طوال المرحلة الماضية لم أفكر حتى بالاقتراب من هذا الملف كونه يمثل وحدانية الشعب الفلسطيني وكون أنه يعز على أن أهز صورة مؤسسة مركزية في هذا الملف يديرها بشكل غير قانوني الطائفي الهمجي والغدار رمزي خوري، وانطلاقا من فرضية أن القائمين على هذا الملف هم أمناء على أبناء الشعب الفلسطيني وحريصين على كرامتهم ، ويتمتعون بقدر عال من تحمل المسؤولية اتجاه التحديات والأعباء التي تواجه أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجدهم بدون تمييز فيما بينهم على أسس جغرافية مقيتة ومشبوهة، ولم أكن أيضا أرغب بالقسوة عليهم كما كانوا ولا زالوا هم قساة، ولكن يبدو بأن الظن بذلك قد خاب أيضا في هذه المرة.
لذلك وبالرغم من إعلان أفيغدور ليبرمان عن أن الصندوق القومي الفلسطيني بات يمثل مؤسسة إرهابية، إلا أنني سأبدأ اليوم سلسة مقالاتي هذه حول هذا الموضوع بهذا الملف الذي يمثل بعض جوانب فساد الصندوق القومي الفلسطيني الذي يعتبر بمثابة وزارة المالية لدولة فلسطين ولكنه بعيد عن الرقابة ، ومع إدراكي لحساسية الأمر وأيضا لحجم الأعباء الملقاة على عاتق الطاقم الإداري الذي يعمل معظم موظفيه بإخلاص في هذا الصندوق، فإنه لا يسعني إلا الثناء على مجهودات هؤلاء الذين أعتز بهم وأعتبر غالبيتهم هم من أصحاب المعادن الطيبة والنظيفة والمخلصة، ومع ذلك لا يمكن إغفال حقيقة أن هناك عفنا متراكما في هذه المؤسسة المهمة التي من المفترض أنها تعتني بتخفيف آلام وأوجاع أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجدهم، بات يثير الشبهات وهناك الكثير مما يقال حول الأسباب والمستفيدين من تعميقه واستمراريته.
حيث يبدو بأن هناك بعض الجهلة ممن يظنون أنفسهم بأنهم أوصياء على هذه المؤسسة من مفهومهم العقيم الذي يعتمد الملكية الخاصة والوراثة سلوكا ممنهجا، بدلا من مفهوم مهمة تقديم الخدمة العامة لأبناء شعبهم ولي نعمتهم الأساسي وذلك من منطلق تحمل المسؤولية والقدرة على تقديم الخدمة.
هذا الفكر المريض يبدو بأنه أعطاهم الحق ليعبثوا بمقدرات هذه المؤسسة كيفما يشاؤون ويفعلوا بها ما يشاؤون، متناسيين بذلك بأن هذا المفهوم هو مفهوم غير وطني، ولا ينبع إلا من ثقافة الجهلة الضعفاء والجبناء الذين لا يصدقوا أنفسهم عندما تكبر صلاحياتهم ويزداد نفوذهم، فيجدوا أنفسهم في موقع أكبر من معرفتهم ومن طاقاتهم، لا بل أكبر بكثير من قدراتهم وما يتناسب مع بيئتهم وأخلاقهم ، فيصبحوا يتعاطون بعداء وفوقية مع الأخرين من المنطق الذاتي الذي لا يهمه كرامة الآخرين ولا ما يتسببون به له من آلام وأوجاع، مختبئين بذلك وراء عباءة أنهم أمناء على تحمل المسؤولية، حتى لو كانوا يعلمون أنهم في الحقيقة صغار بكل التركيبة الوظيفية التي يتبوأها كل منهم مهما كان المسمى الوظيفي الذي يتمتعون به كبيرا، وذلك لأنهم وجدوا أنفسهم بعيدين كل البعد عن أعين الرقابة والمحاسبة الوطنية التي باتت مطلبا ملحا وضرورية.
