بزار مبادرات المصالحة لماذا ولمصلحة من؟

بقلم: لؤي زهير المدهون

تتسابق الفصائل الفلسطينية في اعلانها عن مبادرات لإنهاء الانقسام وانجاز المصالحة  واعادة الوحدة لشطري الوطن هذا المبادرات وان تقاربت مضامينها او اختلفت تحمل جميعها رسالة موحدة تؤكد على حرص الجميع على انهاء حقبة الانقسام التي الحقت بالضرر على القضية الفلسطينية وعلى المشروع الوطني الفلسطيني برمته وشكلت نكبة جديدة على شعبنا الفلسطيني وانعكست اثارها الكارثية التي لاتزال قائمة على نضال شعبنا التحرري نحو استرداد حقوقه المشروع في العودة وتقرير المصر واقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 عاصمتها القدس ،الا ان كثرة هذه المبادرات سواء الصادرة عن الشخصيات المستقلة او عن الفصائل قد اربكت المشهد الفلسطيني الذي هو في الاساس معقدا ، ودفعت دخول الجميع دون استثناء في متاهات واجتهادات نحن جميعا في غنى عنها .

والذي زاد الطين بلة هو خروج بعض الوكالات الاعلامية وفق مصدر موثوق او مطلع وغير ذلك من المصادر الاعلامية التي كثرت في الآونة الاخيرة  للإعلان عن مبادرات وهمية هي من نسيج صنع خيال بعض القوى السياسية ونسبها الى حكومات عربية، والتساوق معها وكأنها مبادرات حقيقية، الا ان وصل الامر الاعلان عن الموافقة عليها من طرف الجهة المعلنة عنها دون الطرف الاخر مما زاد من حالة الارباك في الساحة الداخلية الفلسطينية  التي بات فيها المواطن الفلسطيني في قطاع غزة تائها وغارقا في الازمات المشكلات التي يعاني منها قطاع غزة وباتت تهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني .

والغريب في الامر ان الجميع  يسلم بأن تنفيذ اتفاق القاهرة الموقع بتارخ 4/5/2011، من جميع الفصائل الفلسطينية هو الاساس لإنهاء الانقسام، وما تلاه من تفاهمات سواء في الدوحة بتاريخ 6/2/2012،  او إعلان الشاطئ بغزة بتاريخ 23/4/2014  كلها جاءت مؤكدة على اتفاق القاهرة الموقع بتارخ 4/5/2011، اذن لماذا الالتفاف عليه؟، ولماذا المبادرات؟ ما دام اتفاق القاهرة هو المرجع والالتزام.

لا اضفي وصف مبادرة على ما اتخذه السيد الرئيس من موقف او قرارات لعودة غزة الى حضن الشرعية الفلسطينية، وانما هي قرارات وطنية لإنهاء الانقسام في ظل تراجع مكانة القضية الفلسطينية كأولوية على طاولة المجتمع الدولي ومنظماته، وانسداد الأفق أمام مسار التسوية السلمية نتيجة للتطرف الإسرائيلي والانحياز الأمريكي؛ فهي قرارات اصلاحية لتصويب واعادة البوصلة نحو المسار الحقيقي لتنفيذ اتفاقيات المصالحة المبرمة وانجاز المصالحة التي يتوق لها كافة ابناء شعبنا الفلسطيني ، والحد من الخطوات غير القانونية  وغير المسؤولة لسلطة الامر الواقع في قطاع غزة  التي رسخت وعمقت الانقسام الفلسطيني ، والتي وصلت الى مرحلة التوجه نحو الانفصال واقامة كيان مستقل في قطاع غزة تسعى بعض الدول الاقليمية للعمل على ترسيخه  لضرب مشروع الدولة الفلسطينية التي  نضال وقاتل الأخ الرئيس ابو مازن من اجل ترسيخه من  خلال استصدار القرار الاممي يعترف بفلسطين دولة عضو مراقب في الامم المتحدة وانضمام فلسطين الى عشرات المنظمات والاتفاقات الدولية .

ومما زاد المشهد الفلسطيني ارباكا ازدواجية الموقف لدى بعض الفصائل، والمبادرات التي اعلن عنها من قبل البعض من فصائل منظمة التحرير، ليطرح تساؤلا هل هي تعبير عن موقف سلبي من مبادرة السيد الرئيس؟، بتقديري هنالك انانية لدى العديد من الفصائل التي تحاول ان يكون لها مكانا على الساحة السياسية والاعلامية وان كان ذلك على حساب المشروع الوطني الفلسطيني ووحدة فلسطين الارض والانسان، لقد كان الاجدر لتلك الفصائل ان تبذل جل جهدها لتذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ اتفاقيات المصالحة، وتحول دون وضع مبادرة السيد الرئيس محل التنفيذ بعيد عن الانا، ما دامت الهدف هو وحدتنا ومكانتنا الدولية.

ارى ان جميع المبادرات المطروحة من قوى سياسية او شخصيات وطنية او اسلامية ما هي الا مضيعة للوقت، وعقبة امام تحقيق وتنفيذ اتفاق المصالحة المبرم في القاهرة عام 2011م، وان المدخل الحقيقي لتنفيذ اتفاقيات المصالحة هو اعلان حركة حماس قبولها نداء الوحدة ... وما تلاه من  نداء الاقصى الذي اطلقهما  الرئيس ابو مازن لإنهاء الانقسام من خلال حل اللجنة الادارية وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة عملها في قطاع غزة واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ، قبل فوات الاوان لإعادة القيمة والمكانة لقضيتنا الفلسطينية في المحافل الدولية، ولنتمكن من انتزاع قرارا امميا بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة السيادة في الجمعية العام للأمم المتحدة ونسير بالمشروع الوطني الفلسطيني الى بر الامان .

بتقديري اننا الان في امس الحاجة الى التسوية الوطنية، قبل التسوية السياسية مع المحتل الغاصب، وان وحدتنا الوطنية هي خيارنا الاستراتيجي، نحو تجسيد دولتنا الفلسطينية على الارض الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وهي المدخل الحقيقي ايضا لقبول المجتمع الدولي لفلسطين دولة تعمل جنبا الى جنب مع دول العالم لحفظ الامن والسلم الدوليين، والسؤال المطروح هل تفاجئ حركتي حماس والجهاد الاسلامي الجميع بإعلان قراراهما الوطني بمشاركتهما في جلسة المجلس الوطني المرتقبة لتكون مدخلا حقيقيا لإنهاء الانقسام وانجاز المصالحة واعادة الوحدة الوطنية المفقودة والتائهة بين براثن الانقسام لمواجهة التحديات الماثلة امامنا جميعا والتصدي لسياسة الاستيطان والتهويد المتواصلة التي تستهدف القدس والمسجد الاقصى والأراضي الفلسطينية المحتلة ... لعل الايام القادمة نشهد فيها مفاجآت وخطوات مسؤولة لإنهاء الانقسام .

بقلم/ لؤي المدهون