شدتني رواية للأسير عمار الزمر تروي احداث العدوان الاسرائيلي على غزة وخطة المقاومة التي حملت اسم " العصف المأكول", وان كنا عايشنا هذا العدوان بتفاصيله وبهمجية الاحتلال واستهدافه للمدنيين فإننا ايضا نسجل بسالة رجال المقاومة وتصديهم للعدوان وتنفيذهم اكثر من عملية استراتيجية في مستوطنات غلاف غزة ، والتي اصابت مستوطني الاحتلال وسكان غلاف غزة بالذعر ,كما كان الحال في عبور الصواريخ الى تل ابيب والقدس والمواقع والمدن الاسرائيلية التي تعتبر قوات الاحتلال والمنظومة الحكومية ووزارة الجيش الاسرائيلي انها آمنة.
وبرغم ذلك فان رواية الاسير عمار الزمر والتي حملت عنوان " الزمرة " شدتني فصولها ومجموعتها القصصية التي تروي وفي تشابك بين البعد الانساني للأسرة والشارع وعلاقة الام بالابن والاب بالابن وعلاقة رجل المقاومة بأطفاله وزوجته وبأمه وابيه وبين الواجب الوطني الذي كان له الأولوية في مواجهة العدوان عن البعد العاطفي المكاني والاسري .
وانا التهم تلك الرواية احسست ان الاسير يعيش بيننا ويعيش التفاصيل يوما بيوم وساعة بساعه وهو الاسير في سجن رامون صحراء النقب ، لم تخلو الرواية بل ركزت بقاعدة حوارية رائعة في تشخيص وتصوير الحدث والمهمة والمعركة. ولم يغفل الكاتب والراوي عن وضع المعالجات للحالة الانسانية والعاطفية في الاسرة والجار والشارع والمدينة وخط المواجهة في رسم تفصيلي لقدرة انضباطية لأبطال روايته ومجموعاته القصصية التي تروي معركة الصمود والتصدي " العصف المأكول ".
المكان والزمان من سمات عرض الكاتب لروايته لأحداث العدوان والقدرات الهائلة التي كان يتمتع بها المجاهدون في الشجاعية والجنوب والشمال وساحل غزة.
خصص الراوي زوايا هامة في حبكة روايته القصصية لأحداث فعلية وواقعية لما يدور على ارض المعركة .
يقول الاسير عمار الزبن في نهاية روايته كتعقيب : انا سعيد بل اشد السعادة وانا انهي السطر الاخير للرواية في الوقت الذي يفترض بي كانسان يدخل عامه الواحد والعشرين في الاسر بان يكون وضعه غير ذلك ولكن عندما تنزف حكايات المقاومة وادبها تشعر بنشوة النصر على القيد وخاصة ان هذه الرواية الرائعة ابطالها بعد قرابة اربع سنوات من الجدب الادبي .
واستطرد قائلا عندما حضر الى السجن بعض الاخوة الجدد كان نصيب ثلاثة منهم الانضمام الى حلقتي التربوية التي اديرها منذ فترة في اطار البرنامج الثقافي العام وتعرفت على بطولات رجال النخبة الذين مكثوا اربعة عشر يوما في النفق وخاضوا معركة بطولية قررت ان اكتب الرواية بالتعاون مع من كانوا جزء من الحدث والمعركة ومن الذين تم اسرهم .
قائلا: في موقع ومكان اخر في التعقيب انا اطمئن القاريء الذي ستقع يده على هذه الملحمة البطولية بصورتها الكلية، ولم يسعفه العمر أو المكان لمعاينة ما حدث في معركة العصف الماكول أن رجال النخبة وأبطال المقاومة في غزة سحقوا كبرياء العدو وانتصروا عليه خلال 51 يوماً من القتال، ولا يزال قادة العدو وسياسيوه يؤكدون خسارتهم وفشلهم في المواجهة مع الرجال الأشداء الذين كانوا يخرجون من تحت الأرض وخلف خطوطه الحصينة, وجدير بالذكر أن رجال النخبة تمكنوا من أسر الضابط هادار جولدن ابن خال وزير حرب العدو موشيه يعلون، ومازال هناك ما يدور عن عمليات سرية في الحرب لم تعلن عنها المقاومة وقد تفضح هذا الجيش الخائب.
من هو الأسير عمار الزبن:
من مواليد نابلس 15/1/1975 متزوج ولديه أربعة أبناء، التحصيل العلمي بكالوريوس علوم سياسية جامعة القدس المفتوحة، تاريخ الاعتقال 11/1/1998.
الحكم: 26 مؤبداً بتهمة الانتماء للمقاومة والمشاركة في تخطيط وتنفيذ عمليتي محنا يهودا وبن يهودا في القدس المحتلة.
صدر للكاتب رواية عندما يزهر البرتقال عام 2011 تحصلت على جائزة القدس عاصمة الثقافة العربية، ورواية خلف الخطوط عام 2015
مدرسة الاسرى مدرسة عريقة في حركة النضال الوطني الفلسطيني والسجن مدرسة خرجت مناضلين وذوي فكر وصقلتهم باكثر صلابة وعطاء... هكذا يزرع الامل وهكذا تبني الامم امجادها بعذابات اسراها وتحملهم كل اساليب العدو في التعذيب المادي والسيكولوجي وانطلاقتهم الثقافية والتربوية رغم كل تلك المناخات فتحية للاسير عمار الزبن وكل اسرانا في المعتقلات الاسرائيلية مروان برغوثي وسعدات وكال ابطال المقاومة الذين هم يرسمون امل التحرير والنصر على الاحتلال بصمودهم وثقافتهم وصبرهم ومثابرتهم على التحصيل العلمي والثقافي من خلال الدراسة المستمرة وحلقات النقاش والابداع في داخل المعتقلات .
سميح خلف