في فهمي أنا الحزب في تعريفه الأوسع هو "أداة عظيمة" لتحقيق الهدف لجماعة من الناس يحمل في رؤيته ورسالته المشتركة بين أعضائه أدوات وأهداف أصغر من الهدف الرئيسي مثل أدوات النضال وآلية العمل داخل الحزب المنبثقة من البرنامج لتحقيق الهدف.
في هذا المقال نتساءل أكثر مما نناقش أو نحلل عن حماس الحزب والنظام الداخلي والهيكلية كأداة لجماعة منظمة لتحقيق الأهداف.
بعد ما شاهدنا تغيير الميثاق وما أطلق عليه تسمية وثيقة لحركة حماس كان د. محمود الزهار الأكثر دقة في تفسير ما حدث حين قال وكتب بالضبط أن التغيير حدث في الأدوات/ الآليات وليس في الثوابت/ المبادئ.
والآن وبعد عشر سنوات من حكم نصف البلد نتساءل حماس إلى أين؟ هل هناك تغيير حادث أو قد يحدث للتناسب بين الأدوات أو الآليات الجديدة والواقع ونحن نلاحظ تغييرا هاما علي قيادة حماس من حيث التدبر وإدارة الحالة الحمساوية بعيدا عن جماعة الإخوان الأم والملاحظ هنا أن قيادة حماس ورئيس مكتبها السياسي أصبحوا علي الأرض الفلسطينية ونلاحظ إضاءات ساطعة في الفترة الأخيرة على قائد التنظيم في غزة يحيي السنوار وما جرى من تفاهمات القاهرة بين حماس ودحلان ومصر وما يشاع من خلافات أو إختلافات في الرأي حولها داخل حركة حماس وهل هناك تغيير حدث في آلية إتخاذ القرار؟
هل تسير حماس نحو المعهود في التنظيمات الفلسطينية الأخرى ليصبح الحزب حزب القائد وليس حزب الجماعة كما تعود الإخوان المسلمين؟
وهل فرضت الثقافة الراسخة في المجتمع الفلسطيني الذي كان ومازال أبوياً ماهيتها على حماس بعد حكمها لقطاع غزة ومحاصرتها وفشلها في إدارة القطاع إقتصاديا وإجتماعيا ونجاحها المحدود في الأمن حيث تزداد المعاناة والتردي الإجتماعي والإقتصادي الذي يغذي كما هو معروف وبالتأكيد إمكانية الفشل الأمني في مرحلة لاحقة؟ وهل لكل تلك الظروف والإنحشارات للتنظيم الحمساوي أثر في إنزياح الحالة التنظيمية من حزب حديدي إخواني مغلق نحو الأبوية وحزب القائد كما أحزابنا الأخرى؟ وهل فعلا الإبتعاد عن الجماعة الأم وعلى ما يبدو هو حقيقي والتحول نحو الوطنية الفلسطينية يستدعي هذا التغيير للتناسب مع الثقافة الوطنية والعربية التي تمركز القائد والزعيم والأمير والرئيس؟
بإحتصار هناك تحولات تنم عن ذلك أولها كما قلنا وجود قيادة حماس العليا في قطاع غزة وثانيا تغيير الميثاق إلى وثيقة أو طرح الوثيقة في حد ذاتها يعتبر تغيير والقبول بما يتم تحريره من الأرض والتوافق وليس الرفض لدولة على حدود العام سبعة وستين والنتيجة التي تحدثنا عنها وهي تفاهمات القاهرة .
والسؤال الكبير هل دجنت حماس بحكم الظرف والواقع المأزوم لتصبح حتى في داخل حزبها وآليات العمل فيه مثل الأحزاب الفلسطينية؟ وبإعتقادي هذا ليس عيبا يؤخذ على حماس فالفصائل والأحزاب الفلسطينية قاومت وقاتلت وأدارت هياكلها التنظيمية فترة طويلة من الزمن بنجاح وذلك الفشل الذي تواجهه الآن ليس فقط بسبب الأبوية التنظيمية بل بسبب السلطة وإلتزاماتها والتي سعت وتسعى لها حماس أيضا.. فحذاري إن أرادت حماس الإستمرار من السعي لإمتلاك السلطة قبل التحرير.
بقلم/ د. طلال الشريف