نسمع ونقرأ لغة جديدة ....بمفردات تثلج الصدور ...وتنبعث منها الآمال ....وتجعلنا بحالة فرحة منتظرة طال انتظارها ....بعد سنوات عجاف.... كانت قسوتها واضحة وبارزة ....أضرت بكافة مناحي حياتنا ...وأضعفت مقومات صمودنا ...وشتت شملنا ...وأظهرت ما بداخلنا من عيوب وسلبيات وثغرات .... لتفسح المجال للتدخل بشؤوننا والعبث بقضيتنا ....ومحاولة الوصاية علينا ....حتى جعلت من كل منا حالة يائسة وبائسة..... مما نري ونستمع ونعيش فيه من واقع .
أن يعود الأمل ....ونعيد لذاكرتنا مفهوم المصالحة التي تناسيناها بزحمة الملفات والمتاعب والأزمات...... بعد أن وصلنا لحالة يأس وإحباط من إمكانية تحقيق وحدة الوطن والقرار ....وتصالح الأخوة ....وطئ صفحة سوداء طال أمدها..... وغيبت الكثير من انجازاتنا ....وأضاعت الكثير من تضحياتنا ....وألمت الكثير من شهدائنا وأسرانا وجرحانا .....وأرهقت الملايين من أبناء شعبنا الذين لا زالوا على إيمانهم وكفاحهم لأجل حريتهم وإقامة دولتهم .
ما استمعنا إليه هذه الأيام ....وعبر سنوات الانقسام الأسود من مبادرات من قبل العديد من العواصم وما صدر من تصريحات ولقاءات ومؤتمرات ....تجعلنا بموقف الشك والحذر من كل ما يمكن أن يقال حول مبادرة جديدة تتوفر لها عوامل النجاح بحكم امتلاك أصحابها أوراق قوة ضاغطة على أحد طرفي الانقسام .... لإتمام المصالحة ....وإنهاء الانقسام ....وبداية صفحة جديدة ..... وليس في هذا القول محاولة للتشكيك وإثارة المخاوف بقدر ما نحن نسعى بإخلاص وجد كما غيرنا للبحث عن اليقين والحقيقة الغائبة .
الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع منا .....أننا وصلنا إلي أسوأ أحوالنا ....وأضعف مقومات صمودنا .....وأن كافة جهودنا وطاقاتنا قد تم تشتيتها .....تفتيتها..... في بحر تصريحات طائشة .....ومناكفات وتجاذبات لا طائل منها .....ولا فائدة مرجوة للقائلين والمستمعين إليها.
وحدتنا خيارنا الوحيد والأوحد ....ولا مناص لأحد منا للخروج عن هذا الخيار عبر كافة المراحل والمنعطفات .....وأن كافة الاجتهادات والأيدلوجيات يجب أن تأخذ مضمونها في جوهر هذا الخيار ....وان من لا يقبل بالوحدة وإتمام المصالحة سيبقي خارج الإطار ....وعليه بالبحث والتحليل .....وتجاوز المجهول ..... وتفادي حافة الهاوية ....التي لا نتمناها لأحد .
الأحاديث والتصريحات التي تتصدر وسائل الإعلام حول مبادرة تركية وزيارة الرئيس محمود عباس .....تدلل على أن هناك شي ما يحدث حول تعبيد طريق المصالحة ......وأن ما وصلت إليه الأمور والنتائج الأولية يمكن الاستدلال عليها .....وليس التأكد منها..... من تصريحات بعض القادة من حركة حماس .
الا أن تجربتنا عبر السنوات الماضية بكل ما فيها من مرارة وحسرة تجعلنا بموقف الحذر وعدم اليقين .....وحتى لا نشارك في بيع الأوهام والآمال في ظل تخوفات حقيقية ...وملفات لا زالت مستعصية على طرفي الانقسام .....وحتى لا نضع شعبنا المطحون بآلامه ....والذي أهلكته ظروف القهر والحرمان ......وخاصة الذين يقطنون بالمحافظات الجنوبية وحتى تكون الحقائق برأس أولوياتهم ....ولا تكون الحقائق مقلوبة .
نحن أول المؤيدين ...وأخر المعارضين .....ومن مللنا الكتابة حول المصالحة ....ولا زلنا نتطلع إلي إتمامها وإنهاء الانقسام رحمة بقضيتنا وشعبنا .....ورحمة بالأجيال الشابة التي فقدت طريقها ....وضاعت أمالها..... وأهدر الكثير من كرامتها .
نحن أول المؤيدين .....وأخر المعارضين...... لإتمام المصالحة التي تؤكد على وحدة القناعات والمواقف .....الخيارات والوسائل ....وأن لا نكون محكومين بالمصالح الفصائلية والوظيفية والوزارية ....والصلاحيات الممنوحة هنا وهناك .....لأن إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة يجب أن يكون في إطار سلطة وطنية واحدة ...وحكومة وحدة وطنية لكل الوطن ....والتمهيد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية باعتبار كل ذلك مدخلا صحيحا لحالة أصابها الاعوجاج ....وامتلأت بالأخطاء .....والي حد الانتهاك بالحقوق .....وإضاعتها ....وإهدارها حتى بات واقعنا يدعو للأسف والحزن الشديد..... بعدم وجود من يتعاطف معنا لأننا ظلمنا أنفسنا إلي الحد الذي أبعد عنا الكثيرين .
وحتى يبقي السؤال المطروح ....هل نحن على طريق العودة لوحدتنا..... حتى نجد أنفسنا من جديد ...ونعزز من مقومات صمودنا .....وحتى نمتلك أدوات تحرير أرضنا ....وحتى نجد من يتعاطف معنا ويساعدنا
الكاتب وفيق زنداح