق وبأيدينا لا بأيدي الاعداء هذه المرة.
حالة مستشرية عربيا من الغباء والتبعية بلا اي تفكير فنحن ندق الابواب التي يردون لنا ان ندقها وبأيدينا مع علمنا الاكيد ان الدق في النتيجة هو على رؤوسنا نحن لا غيرنا واليوم ونحن ننبش موضوعة التدويل في عقر دارنا فمن سيمنع الغير من نبش نفس الموضوع غدا واذا وجدنا ايران وقطر وروسيا وسوريا مثلا تؤيد الامر مناكفة في السعودية ونظامها فمن سيمنع اسرائيل وامريكا غدا ان هي ايدتهم في مطالبهم وطالبتهم بالتأييد في الموضوع الفلسطيني ان لا تأخذ ما تريد.
لست مع نظام الحكم في السعودية وادرك جيدا ان الطبخة شاطت ورائحتها منتنة فكل الاطراف في المعادلتين القطرية والدول الاربعة تحج الى امريكا وتتلقى اوامرها من هناك فقطر المختزلة اصلا بقاعدة العيديد والسعودية التي لا تملك من امرها سوى حق تسديد فواتير امريكا ومصر المنكوبة بعد سنوات الجدب والبحرين الهاربة من الخطر الايراني والامارات الامبراطورية المناوئة لإمبراطورية العيديد من بوابة وزارة الخارجية او الدفاع او السي اي ايه الامريكية جميعا يشكلون بوابات تدفق الاموال الى امريكا والمواقف والمخططات الامريكية الينا.
ان يبدأ العرب بصراع التدويل على مقدساتهم ومقدسات المسلمين يعني ان يتركوا الباب بأيديهم مفتوحا للغير ان يتحدثوا عن التدويل اينما شاءوا ما دمنا قد اجزنا نبش المحرمات والبحث فيها والغاء قدسيتها وحرمتها ولن نعض ايدينا ندما ابدا حين تخرج اسرائيل ليس بطلب تدويل القدس وبيت لحم بل بضم طلبها الى طلب قطر لكي لا تكون هي المبادرة وحين يتم طرح الموضوع على طاولة الامم المتحدة واليونسكو لا على طاولة المؤتمر الاسلامي او العربي او حتى الخليجي ولا على طاولة الإيسيسكو فان كل الخيارات ضد قضيتنا وبلادنا تصبح مفتوحة ونصبح مفضوحين كما نحن في واقع الحال.
اليوم قطر متهمة بالإرهاب ودعم الاخوان المسلمين وداعش وغيرها وقطر تعلن ان امريكا طلبت منها ذلك والسعودية حليفة قطر وداعمة جيش بن لادن والدولة المصنفة بالإرهاب لدى امريكا والامارات شريكة السعودية وقطر وتركيا في تدمير سوريا اختلفوا وباتت السعودية علمانية وقطر اخوانية والامارات ليبرالية ومصر بلد الثورة على الارهاب وقطر حليفة ايران العدو الاكبر للسعودية وحليف سوريا في مواجهة كل اشلة من دول الحصار وقطر معا فما الذي يجري في عالمنا العربي المفتت والممزق من امركة علنية للحال العربي بكل تجلياته فالدول المتنازعة اليوم هي نفسها دول المشاركة في مؤتمر ترامب الاسلامي في الرياض وهي نفسها دول التمرير للمشاريع الامريكية في المنطقة ويبدو ان الامر يتطور لتصبح دول التمرير للمشروع الصهيوني نفسه وبشكل مباشر بلا تورية.
بقلم
عدنان الصباح