إما لجهل أو جهالة ... أو محاولة للتجاهل عن قصد أو دون قصد للبعض القليل ... ممن لا زالوا لا يقرؤون صفحات التاريخ ... ويجهلون أعماقه ومماطفاته ... لأنهم بحالة يأس مقصود ... ونسيان معلوم ... وتجاهل واضح وفاضح ... حول تاريخ علاقتنا ... ومدى ترابطنا ... ومدى عمق أواصر العلاقات بيننا ومصر الشقيقة ... التي كانت ولا زالت تمثل بالنسبة لنا ضمير امتنا ... وعزة عروبتنا ... وكرامتنا التي نحرص عليها احتراما ووفاءا لدماء سالت ... وتضحيات قدمت وجثامين شهداء لا زالوا في باطن الأرض التي من أجلها كان الشهداء وسقطت ألاف الأرواح دفاعا عن فلسطين وأهلها .
حقائق التاريخ وصفحاته المضيئة ... وعمقه الأصيل ... لا زالت تتحدث عن مصر الكنانة ... وقاهرة العروبة ... مصر التي لا زالت على مواقف دعمها ومساندتها لقضية شعبنا وحريته واستقلاله .
السياسة المصرية الأكثر وضوحا وثباتا وتأثيرا ... كما أنها الأكثر حرصا على مواصلة جهودها وتنسيقها ودفعها لكافة عوامل الخير لشعبنا وقضيتنا .
مصر الشقيقة لا ينافسها ... ولا ينازعها ... ولا يستطيع أن يقلص من دورها ومكانتها أحد .. لأسباب عديدة وظروف ذاتية وموضوعيه لا يستطيع أن يؤثر بها من يحاولون التلاعب على أوتار هزلية قديمه حديثة ... استغلالا ومحاولة استثمار حالة استثنائية فرضتها ظروف الإرهاب وتداعياته ... وما شهدته المنطقة مما يسمى بالربيع العربي الذي ولد ظروفا قاسية وقهرية بسبب التدخلات ... وتنامي ظاهرة الإرهاب والفكر التكفيري في ظل تقاعس إعلامي وثقافي واقتصادي وديني خيم على سماء المنطقة وجعل منها أرضا خصبة للتلاعب والتخريب وإثارة الفتن والنزاعات .
لا زالت أجيالنا عبر التاريخ تتمسك بمبادئها القومية والوطنية وتتحدث عن عظمة الدور المصري ومكانته وثباته وما قدم لنا عبر عقود طويلة ولا زالت مصر بكل ما تمتلك تقدم لنا مساعدتها وتسهيلاتها ... وتعالج أزماتنا وتسعى جاهدة لإنهاء انقسامنا وترتيب أوضاعنا وتنظيم أولوياتنا ... رغبة صادقة وأمينة... نشعر بها ونتحسس خطواتها وندرك أبعادها .... وهذا ليس من منطلق المجاملة السياسية ... ولم تكن محاولة جديدة ... بل تأكيد لمواقف سابقة وقديمه لا زالت تصدق القول وتؤكد على الحقائق .
مصر التي احتضنت كل فلسطيني وكل عابر سبيل ومهجر بفعل ظروف قهرية ونكبة ألمت بنا وما تلمسناه منذ عهد الإدارة المصرية في عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ونحن نعيش ظروفا مستقرة بفعل إدارة مصرية حريصة على أهل القطاع .
قطاع غزة الذي عاش ظروف الإدارة المصرية ... وأهل القطاع اللذين تعايشوا بحكم الجغرافيا والعلاقات يدركون تماما مكانة مصر وحرصها وعظمة دورها وما قدم لنا عبر عقود بكافة مناحي حياتنا من خدمات ومساعدات تفوق الوصف ولا يتسع المجال لتفصيلها .
مصر التي احتضنت منظمة التحرير وجيش التحرير ... مصر التي قدمت عشرات الآلاف من المنح الدراسية والتي قدمت كافة التسهيلات لتحرك سكان القطاع وإيجاد فرص العمل لهم في منقطة الخليج .
مصر لمن لا يعرفها ... ولمن يتجاهل ويجهل ما قدمته ولا زالت تقدمه ... يحتاج إلى صحوة ضمير ... ويقظة وطنية ... ليعيد بذاكرته تاريخ حافل وصفحات مجد مضيئة لا زالت بعمق التاريخ وصدارته .
مصر التي احتضنت الحوارات الفلسطينية ومن قبلها المؤتمرات والمجالس الوطنية ... مصر الحريصة على وحدة الصف الفلسطيني ومساعيها الحثيثة والدائمة لإزالة كل ما يشوب العلاقات الوطنية الداخلية لأجل توفير ظروف أفضل ... ولتعزيز مقومات القوة والصمود الفلسطيني .
مصر التي حرصت على استضافة جلسات الحوار لإنهاء الانقسام وما نتج من اتفاقيات موقعه لا زالت تبحث عن سبيل تنفيذها ... بفعل قصور هنا وهناك من طرفي الانقسام اللذين لا زالوا يعملون براحتهم ومراوغتهم وعدم حسمهم لأسباب الانقسام وطي صفحته السوداء .
مصر الحريصة على إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية تحتاج الى إرادة فلسطينية جامعه وقادرة على تجاوز خلافاتها ... والاحتكام إلى مصالحها الوطنية ... رحمة بشعبها الذي لا زال يعاني من تبعات الانقسام واثاره .
مصر التي لا زالت تفتح قلبها ... وذراعيها لكافة الفصائل ... من أجل سد الفجوات وتقريب وجهات النظر والدفع باتجاه وحدة الصف وإنهاء هذا الانقسام المعيب والمهين والذي نظلم به أنفسنا ... ونعذب فيه شعبنا ونزيد فيه من همومنا .
مصر التي تفتح أبوابها لتنفيذ بنود المصالحة وإنهاء الانقسام ... وما تتحمله على مدار سنوات طويلة ... يجعلنا أمام موقف المراجعة الحقيقية والتنفيذ الدقيق لكافة بنود الاتفاقيات الموقعه .
فالمصالحة وإنهاء الانقسام لا تحتمل المزيد من الوقت ... كما أنها ليست بحاجة إلى مبادرات من هنا وهناك ... بل أنها بحاجة الى إرادة سياسية صادقة تستجيب لجهد مصري مخلص حتى ننعم بالوحدة ... وحتى نطوي هذه الصفحة السوداء من انقسام مقيت لا مبرر له .
أجيالنا التي تدرك عمق العلاقات مع مصر وما قدمته لنا عبر عقود وسنوات ... تدرك أيضا أن هذا البلد العربي الشقيق هو الأقدر والاحرص على إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام وتعزيز مقومات صمودنا بعيدا عن كافة الأجندات والعواصم ذات المصالح الضيقة ... والتي لم نرى منها إلا طحن الماء ... وتعكير الأجواء ... ونحن لسنا بموقف إضاعة المزيد من الوقت بعد ما يزيد عن عشرة سنوات من الانقسام .
وكل عام وانتم بخير
الكاتب وفيق زنداح