الفقر و البطالة.. دافع رئيس لبحث شباب غزة عن الهجرة

يفكر الشاب جمال 21عاما بالهجرة من قطاع غزة إلى اى بلد، وذلك هربا من جحيم الحياة في قطاع غزة، الذي بلغت به نسبة البطالة بين الشباب وفق جهات فلسطينية إلى 60٪ .

جمال الذي انهكه البحث عن عمل والذي يسكن مع أسرته المكونة من9 أفراد في حى الشابورة بمدينة رفح جنوب قطاع غزة قال انه مستعد للهجرة حتى إلى القمر، المهم أن يخرج من القطاع، لأن كل الطرق مغلقة و الحياة"سوداء".

المستقبل الذي لا تعرف له طريق

غزة التي أنهكها الحصار و الفقر والبطالة، أصبحت مقبرة لأحلام الشباب، فالشاب جمال قال في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، لا يوجد هناك حلم، ماذا تريد أن تحلم، بالوضع السيئ أم بالمستقبل الذي لا تعرف له طريق،حتى الأحلام تصبح كوابيس وأنت تفكر بوضعك و مستقبلك".

ونجد أن أكثر من ثُلث الشباب في قطاع غزة يرغبون بالهجرة إلى الخارج و السبب يعود انعدام كافة الفرص للعمل بين صفوف الشباب، الذي لا يرى له مستقبل في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة للعام الحادي عشر من قبل الإحتلال الإسرائيلي واستمرار الانقسام.

وقد أفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في بيان حول أوضاع الشباب في المجتمع الفلسطيني، بمناسبة اليوم العالمي للشباب، بأن نسبة الشباب (15-29 ) سنة في فلسطين، بلغت 30% من إجمالي السكان، يتوزعون بواقع 36% في الفئة العمرية (15-19) سنة، و64% في الفئة العمرية (20-29) سنة، وبلغت نسبة الجنس بين الشباب 104 ذكور لكل 100 أنثى، علما أن تقديرات عدد السكان في فلسطين منتصف العام 2017، تشير إلى أن إجمالي عدد السكان بلغ نحو 4.95 مليون نسمة.

ارتفاع البطالة و البحث عن عمل، جعل من الشباب فريسة الاستغلال، ويقول الشاب جمال :"في بعض الأحيان تذهب للعمل في قطاع البناء بمبلغ 20 شيكل يوميا، وهذا مبلغ زهيد جدا و العمل غير مستمر فترة طويلة فقط لعدة أيام".

بينما حال الفتاة الجامعية خلود 23 عاما ، لا يختلف عن حال الشاب جمال، و تقول خلود في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، أنا خريجة منذ عدة سنوات، وكثير ما قدمت لوزارة العمل أو المؤسسات الخاصة الطلبات لإيجاد وضيفة، ولكن للأسف الكل يقول" فرصة أخرى"، فمتى ستأتي هذه الفرصة الله أعلم.

تواصل خلود حديها، في كثير من الأحيان أبكى لمستقبلي الضائع، وآمل من الله أن يأتي يوم تتحسن به الاوضاع، لكن الواقع عكس ذلك، كل الظروف صعبة وتزداد يوما عن يوم صعوبة.

رغبة مرتفعة بالهجرة

حكايات المعاناة كثيرة، لكن البحث عن حلول هو الأهم في ظل الإرتفاع الكبير بين الشباب وبلغ معدل البطالة بين الشباب (15-29) سنة، 40% من بين الشباب المشاركين في القوى العاملة، وقد سجل أعلى معدل للبطالة بين الأفراد في الفئة العمرية (20-24) سنة بواقع 44% مقابل 36% بين الأفراد (25-29) سنة ، وبلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب 53% خلال الربع الأول 2017 (36% للذكور و69% للإناث)، ليسجل الخريجون من تخصص العلوم الطبيعية أعلى معدل بطالة، إذ بلغ 70% (48% للذكور و78% للإناث)، بينما سجل الخريجون من تخصص الصحة أدنى معدل بطالة، إذ بلغ 32% (19% للذكور و49% للإناث).

