الدكتور واصل ابو يوسف شخصية وطنية معروفة ابن بلدة حلحول في الضفة الفلسطينية ، من عائلة وطنية كبيرة ،انتمى لجبهة التحرير الفلسطينية في اواخر الستينيات واوائل السبعينات وشكل حضوره عامل رئيسي في مسيرة النضال ، وتولى مهمة عضو الامانة العامة للاتحاد العام لطلبة فلسطين بين عامي 1976 – 1985، عرفته كافة المواقع النضالية في فلسطين ولبنان وسوريا قبل عام 1982، وفي الساحات العربية تونس واليمن والجزائر ، مدافعا عن القرار الفلسطيني المستقل وعن المشروع الوطني والبيت المعنوي للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية ، تنقل بين المهام الوطنية الكثيرة التي انعكست على حياته الخاصة واختطفت منه اوقاته ، وعند الحديث عن حياته الاجتماعية تشعر انه غارق في السياسة ،فلا يتحدث الا عنها ولايعرف غيرها حتى في اهتماماته الاجتماعية والانسانية ، فهو سياسي ومناضل وامينا عاما لجبهة التحرير الفلسطينية وعضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، له مكانته الوطنية والقومية ، وكثيرة هي الأقلام الوطنية الصادقة ، المخلصة التي أشادت به وبتاريخه النضالي ومسيرته الكفاحية ، مؤمنا بخيار المقاومة بكافة اشكالها في مواجهة الاحتلال من اجل تحرير الارض والانسان .
جمع الدكتور واصل ابو يوسف بين القدرة على التنظير الفكري العلمي والعمل الكفاحي مستفيداً من خلفيته في دراسة دكتور في الصيدالة، فشدّد على أهمية الربط بين تشخيص الواقع والعلاج المطلوب ، فجمع بين الفكر والعمل كظاهرة نادرة في ثقافتنا وحياتنا السياسية ، واكب النهوض القومي العربي وخاصة الناصري ، وجمع في شخصه ونهجه القيادي بين الجانب الكفاحي والانساني الأخلاقي ،انكر مصالحه الشخصية وتخلى عن مهنته واعطى العمل النضالي كل الاهتمام
واصل كفاحه مستفيدا من تجارب الثورة وحركة التحرر العربي و بعقل منفتح ، مؤكدا على حمل امانة الشهداء القادة الامناء العامون السابقون للجبهة طلعت يعقوب وابو العباس وعمر شبلي "ابو احمد حلب " وسعيد اليوسف وابو العز وابو بكر وابو العمرين التي حفرت اسمائهم على صفحات تاريخ فلسطين وثورتها المضيء ، وحجزت لهم مساحة مرموقة على صفحات مجدها وعزها ، بجانب قوافل قادة عظام في النضال ، فاختارته اللجنة المركزية وقواعد وكوادر الجبهة امينا عاما لجبهة التحرير الفلسطينية ، وتحمل المسؤولية اضافة الى تمثيل الجبهة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، حيث شكلت مواقفه الوطنية نقطة تحول هامة ولها ميزة خاصة، من اهم اقواله ان ضعف الأمة يجب ان يشكل حافزاً للتحدي والمواجهة ، لاننا في حالة صراع مفتوح ، ونضال مستمر وصيرورة تاريخية .
فالمناضل د. " واصل ابو يوسف ، لا يقل شأناً عن غيره من قادة العمل الوطني التاريخيين ، فهو قائد وطني كبير، ذو قيمة سياسية عالية ، ومكانة وطنية مرموقة ، وهو واحد من أبرز رموز الثورة الفلسطينية المعاصرة يقود مسيرة الحرية والاستقلال والخلاص من الاحتلال, مع رفيقه نائب الامين العام ناظم اليوسف ورفاقه في المكتب السياسي واللجنة المركزية لجبهة التحرير الفلسطينية.
إنها مسيرة طويلة في قلب الصعوبة، ثقيلة الأكلاف دماً قبل المال، وجهداً مع الكفاءة، وإيماناً بالقضية المركزية، رغم السهر والعرق والدم، حتى تبقى الجبهة وخطها السياسي منارة مشعلها فلسطين ، تتمسك بثوابت النضال من اجل حق العودة والحرية والاستقلال وتحمل هموم وقضايا الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال .
نتحدث عن الدكتور واصل ابو يوسف اطال له في عمره ، ونحن في ظل تطورات ومتغيرات نوعية تطال بمجملها أسس ومرتكزات البرنامج الوطني الفلسطيني، هذه التطورات والمتغيرات، لأول مرة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، تتحول وتصبح خطر داهم وجدي على القضية الفلسطينية،أرض وشعب وهوية ومصير ومستقبل ومنجزات ومكتسبات، فالوضع الداخلي الفلسطيني، يشهد حالة غير مسبوقة من الانقسام السياسي والجغرافي، ومسألة توحده سياسياً ، بل وحتى جغرافياً ، أصبحت مرتهنة لأجندات واشتراطات غير فلسطينية، نتيجة ان البعض يتمسك باجندة اخرى ويضع شروط امام حكومة التوافق الوطني وعدم حل اللجنة الادارية ، والتي شكلت تعدياً صارخاً على الديمقراطية الفلسطينية، بدلا من الذهاب الى تطبيق اتفاقات المصالحة الوطنية وتعزيز الشراكة السياسية.
إذا نحن أمام واقع مأساوي يتقاطع الى حد التماهي في الكثير من المسائل، حيث الفئوية المفرطة، والعقلية الإستزلامية ايضا، ولعل الجميع لا يغيب عن ذهنه، ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ، وما تشهده وتعيشه الساحة الفلسطينية من أصحاب هذه العقليات .
من هنا نحن نتطلع الى مواقف الدكتور واصل ابو يوسف وجبهة التحرير الفلسطينية التي لها تاريخ عريق وتراث كفاحي وجذور وتواجد وانتشار على طول مساحات الوطن ،وفي مخيمات اللجوء والشتات، ان تشكل الجبهة المرتكز الأساسي والعصب الرئيسي للقوى الديمقراطية لانه ينتصب أمامها الكثير من المهام الوطنية والديمقراطية.
لذلك ندرك ثقل وجسامة الدور الوطني الكبير الذي يلعبه الدكتور واصل ابو يوسف في الساحة الفلسطينية ، كما نعي الدور الذي تقوم به جبهة التحرير الفلسطينية والتي دفعت وما زالت تدفع ثمناً نضالياً باهظاً، تمثل جزء منه في اغتيال أمينها العام السابق الرفيق القائد أبو العباس في معتقلات الاحتلال الامريكي الصهيوني في العراق ،اضافة الى الظروف المالية الصعبة للجبهة ، ولكن كل ذلك لا يعفينا من القول، أن جبهة التحرير الفلسطينية يجب ان تغرس حضورها ووجودها في عمق الوجدان الشعبي ، وتتحول إلى حزب جماهيري واسع،والمهمة هنا ليست فكرية فحسب ووطنية من الدرجة الأولى،بل انها تشكل نوع من المهام التي من شان النجاح ، حتى تتمكن من ان تمارس دورها السياسي والجماهيري وفعلها في الميدان ، واعطاء الجانب الإعلامي أهمية قصوى في ظل التطورات التكنولوجية والمعلوماتية والإعلام العصري .
ختاما : إزاء كل ذلك نعي الدور الوطني الكبير للدكتور واصل ابو يوسف الذي يحمل الهم الوطني والجبهوي ويسعى الى تعزيز دور القوى الديمقراطية في الساحة الفلسطينية حتى تكون قادرة على حماية المشروع الوطني والحفاظ على منجزات ومكتسبات الشعب الفلسطيني من خلال إعادة
اللحمة للبيت الداخلي الفلسطيني، والحفاظ على دور الجبهة ونهجها ورؤيتها على أرض الواقع ، وإشاعة العلاقات الديمقراطية مع الجماهير، وضرورة التعلم منها ، والاستفادة من طاقاتها وخبراتها، والقدرة على الإبداع واستنباط أشكال وطرق عمل جديدة ، تتماشى وتواكب التطورات الحاصلة، وخاصة ان النضال الوطني يتصاعد في مواجهة الاحتلال ومشاريعه بشتى أشكاله ، وشلال العطاء الفلسطيني من أجل تحرير الأرض والإنسان مستمر حتى تتحقق اماني الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
بقلم / عباس دبوق " الجمعة "
كاتب سياسي