من هنا أستطيع الحديث بخصوص هذا المثال في هذا الجزء من مسلسل مقالاتي المتعلقة بهذا الملف بشكل خاص وذلك من خلال نقاط عدة لتعليق الجرس حول أسباب إسقاط مفهوم الملاحقة والابتعاد عن المحاسبة ، وبدون الدخول في تفاصيل كثيرة في هذه الأونة حرصا مني على أن لا تحدث التفاصيل زلزالا وطنيا، وسأكتفي بالتطرق لموضوع أحد الصغار الذي يحاول أن يصبح ديناصورا صغيرا يسمى طه نوفل، وهو سكرتير مكتب المدير العام للصندوق القومي الفلسطيني المطعون بقانونية صلاحياته رمز ي خوري، والذي بدوره تناسى كل أخطائه وعيوبه وبات يمارس القهر والعربدة والقمع في حق زملائه في العمل حتى بات الجميع في الصندوق القومي يخشونه ولكنهم في الحقيقة يحتقرون سلوكه ويمقتونه.
المدعو طه نوفل يمارس ممارسات عدائية مع أهل الداخل وأهل غزة بالتحديد وكأنه في حالة إنتقام متواصلة منهم ، وهو الذي بدأ حياته العملية مع المنظومة الفلسطينية بدرجة مدير سي في أرشيف مكتب الرئيس في فترة الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما عاد مع العائدين بعد اتفاقية أسلو إلى غزة، وبعدها انتقل إلى العمل في أرشيف الصندوق القومي الفلسطيني بدرجة مدير عام في السلطة الفلسطينية وذلك في العاصمة الأردنية عمان، وبقي يتقاضى راتبه على كادر السلطة الفلسطينية بدرجة مدير عام ، ومن ثم بعد تصفية الرئيس الراحل ياسر عرفات بطريقة مشبوهة ولا زالت غامضة للرأي العام، عينه رمزي خوري بناءا على علاقة خفية فيما بينهم كسكرتير أو كمدير لمكتبه، حيث أنه من المعلوم أن خوري هو من القلائل جدا من رجال الراحل ياسر عرفات الذي احتفظ بموقع متقدم جدا في المنظومة الفلسطينية الحالية منتهية الولاية وفاقدة الشرعية، لا بل تبوأ منصبا يعتبر من أكثر المناصب حساسية في منظمة التحرير الفلسطينية وهي مدير عام الصندوق القومي الفلسطيني بصلاحيات رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي وهي صلاحيات غير مستحقة له.
بعد فترة وجيزة من تعيين رمزي خوري كمدير عام للصندوق القومي الفلسطيني بصلاحيات تتنافى بالجوهر والمضمون والغاية مع نصوص القانون الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وتتجاوزها، وهذا سبب رئيسي الأن في صراع خفي مع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات الذي ينحاز القانون لصالحه في هذه الجزئية بالذات، ومنذ إقرار قانون السلك الدبلوماسي الفلسطيني، تم تسمية طه نوفل مديرا لمكتب مدير عام الصندوق القومي الفلسطيني بدرجة سفير ، وكان هذا المسمى بالنسبة لحياته الوظيفية يعتبر نقلة نوعية ونقطة تحول في سلوك هذا الموظف الصغير ليبدأ في الانطلاق بهمجية نحو الصعود من موظف صغير غير معروف ومنبوذ، إلى ديناصور صغير بات يكبر رويدا رويدا، حتى وصل لدرجة أنه بات يتحكم في كل مفاصل الصندوق القومي لا بل في كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في مكتب المدير العام الذي بدوره يتحكم بكل مفاصل مصالح رجالات السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية وسفراء فلسطين في الخارج والعاملين في السلك الدبلوماسي الفلسطيني وشؤون اللاجئين الفلسطينيين من خلال تحكمه بصرف الأموال.