و أظهرت نتائج مسح الشباب الفلسطيني 2015 أن حوالي 24% من الشباب (15-29) سنة في فلسطين لديهم الرغبة للهجرة للخارج، ويبدو أن الأوضاع السائدة في القطاع دور في زيادة نسبة الرغبة في الهجرة للخارج، إذ بلغت نسبة الشباب الذين يرغبون في الهجرة للخارج في قطاع غزة 37% مقابل 15% في الضفة الغربية. كما يلاحظ أن الذكور الشباب أكثر ميلا للتفكير في الهجرة للخارج مقارنة بالإناث الشابات إذ بلغت هذه النسبة للذكور 29% مقابل 18% لدى الإناث الشابات. وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

البطالة بين الشباب في غزة 60٪

وقال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري، بأن معدلات البطالة في صفوف الشباب بغزة، ارتفعت إلى نحو 60% مع تضاؤل فرص العمل وانضمام الآلاف منهم إلى صفوف المُعطلين عن العمل بسبب الحصار وآثار الانقسام ووقوع ثلاث حروب.

ولفت الخضري في تصريح له وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، إلى المعاناة التي يعيشها الشباب في قطاع غزة، قائلاً " الشباب هم "ثروتنا القومية، والحفاظ عليهم ومنحهم الدور الكامل في الحياة ضرورة وواجب وطني".

وأضاف "كل المسؤوليات الفلسطينية رئاسية وحكومية وبرلمانية ومؤسساتية مطالبة بالأخذ بيد الشباب، وتوفير مشاريع لدعمهم وتعزيز صمودهم، واستثمار وتنمية طاقاتهم وقدراتهم، وتوظيفها في مكانها الصحيح لتعود بالفائدة والنفع على الجميع".

وأكد الخضري أن هذا الواقع الأليم لكل مكونات وشرائح الشعب الفلسطيني يتطلب حراكا جديا وفوريا لإنهاء الانقسام وإلغاء كل ما ترتب عليه من نتائج، والتوحد في مواجهة الحصار والعدوان والاحتلال والاستيطان والجدار والتهويد، والذهاب لشراكة حقيقية من أجل فلسطين وشبابها.

الشباب لا يحظون بنفوذ أو وزن

المحامى و الناشط الحقوقي صلاح عبد العاطي مدير مركز مسارات قال حول الواقع الذي يعيشه الشباب في قطاع غزة:" يمثل المجتمع الفلسطيني نموذجا نافرا لحالة التهميش التي يعاني منها قطاع الشباب، فالشباب لا يحظون بنفوذ أو وزن يوازي نسبتهم سواء على صعيد اتخاذ القرار أو حضورهم المؤثر في القضايا اليومية الملموسة، فمعظم الشباب الفلسطيني يعانون من مشكلات وتحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تعكس نفسها في مشكلات وأزمات، نتيجة جرائم وممارسات الاحتلال والحصار وتداعيات الانقسام السياسي وقيود الحرية الاجتماعية وارتفاع نسب الفقر والبطالة ،

وحول تأثير ذلك على قطاع الشباب قال عبد العاطي بمناسبة يوم الشباب العالمي وفق ما رصده تقرير" وكالة قدس نت للأنباء"،:" ذلك بدورة يولد رغبة لدي قطاعات واسعة من الشباب بالهجرة للخارج، ويزيد لدي قطاعات أخري من قيم الاستهلاك والقناعة والرضي والتخلي عن روح العصرية، ويعزز لدي آخرين قيم اليأس والإحباط والتطرف والتعصب والانحراف، كما يشكل دافع لدي مجموعة منهم لمواجهة هذه التحديات ، مما لاشك فيه بأن عدم احترام حقوق الشباب ونقص الاستجابة لتلبية الاحتياجات الأساسية سيكون لها تأثيرات سلبية على مستقبل الشباب والمجتمع الفلسطيني.

أوضح عبد العاطي أنه وفي إطار محاولة التعامل بجدية مع التحديات التي تواجه الشباب، والاستجابة لحاجتهم المتزايدة في ظل الاحتلال واستمرار حالة الانقسام يصبح الحفاط على الذات قيمة بحد ذاتها بحيث يتوجب على كل شاب وشابة استثمار الفرص القليلة المتاحة لاسماع صوتهم وتطوير وعيهم و قدراتهم والقيام بمبادرات لمناصرة حقوقهم وتعزيز مشاركتهم ، ولعل من أهم الاستراتيجيات التنموية وحتى السياسية التي على الشباب ادركها هي بناء تيار او حركة اجتماعية شبابية لما تنطوي عليه من فكرة محورية وهي الاستثمار في الشباب بصورة تسهم في تمكين الحالة الفلسطينية عموماً، علي أن تسعى هذه الحركة، عبر عمليات التعبئة الاجتماعية وأنشطة الضغط والتأثير إلي رفض كل صور الشرذمة والانقسام والتركيز على مواجهة الاحتلال ، وفق منظور شبابي وطني حقوقي .

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -