("لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع" - حديث شريف )
نحن الآن، في عصر لكع اليهودي… ما استهجنه انه ضمن القوانين المتدفقة والمقترحة مثل المطر الغزير، لم اسمع بعد عن قانون أساسي، بتغيير اسم الدولة إلى "دولة بيبي نتنياهو وشركاه بينيت وليبرمان". عندها سيصعبون على العرب اكثر القسم بيمين الولاء للدولة فيكون مصيرهم مثل ما يخطط ليبرمان لأم الفحم مثلا .. بضمهم للسلطة الفلسطينية، طبعا الضم للسكان فقط بدون أراضيهم!!
اللكعيون المعاصرون من وزراء حكومة اسرائيل تجاوزوا اسوأ التوقعات من توليهم امور الناس في آخر ايام إسرائيل القديمة .. قبل التحول إلى " دولة نتنياهو وشركاه الجديدة"!!
المضحك أيضا كثرة البيانات التي يصدرها سياسيونا الأفاضل. هل حقاً يأخذون بجدية قوانين تقف وراءها عقلية من العصور الحجرية؟
لا لست في مجال مناقشة عقلانية لقوانين بلا عقل .. هذه الفكرة لم تغادر رأسي منذ تعلمت أول حروف الأبجدية السياسية، ومنذ وعيت لحقيقة انتمائي، ومنذ بدأت استوعب عمق الجريمة التي ارتكبت بحق مواطنين فلسطينيين مسالمين وعزل، وجرائم الحرب التي نفذتها قوى صهيونية بممارسة سياسة التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، قبل وبعد قيام دولة إسرائيل وذلك بشهادة مؤرخين يهود إسرائيليين .. وعلى راسهم المؤرخ اليهودي الشجاع د. ايلان بابه خاصة في كتابة المذهل بحقائقه: "التطهير العرقي في فلسطين".
لا لست سعيداً بمأساة شعبي عام 1948. وأبكي هذه المأساة كل يوم وكل ساعة، حتى يتحقق حلم شعبي بإقامة دولته الوطنية الفلسطينية بقسم من أرضه المحتلة وشبه المحتلة والمحتلة بالتطويق والتجويع والإرهاب.
لست عدواً للشعب اليهودي، ولا أنكر حق أي شعب بتقرير المصير. ولكن تقرير مصير شعب على حساب شعب آخر هو جريمة متواصلة، ويجب إيقافها بإعطاء الشعب الآخر بعض حقوقه المشروعة والأساسية.
لا انتظر العدل الكامل، ولا أرى أن حق شعبي سيكون كاملاً، واعرف أن شعبي دفع ثمناً رهيباً لا تعويض له. وكل من يتوهم انه يستطيع إعادة عجلة التاريخ عقودا إلى الوراء هو مخبول مثل مُعدي القوانين من زمرة نتنياهو وشركاه.
أَنصح "قادتنا" السياسيين بالنزول عن التصريحات النارية. لا تنفخوا أوداجكم وتضحكوا الناس علينا… واجهوا القوانين الفاشية بالسخرية اللاذعة بالتصويت لها وتمجيدها بسخرية من على منبر الكنيست .. مثل قوانين اسقاط مكانة اللغة العربية، عدم الاعتراف بالأقلية العربية كأقلية قومية، بل مجموعة طوائف، إقرار يهودية الدولة، منع الاحتفال بيوم النكبة، اقتراح ضم ام الفحم الى الضفة الغربية وغيرها. هذا النهج السياسي الرسمي هو فضيحة للنظام الإسرائيلي الذي يتنكر لحقوق مواطنيه من أبناء الشعب الفلسطيني، ويتحكم بهم بعقلية لكعية!!
لست مرعوباً من مطر القوانين الفاشية، بوجود نظام ابرتهايد من هذا النوع، من الطبيعي أن يتجه لقوننة عقليته الفاشية العنصرية. شخصيات يهودية، محسوبة حتى على اليمين، ترى خطر هذه القوانين على المجتمع اليهودي ودولة إسرائيل، وهذا بات ملموسا بقوة في هجوم رئيس الحكومة نتنياهوعلى الصحفيين اليهود والصحافة العبرية الذين يمارسون حقهم في التعبير الحر وانتقاد الفساد السلطوي وفضحه.
هناك قوى يهودية ديموقراطية من أوساط سياسية مختلفة ترى مخاطر هذه القوانين على دولة إسرائيل نفسها. سخريتنا السياسية ستثير انتباههم أكثر من صراخنا وصياغاتنا اللغوية الجوفاء... مثلا ابراهام بورغ رئيس الكنيست الأسبق وهو شخص متدين وابن وزير الداخلية الأسبق، هاجم بحدة فكرة يهودية الدولة واعتبرها كارثة
لإسرائيل، نشر قبل فترة مقالا في هآرتس بعنوان يقول كل شيء: "اسرائيل ليست دولة يهودية لأنها ليست كائنا بشريا له دين"!! افتتح مقاله بهذه الجمل:" ما معنى «دولة يهودية» بحق الجحيم؟ قد لا يفهم اصدقاء واعداء اسرائيل في الخارج ذلك، لكن نحن مواطنو «هذه اليهودية» هل نعرف؟ أم أن هذا ببساطة عرض جيد: اثنان في واحد، يهودية وديمقراطية، هذا تراجيدي وهذا مضحك."
رأيت أهمية خاصة ان اسجل أيضا الحل كما يراه انسان متدين مثل ابراهام بورغ لأهمية مكانته الجماهيرية وموقفه: "تحويل المراكز الجماهيرية والسلطوية إلى علمانية. الفصل الكامل بين الدولة ومؤسساتها وبين الدين. كل تعبير ديني ممنوع في المجال العام. بهذه الطريقة يجب أن يكون الحقل الجماهيري والسياسي حرا من أي تعبير ديني، تيار تعليمي واحد يلزم الجميع. الدولة لا مبالية تجاه الهوية الدينية لمواطنيها: لا تمول ولا تؤثر ولا تتأثر من المؤسسات الدينية".
للأسف ما يجري اليوم من نهج سياسي عربي في إسرائيل هو النقيض تماما بظن اننا نساهم بفضح السياسة العنصرية القمعية. لا يا قادتنا الأشاوس، خطاباتكم المعارضة والغاضبة هي صوت صارخ في برية. فقط السخرية السوداء من فوق اهم منبر سياسي في إسرائيل (منبر الكنيست) هي النهج المطلوب بمواجهة الانفلات العنصري!!
رأيي بصراحة انه على نوابنا في الكنيست أن يصوتوا مع كل القوانين العنصرية التي تطرح للتصويت... هذه ستكون صفعة سياسية مدوية وقمة في السخرية والاستهتار بقوانين الأبرتهايد في عصر التنوير والتكنولوجيا والعلوم وتحول حقوق الإنسان والمواطن إلى المعيار الحقيقي للنظام، أي نظام كان.
الكنيست التي تقر مثل هذه القوانين، تستحق أن نصفق لها. السخرية هي قمة المعارضة والنقد للنهج العنصري. هل نتوقع بانتهاج النقد والمعارضة السياسية التقليدية إقرارا بصدق مواقفنا من عنصرية النظام وسياسة الاضطهاد القومي والقمع العنصري التي تمارس معظمها بدون قوانين مكتوبة؟
الآن ستصبح قوانين مكتوبة لا يمكن إنكارها، خاصة عندما تطرح دولة إسرائيل أمام المحافل الدولية، دولة "الشعب اليهودي" بتجاهل أقلية عربية قومية (ليست مجرد طوائف) تشكل أكثر من 20% من مواطنين هم السكان الأصليين للبلاد .... حتى الهنود الحمر في الولايات المتحدة لم يحرموا من المساواة الكاملة في إطار القانون الأمريكي بل لديهم قانون خاص يعفيهم من الضرائب، حسب اتفاق وضع نهاية للقتال بينهم وبين المهاجرين البيض. حتى كازينو مشهور في منطقة شلالات نياغرا والذي يربح عشرات مليارات الدولارات سنويا معفي تماما من الضرائب لأنه بملكية الهنود الحمر !! نحن لا نطلب بحل شبيه لما حصل عليه الهنود الحمر مقابل فقدانهم لوطنهم .. بل احترام مواطنتنا وانتمائنا القومي ومساواتنا امام القانون.
من هنا أقول ان مواقفنا السياسية يجب ان تتبنى النهج الساخر خطابيا وبالتصويت الرسمي لكل قانون عنصري. معارضتنا لا قيمه لها ولن تؤثر. صراخنا الرافض ليس سياسة بل عجز سياسي. تعلموا من نوح إبراهيم (الشاعر الشعبي لثورة 1936 – 1939) عندما هتف ساخرا في قصيدته الرائعة : "دبرها يا مستر دل بلكي على ايدك بتحل"، هذا سيولد ردود فعل أشبه بالتسونامي السياسي داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية بكل تشكيلاتها أولا وفي المحافل السياسية الدولية ثانيا.. يجب مواجهة العنصريين بدعم يفيض بالسخرية لمشاريعهم المجنونة بالتصويت لها .. لندعمهم بمد الحبال حتى يكفي ليشنقوا أنفسهم سياسيا.
صدقوني… اشعر براحة وفرح، كلما قرأت عن قانون عنصري جديد، ازداد تفاؤلا، وازداد قناعة أن ما لم نستطع انجازه، برفضنا وصراخنا وانتفاضاتنا، سنحققه بفضل "نتنياهو وشركائه".
لم تعد ضرورة أن نجتهد لنثبت أن إسرائيل عنصرية، وان الصهيونية عنصرية، وان إسرائيل تمارس سياسة أبرتهايد مجنونة، وقمع وعنف ضد الأقلية الفلسطينية داخلها وليس ضد الشعب الفلسطيني في مناطق الاحتلال فقط…إسرائيل نفسها تقدم للعالم أدلة دامغة… أعطوها كل الدعم يا نوابنا!! مدوا لهم المزيد من الحبال…
بقلم/ نبيل عودة