من خلال موقعه هذا بدأ المدعو طه نوفل ينسج علاقات قوية مع كل المستويات في منظمة التحرير ومع رجالات السلطة الفلسطينية ، فأصبح يعين من يشاء ويقصي من يشاء ويصرف لمن يشاء ويمنع عمن يشاء بموافقة ومباركة من رمزي خوري شخصيا، وبذلك استطاع أن يعين عدد من أقاربه في مواقع مختلفة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وجميعهم بدرجات متقدمة وبرواتب عالية ، كما عين ابنه الخريج حديثا كإداري معتمد على الصندوق القومي بكامل المميزات الدبلوماسية وذلك في سفارة فلسطين في جمهورية مالطا Republic of Malta على أن يكون مسماه في البلد المضيف سكرتير أول، وذلك بدون أي خبرة دبلوماسية أو مهنية في هذا المجال، متجاوزا بذلك القانون وخبرة الكثيرين ممن عملوا في هذا السلك وأفنوا سنوات أعمارهم فيه، لا بل يقال بأنه عين إبنه في هذا البلد بالتحديد بهدف أن يضمن له الاستمرار في عمله السابق في شركة سي سي سي C. C. C. العملاقة التي كان يعمل فى مقرها الرئيسي في دبي قبل تعيينه في سفارة فلسطين في مالطا ، والتي تشير المعلومات إلى أنها فتحت لها فرعا هناك، وذلك إلى جانب وظيفته في السفارة.
المدعو طه نوفل تجاوز هذا بكثير ، حيث أصبح لا يكتفي بتمرير مصالحه الخاصة والحفاظ عليها ، لا بل بدأ يمارس ممارسات قبيحة ومهينة ومذلة لموظفين في الصندوق القومي الفلسطيني إلى جانب ممارسات القهر التي يمارسها في حق الفلسطيني المحتاج من أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات، وخاصة زوجات الشهداء اللاتي تضطرهن الظروف لطلب المساعدة حفاظا على كرامتهن وشرفهن، وفي هذا السياق بالتحديد هناك ما يقال نرجئ الحديث فيه لاحقا، بالمقابل بات يعمل كسمسار لتسهيل أمور المسؤولين الفلسطينيين وذلك في سياق معادلة حكلي بأحكلك بعيدا عن المنطق المهني أو المسؤولية والأمانة الوطنية.
كما أنه اصبح عضوا مؤثرا بقدرة قادر في لجنة السفارات الفلسطينية التي ترفع توصياتها للجنة الوزارية العليا وبذلك استطاع أن يمرر الكثير من القرارات التي تخدم مصالحه ومصالح رمزي خوري، بغض النظر عن الكفاءة أو الاستحقاق ، مع اليقين بأنها تتم في سياق سياسة الفكر الجغرافي الإنفصالي المتخلف المتفق عليها بعيدا عن الضوء والتي باتت مفضوحة، حيث أنها تتلخص بالمضي قدما في العمل على تفريغ السفارات الفلسطينية من أبناء قطاع غزة من الدبلوماسيين الفلسطينيين أو محاصرة من يعمل منهم فيها وإذلالهم وتركهم بدون عمل بشكل مقصود وهذه الأمثلة قائمة وحية والجميع بات يدرك حقيقتها، هذا بالإضافة إلى التضييق عليهم لدفعهم للاستقالة أو التقاعد المبكر، وذلك في سياق سياسة تهدف إلى الإحلال بدلا منهم بكوادر أخرى حسب التصنيف الجغرافي وضمان الولاءات، وذلك لضمان السيطرة على مقدرات منظمة التحرير الفلسطينية في أيدي فريق متقاطع المصالح يدفع باتجاه الانفصال الجغرافي الوطني، سيتم الكشف عن تركيبته وخارطته بالتفاصيل لاحقا في سياق سلسة المقالات المتعلقة بهذا الشأن.
هذا بالإضافة إلى أن دوره بات مفضوحا في تسهيل إهدار المال العام ، خاصة في لملمة الكثير من القضايا التي تمس الشأن الوطني العام بجميع مجالاته بما فيها الأمني والمالي وهناك الكثير ما يقال أيضا في هذه النقطة، وهو الذي أشرف على إغلاق بعض ملفاتها بعد التحقيق فيها وإدانة السفراء المخالفين أو المتورطين أمنيا أو ممن تورطوا بمشاكل إجرامية كالمخدرات وغيرها ، أو ممن تورطوا في تهم كبيرة أو صغيرة لم تعد خافية على أحد، وفي تقديري أنه يعرف ما امتنعت عن قوله هنا جيدا.
لا بل، لقد أبعد كثيرا في هذا المجال، حيث بات يعمل على إدانة الكثير من الشرفاء والوطنيين والتضييق عليهم لخنقهم ومن ثم دفعهم للإنحراف أو السقوط ، وذلك في سياق تنفيذ سياسة مبرمجة، وذلك من خلال إذلالهم وكسرهم وتجويع أسرهم حتى يتم ضمان تطويعهم للعمل ضمن السياسة العامة المبتغاة في هذه المرحلة وهي السياسة المعروفة بانها سياسة مشبوهة وهي الأكثر قذارة في تاريخ الشعب الفلسطيني ، وتهدف إلى إقصاء كل وطني وشريف، والتي باتت يتم انتهاجها في منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة مشبوهة بعيدا عن عيون الرأي العام الفلسطيني في الداخل والشتات.
مما سبق وهو غيض من فيض، أود في هذا المقام التساؤل فقط، بأنه لماذا لا يتم تحويل هذا العابث للتحقيق حول دوره الحقيقي من خلال موقعه لاستبيان حقيقة مواقفه المشبوهة وتصرفاته الحاقدة والغير سوية وخاصة فيما يتعلق بأهداف وأبعاد محاربته للشرفاء بطريقة بشعة في حين أنه يقوم بتسهيل إهدار المال العام مقابل تحقيق مصالحه الخاصة التي بات يقال فيها الكثير أقلها بأن هناك شبهة رشوة يتم تقاضيها من تحت الطاولة، حتى يتبين إن كانت أهدافه من وراء ذلك تتم بدوافع نفسية حاقدة أم هي مبرمجة بهدف ضمان استمرار فساد المؤسسة كشريك في هذه الجريمة وما يترتب على ذلك من إذلال للشرفاء والدفع بإتجاه إسقاطهم أمنيا ضمن رؤية مبرمجة وخطوات وقحة مدروسة ومتفق عليها.
فإن كانت الدوافع هي الأولى فهذا يعني أن هناك إمكانية لعلاج ذلك من خلال نقل هذا المعتوه إلى مستشفى أمراض نفسية لتلقي العلاج اللازم ومن ثم إبعاده إلى مكان أخر بعيدا عن موقعه الحساس هذا الذي لا زال يعمل فيه، حتى لا يكون هناك عدوى للآخرين، وإن كانت الثانية فهذا يعني الطامة الكبرى وهذا الأرجح، وفي تقديري أن هذا يندرج ضمن مفهوم الخيانة الوطنية على أقل تقدير، ولذلك لابد من تحويله للتحقيق ومحاكمته على أساسها والعمل على طرده من عمله حتى يصبح عبرة لغيره.
تنويه هذا ملف من عدة ملفات تتعلق بالصندوق القومي الفلسطيني سيتم فتحها تباعا خاصة فيما يتعلق بعلاقة الصندوق القومي الفلسطيني بالقضية الكبرى التي تهم الشعب الفلسطيني وملف اللاجئين وملف الفساد الذي ينخر هذه المؤسسة، والدور المشبوه لإمرأة الصندوق العابثة بمصائر أبناء الشعب الفلسطيني.
بقلم/ م. زهير الشاعر